حينما استقبلت الحاجة سعاد مجموعة من الشباب وهم يطوفون المنازل من أجل معايدة الأضحى المبارك، كانت تدعو لهم بتحقيق أمانيهم في العام المقبل ولكن احدهم قاطعها وقال لها «أمنيتنا إن نجد وظيفة بعد سنوات التخرج» فردت عليه «إن شاء الله قبل ما تتخرج تكون وظيفتك منتظراك»، فضحك أحدهم وقال لها والله يا حاجة دعوتك سمحة لكن من الصعب تحقيقها وغيرنا تخرج منذ سنوات ولا يزال يبحث عن وظيفة. وعلى الرغم من صدق حديث الأخير هذا إلا إن الأمل لا يزال يسيطر على الكثير من الخريجين الذين يبحثون عن وظيفة حتى وإن لم تكن تتوافق مع تخصصهم، وتذكرت حوار الحاجة سعاد مع الشباب وأنا أتلقى اتصالاً من أحد الشباب الخريجين أيضًا ولكن هذا الشاب له مشكلة ربما تكون معقّدة بعض الشيء، فقد حكى لي عن أسرته التي يعولها والتي تتكون من شقيقاته الثماني واللاتي يدرسن في الجامعة والثانوي والأساس إلى جانب شقيق واحد يدرس في مرحلة الأساس أيضاً، وأصبح أيمن حبيب الله هو العائل الأول لأسرته بعد أن تقاعد والده للمعاش بعد سنوات عمل طوال في مصنع سكر كنانة، فأصبح هو المسؤول عن مصاريف إخوته خاصة بعد تخرجه من قسم اللغة الفرنسية بجامعة السودان، وشح معاش والده الذي لا يفي حتى لمصاريف أبنائه في مرحلة الأساس فقط، فوقع «الحمل» على الابن الأكبر الذي أكمل مراحل دراسته الجامعية ولكن العقبة التي تقف أمامه هي عدم أدائه للخدمة الوطنية التي تعتبر ضريبة أساسية وكذلك من أساسيات إيجاد وظيفة إلى جانب طبعًا«الواسطة القوية»، وهو لا يملك واحدة من الاثنتين ولكنه يحاول تغطية مصارف إخوته بالأعمال الحرة المتقطعة، جاء أيمن للصحيفة وهو يرجو أن يجد وظيفة أو أي مشروع يعول به أسرته دون التأثير على أدائه لضريبة الوطن، حتى يوفر العيش الكريم لوالده وإخوته من أجل مواصلة مسيرتهم التعليمية. وطلب منا أيمن أن نناشد له وزير التنمية البشرية الأخ كمال عبد اللطيف من أجل إيجاد مخرج له وللكثيرين الذين يشابهون حالته هذه من أجل وظيفة أو مشروع يعولون به أسرهم ومن ثم أداء خدمتهم الوطنية التي تعتبر ضريبة واجبة على كل الشباب حتى يسهموا في إخراج أجيال معافاة ومتسلحة بالعلم والمعرفة، ونحن على ثقة بأن الأخ كمال سيجد المخرج لهذه الفئة من شبابنا وإن كان ذلك بتأجيل هذه الضريبة الواجبة عليهم.