من الأوراق التي قُدمت في ندوة «التّعددية» التي نظمها المعهد العالمي للفكر الإسلامي بواشنطون عام 1994 ورقة «الدكتور هشام جعفر» من مصر بعنوان «التّعددية من منظور الإسلام» حيث تكوّنت من مجالين: مجال يعرض للأسس العقدية لمفهوم التّعدد والاختلاف في النظرة الإسلامية، ومجال ثانٍ عن ضوابط التّعدد في المنظور الإسلامي. وقد ذكر أنّ التعددية تعني: أولاً: الاعتراف بوجود تنوع في مجتمع ما بتعدد دوائر انتمائه في إطار الهوية الواحدة. ثانياً: احترام هذا التنوع وقبول ما يترتب عليه من خلاف واختلاف. ثالثاً: الوصول إلى صيغة مناسبة للتعبير عن ذلك التنوع بالحرية والحسنى. وكانت محصلة هذه الندوة ما يلي: 1 إنّ التعددية تعني مشروعية الاختلاف في حق الاجتهاد النظري والعملي في صياغة الرؤية وتحديد الأولويات والمواقف. 2 إنّ التّعددية بحاجة إلى تأصيل إسلامي معرفي لبلورة المفاهيم والصيغ المنهجية التطبيقية والندوة محاولة في هذا المجال. 3 إنّ العالم العربي يواجه أزمة حقيقية في قضية التّعدد وبحاجة إلى حل واقعي عملي. 4 لا تناقض بين التعددية والوحدة بل إنّها وسيلة للوحدة أمّا إذا كانت وسيلة للتجزئة كانت الأولوية الأمة في إطار ظروفها وخصوصياتها. 5 إنّ الخيار ليس في الغاء الآخر أو محوه أو عدم الاعتراف به بل الخيار في التعايش معه، والتحاور والمجادلة بالتي هي أحسن. 6 التعددية تنوّع وتكامل في إطار وحدة الأمة وقضاياها المصيرية، وليست وسيلة تناقض واضطراب وفوضى. 7 التّعددية تكون في إطار النسق العرفي الإسلامي وخصوصيات المجتمع العربي المسلم وليس في إطار النسق المعرفي الغربي وخصوصيات المجتمع الغربي. 8 التعددية لها أنماط متعددة ثقافياً واجتماعياً وسياسياً وعرفياً.. وكل نمط من هذه الأنماط بحاجة إلى تأمل ودراسة وصيغة مناسبة. إنّ التعددية ليست إلا الآلية المناسبة في زماننا هذا لضمان الحريات والحقوق الإنسانية في التغيير والاجتماع والمشاركة، وهذه الآليات هي التي وصلت إليها خلاصة التجربة الإنسانية في المجتمعات التي حققت بها قدراً كبيراً من النجاح والتقدم، والتداول السلمي للسلطة دون تسلط جماعة على رقاب البشر باسم الدين والغيرة عليه، وطلب المكافأة على ما قدموا من تضحيات وجهاد في سبيل الدين حسب رأيهم يجب ألا نربط بين التعددية التي مارستها الأحزاب في السودان والتعددية كآلية تقبلها علماء المسلمين ومفكروه من خلال قناعاتهم بأن قضايا السلطة والحكم وترتيباتها ومعالجة القضايا المتعلقة بها إنما هي من باب المتغيرات وقضايا الرأي التي تحكم بالخلفية الحضارية والسياسية والاجتماعية والواقع الذي تعيشه الأمة. فقضية السلطة قضية رأي في ثوابت الدين وقضية الدين ثبات وتسليم، فالمسلمون لا رأي لهم في قضايا العقيدة والوحي والمحكمات من الآيات، ولكن لهم رأي في السلطة السياسية الداخلة في قضية المتغيرات وأمور الدنيا التي نحن أعلم بها وهي قضايا مرتبطة بواقع التجارب العلمية القابلة للإثبات والمحكومة بالزمان والمكان المحددين إنّ الجهل بمعطيات الواقع السياسي ومنطلقات السلطة السياسية في الفكر الإسلامي تجعل البعض يتخبط ويخلط بين مصدر السلطة في العمل السياسي وهو الواقع والرأي ومصدر التشريع في الثوابت والعبادات وهو الوحي الذي هو مجال لايسمح بإعمال العقل والفكر فيه.