تظل صناعة الجلود من الصناعات الرائدة في كثير من البلدان التي تتمتع بثروة حيوانية كالسودان، فهي تضخ دخلاً مقدراً في رئة الاقتصاد الوطني، بيد أن العديد من المشكلات تعترض تلك الصناعة وربما تتسبب في كثير من الكوارث التي يصعب علاجها،«الإنتباهة» كانت حاضرة في ملتقى حماية المستهلك بحضور خبراء في مجال صناعة الجلود، والذين طالبوا بضرورة تذليل العقبات وإصلاح بيئة العمل بالمدابغ وإبعادها عن المناطق السكنية، واستخدام مواد حديثة لصناعة الجلود ومعالجة مسألة تصريف مياه المدابغ إلى النيل، فيما شدد رئيس اللجنة الفنية بالمواصفات والمقاييس عوض محمد، على أن يتم إيقاف المدبغة إذا ثبت انبعاث غازات تضر بالمواطن وصحة البيئة، وقال عضو اللجنة الفنية للمخلفات السائلة لصناعة الجلود القرشي عبدالله لدى مخاطبته ملتقى المستهلك الدوري أمس، حول الصناعات البيئية وأثرها «صناعة الجلود أنموذجاً»، إن المواد الضارة في صناعة الجلود تشكل نسبة كبيرة ممثلة في الجير، وأن «500%» منها تذهب للمجاري، وأقر أن المصنع لا يصدق له إلا بضمان معالجة بيئية لعملية الدباغة، ولكن تكون المعالجة صفر لأنها تتجه للإنتاج فقط، ويستخدم لدباغة الجلود الكروم «6» وهي مادة مسرطنة، أما في مرحلة الحلاقة «إزالة الشعر من الجلد» يؤخذ الشعر ويحرق في الكمائن ويتحول الكروم «2» إلى كروم «6» ويبقى الرماد وتأخذه المياه الى باطن الارض للمياه الجوفية فيلوثها وكذلك الانهار، والتي لا تظهر نتائج التلوث بها الا بعد فترة، واضاف القرشي ان الاشكالية في قرب المدابغ من المناطق السكنية، ودعا الى اعادة استخدام المياه الملوثة بعملية الاسترجاع لحماية البيئة، وتوفير كمية المياه بعد التصفية التي توفر «30%» جير و«90%» مياه ، و«30%» من المواد المطهرة. واضاف ان مرحلة التحنيط تعمل تهيئة للجلد عن طريق حامض الفورميد والكبريتيد. ودعا الى ضرورة تغيير الانظمة القديمة. وقال القرشي ان مدابغ منطقة الباقير تُخرج روائح كريهة بالذات في فصل الخريف ودعا لضرورة ابعادها عن المناطق السكنية وإنشائها في مناطق صناعية، وطالب باستخدام مادة توقف انبعاث الروائح الكريهة وإيقاف مسألة وصول مياه المدابغ إلى المجاري. وفي السياق لخّص عضو اللجنة الفنية للأنشطة الصناعية والاستثمارية محمد عبد الماجد، إشكالات صناعة الجلود في سوء التخطيط، وأقر بعدم وجود شبكة صرف صحي عدا خطين إحداهما في الخرطوم تجاوز عمرها «50» سنة وتعمل بنسبة «5%» ، ودعا لتجميع الصناعات المماثلة في مكان واحد بعيداً عن المناطق السكنية، مستشهداً بوجود مصانع غذائية منها مطحن قمح بالقرب من المدبغة، وأشار لتأثير صناعة الجلود على العاملين وإصابتهم بالعديد من الأمراض، وطالب بتشديد الاجراءات والاشتراطات الفنية لحماية البيئة ومعالجة المخلفات للحد من التأثير على المناخ وإبعاد المدابغ بما لا يقل عن «10» الى «15» كيلو متر عن المناطق السكنية، مع توفر البنية التحتية، واقترح ضرورة عقد الجهات المسؤولة عن حماية البيئة اجتماعاً لمناقشة الامر، متسائلاً ان وزارة البيئة تتحصل سنوياً مرتين من اي قطاع لكن اين تصرف هذه الاموال. واضاف ان بعض المسؤولين يعتبرونها بقرة حلوب ولكن سوف يجف الضرع يوماً ما. وكشف الامين العام لغرفة الجلود طه محمد سعيد، عن ان ايرادات البلاد من تصدير الجلود لا تتعدى «35» مليون دولار على الرغم من التهريب وامتلاك ثروة حيوانية ضخمة، وبعض البلاد تصنع منها وجبة غذائية وتستخرج منها الجلاتين، فيما اشار عضو غرفة الجلود الفاتح ابورفاج أن الوضع السياسي اثر على صناعة الجلود. فيما اقر مصدر الجلود مروان عبدالله بان الحكومة رفعت يدها عن صناعة الجلود، وقال ان السودان يمتلك مدابغ غير صديقة للبيئة وشدد على ضرورة عمل مزرعة ومسلخ ومدبغة لضمان سلامة الجلود، وللتنافس في السوق لافتاً انها ثروة قومية، والعائد منها مجزي. وفي ذات السياق اشار عضو ادارة التحكم البيئي خالد شمبول بان صناعة الجلود لها مجموعة اشكالات على الرغم من اهميتها فهي قيمة مضافة للمواطن ترفع من الناتج القومي للمواطن، وكشف عن وجود «17» مدبغة بولاية الخرطوم واقر ان «6» منها تتخلص من مخلفاتها السائلة يومياً عبر شبكة الصرف الصحي مبيناً بأنها مهنة طاردة.