اضطراب الظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد في كافة قطاعات الإنتاج الاقتصادي ساعدت على تفاقم مشكله تهريب المعادن ونجد ان كميات كبيرة من الذهب المنتج داخل البلاد يتم تهريبه بمختلف الطرق سواء كانت عبر الحدود او مطار الخرطوم ونتيجة الى ضعف الرقابة اضافة الى وجود منظمات اقتصادية تمول البحث عن الذهب وتدفع مباشرة للتعدين الاهليثم تسترد نصيبها وتخرجه الى خارج الحدود السودانية، وانتقد عدد من خبراء الاقتصاد قاعدة شراء الذهب داخل الاقتصاد القومي اي العملية الوطنية ووصفوها بالضعيفة نتيجة لانهيار السياسات الاقتصادية او عدم وجودها علي الاطلاق سواء كان في سوق إنتاج الذهب او السلع الاقتصادية الاخرى الامر الذي جعل منتجي الذهب يلجأون الي البيع خارج الحدود ويتلقي بالمقابل دولار ثم يأتي ويبيعه داخل البلاد مقابل أسعار عالية ما ساهم في ارتفاع سعر النقد الاجنبي مقابل العملة الوطنية وقال الخبراء ان المعالجة تكمن في اصلاح السياسات الاقتصادية بصورة كلية. وبالرغم من الأهمية النسبية لقطاع التعدين في زيادة الناتج القومي والايرادات إلا أن هذا القطاع لم تتوفر له دراسات معمقة وشاملة تتناول جوانبه المختلفة المتمثلة في التعرف على مشكلاته وعقباته اضافة الى الخطط التي اعدت والاتفاقيات التي وقعت لتسريع خطى الإنتاج كشفت وزارة المعادن عن تهريب (75%) من إجمالي إنتاج الذهب من التعدين الأهلي والمنظم لعدم ثبات سعر الصرف، ولوجود تسهيلات بدول الجوار لبيعه بدول الخليج. واعتبرت الأمر إهداراً للنقد الأجنبي على الخزانة العامة، وأقرت الوزارة بوجود تهريب مقنن لعينات من المعادن بالأطنان لخارج البلاد، بحجة عجز المعامل الوطنية، وطالب البرلمان الأمن الاقتصادي بتشديد الرقابة على شركات التعدين وإنهاء عقود الشركات المخالفة، بينما أكدت الوزارة وجود (10) شركات فقط منتجة من جملة (111) شركة تم تأهيلها و(43) شركة تعدين صغيرة منتجة من جملة (180) شركة، وأشارت لجنة الطاقة والتعدين في تقريرها أن (70%) من الذهب لا يتم استخلاصه بالطرق التقليدية ويبقى مخلفات، لافته لوجود شركتين فقط مؤهلتين لمعالجة المخلفات من جملة (17) شركة تعمل في مجال المخلفات. بينما اتهم نواب بمجلس الولايات الشركات الأجنبية العاملة في تعدين الذهب بتهريبه إلى الخارج، وأكدوا أنه لا توجد أية رقابة عليها. وقالوا إنها دولة داخل الولاية، وطالبوا خلال مناقشة بيان لوزارة المعادن أمس بمجلس الولايات بوضع قوانين تمكن الولايات من أخذ نصيبها من هذه الشركات التي وصفوها بالظالمة، مطالبين بترسيم الحدود بين ولايتي البحر الأحمر ونهر النيل وإرجاعها كما تركها الإنجليز، في وقت اتهم ممثل كسلا بالمجلس محمود محمد وزارة المعادن بعدم العدالة لتغولها على كرتة الذهب بمناطق التعدين لصالحها، ولمنعها التصرف في الكرتة إلا بإذنها، وأكد أنه لا توجد شفافية في المستخرج من الذهب من قبل الوزارة، وأشار إلى أن الوزارة تضع (20%) من إنتاج الشركات بالمالية، ويقول الخبير الاقتصادي د. عبد الله الرمادي خلال حديثه ل (الإنتباهة) ان تهريب المعادن تفشى بصورة واضحة في هذه الفترة واضاف ان ثلثي المنتج من الذهب يتم بوسطة التعدين الاهلي (العشوائي ) وتصل الكميات المهربه الى 60 70 طن سنويا وما صرحت به الحكومة هو 30 35 طن نصف الكمية الحقيقية يهرب عبر منافذ مختلفة وتتم تصفيته وتشكيله وبذلك تخسر خزينة الدولة عائدات مبالغ طائلة واضاف اذا كانت تهرب 50 طناً من الذهب يفقد السودان مبلغ 2مليار ونصف مليون دولار من النقد الاجنبي خارج من الصادرات ولم يرد في ميزانية المدفوعات واعتبر الرمادي ان ذلك اكبر مبلغ في قاعدة الصادرات للسودان ما يتطلب الاهتمام بحل هذه الاشكالات باعتبارها خطرا يهدد الاقتصاد ويتم ذلك بمعاقبة المتفلتين واغلاق منافذ التهريب وبالتالي يتوفر لميزان المدفوعات نقد اجنبي كبير يغنيها عن المنح الخارجية والودائع وتمكنها من سد فجوة العجز في النقد الاجنبي ويصلح الاقتصاد.