من حق حزب الأمة القومي وطائفة الأنصار الاحتجاج بكل الوسائل السلمية والتعبير عن مواقفهم وهذا حق دستوري مكفول لكل مواطن، لكن ليس من حق الحزب لي عنق الحقائق ومحاولة الخروج بتوقيف السيد الصادق المهدي في قضية أمام الأجهزة العدلية ولا علاقة لها بالسياسة، فذلك ليس من مصلحة رئيس الحزب الإمام الغائب «فرج الله كربه»، ولا من مصلحة الحزب أن يزج بجماهيره في مواجهات وصدامات مع قوات الشرطة التي تعاملت مع ما تم يوم أمس عقب صلاة الجمعة على أنه أعمال شغب لا علاقة لها بالتظاهر السلمي. هناك تصريحات صدرت قبل يومين عن قيادات الحزب بينهم نائب الرئيس الفريق صديق محمد إسماعيل، وتوجد إشارات من زعامات أخرى، تتجه كلها إلى كيفية تجاوز الأزمة الراهنة بحكمة وروية وجعل الأمور تمضي في اتجاهها القانوني مع المطالبة بالإفراج عن السيد الصادق المهدي. وقطعت جهيزة قول كل خطيب، كما جاء في تصريحات لوزير الإعلام بأن السيد الصادق سيقدم لمحاكمة، إما أن يكون بريئاً أو يُدان، فلا سبيل للقفز فوق القانون. وفي هذا الصدد تجرى اتصالات غير معلنة كثيفة بدأت خلال اليومين الماضيين لاحتواء هذه المعضلة، وعُقد أكثر من لقاء مع قيادة الحزب، ولم توصد الحكومة أبوابها أمام حزب الأمة لسماع ما عنده، وحتى موقف ابني السيد الصادق «عبد الرحمن مساعد رئيس الجمهورية وبشرى الضابط بجهاز الأمن الوطني» لم يصل مرحلة التشدد التي تحاول فيها بعض الجهات داخل حزب الأمة استخدام الشارع وتهييجه بديلاً للحوار المباشر.. فهناك تفهم وتفاهم بين أطراف كثيرة داخل الحكومة ومع الحزب وأسرة السيد الصادق وأحزاب معارضة لطي هذه الأزمة، التي يمكن أن تنتهي إذا حُصرت في إطارها الصحيح وهو القانون. لماذا نقول لحزب الأمة أن يتعقل ويتعامل بحكمة؟ لأن محاولته تنظيم الاعتصامات والخروج للشارع كانت بائسة، والعدد الذي خرج كان ضئيلاً، ولم تستطع الأمانة العامة وكوادر الحزب أن تحشد وتستقطب لها أعداداً كبيرة من المشاركين.. الأمر الذي ينعكس بشكل مريع على شعبية السيد الصادق واهتمام الناس بقضيته.. ويجب البحث عن وسيلة أخرى أنجع وأسهل من إظهار السيد الصادق بأنه لا مناصر له.. وهذه من أخطاء السياسة!! هل سنصدقك؟! المبعوث الأمريكي للسودان الذي لا يستطيع زيارة الخرطوم دونالد بوث، في حديثه للصحافيين الملتئمين بالسفارة الأمريكيةبالخرطوم أول من أمس عبر الاتصال الهاتفي، زعم أن بلاده عبر قوات المراقبة الموجودة في دولة الجنوب ستتحقق من وجود قوات لحركة العدل والمساواة التي شاركت في الصراع المسلح إلى جانب حكومة جوبا ضد متمرديها. هل يعتقد السيد بوث أننا سنصدق كلامه الذي لا يمت للحقيقة بصلة، فالقاصي والداني يعلم علم اليقين بوجود قوات العدل والمساواة، وكل قوات ما تسمى الجبهة الثورية في دولة الجنوب، وحتى حركة العدل والمساواة نفسها لم تنف ذلك، جزء من قيادات الحركات المسلحة في كمبالا والقوات وقادتها الميدانيون في مناطق الجنوب المختلفة وفي معسكرات مخصصة لهم من قبل انفجار النزاع الجنوبي الجنوبي. هذا لعب على الذقون يقوم به المبعوث الأمريكي لذر الرماد في العيون وخداع الرأي العام، فأمريكا وغيرها لا تحتاج إلى دليل في هذا الصدد وهي وراء تدخل القوات اليوغندية في الجنوب، وهي من يدعم الجبهة الثورية وحركات دارفور عبر جوبا طوال هذه الفترة.. ومن قال إن واشنطون ستحتاج إلى تأكيدات وتحقق من وجود العدل والمساواة عن طريق قوات المراقبة.. فهي لم تكن بعيدة عنهم وتعرف كيف تجمع المعلومات عن كل صغيرة وكبيرة هناك. مؤتمر الإعلام جهود حثيثة تجرى للتحضير لمؤتمر قضايا الإعلام الثاني، وقد حدد له نهاية يونيو المقبل، وهو ملتقى يعنى بتشخيص المشكلات التي تواجه الإعلام ووضع الحلول المناسبة والناجعة لها، والصحافة ركن أساس في هموم ومستهدفات هذا المؤتمر الذي جمع الكثير من القيادات الإعلامية والخبراء في لجنته العليا ولجانه الفرعية. وقضية الصحافة واضحة لا تحتاج إلى كثير حديث، تحتاج إلى تأطير علاقتها بالسلطة من ناحية الحريات والتشريعات التي تكبلها وتمنعها من ممارسة دورها ووظيفتها.. والأمر الثاني المتعلق بصناعتها وهي صناعة تتطلب أن تذلل كل الصعوبات التي تواجهها وتمنع تطورها. ولا يشكل الإعلام الرسمي عقبة كبيرة للحكومة ولا تسعى لبلورة رؤية جديدة عنه، لكن يبدو أن الصحافة التي يتعاظم دورها والإعلام الجديد هو القضية الأساس التي تقلق مضجع الكل بالنظر في اتجاهات الرأي العام وكيفية تشكيله وصناعته. الحكومة لن تستفيد من أية قيود أو تشريعات متعسفة لضبط الأداء الإعلامي وخاصة الصحفي، فهي تحتاج إلى بناء الثقة وتأسيس شراكة بناءة مع الإعلام. الهلال والزمالك والسياسة ألم تر كيف فعلت السياسة بالرياضة وبكل مجالات الحياة في مصر، من كان يصدق أن مباراة اليوم بين الهلال السوداني والزمالك المصري في دوري المجموعات في بطولة الأندية الإفريقية، تجرى بدون جمهور؟ وستكون المدرجات فارغة أفرغ من فؤاد أم موسى!! فمنذ الانقلاب في مصر باتت السلطة تخشى من أي تجمع تحت ذرائع غير مقنعة، تتعلق بالجمهور المصري ومزاجه الذي تحول وعنف الملاعب الذي شهدته مصر خلال السنوات الأخيرة. ما الذي جعل بلداً عظيماً مثل مصر ينحدر إلى هذا الدرك، إلى درجة لا يمكن فيها قيام مباراة تنافسية أمام محبي الرياضة وجمهورها.. لقد جرَّت السياسة كل شيء إلى الحضيض .. ونتمنى انتصار الهلال وعودته غانماً نقاط المباراة الثلاث، وسالماً من بلطجية الملاعب والشوارع.