شهدت ولاية وسط دارفور خلال الفترة الماضية زيارات كثيفة من العاصمة الخرطوم بدأت بزياة الفريق أول / عبد الرحيم محمد حسين وزير الدفاع على رأس وفد رفيع المستوى ضم عددا من قيادات القوات المسلحة والقيادات الأمنية، وليس آخرها الزيارة التي قام بها النائب الأول لرئيس الجمهورية الفريق أول ركن/ بكري حسن صالح إلى ولاية وسط دارفور برفقة الدكتور/ التجاني سيسي رئيس السلطة الإقليمية لدارفور والدكتور / أمين حسن عمر مسؤول ملف سلام دارفور والسيد/ وزير الداخلية. إضافة إلى طوافات والي الولاية الشرتاي/ جعفر عبد الحكم المتعددة إلى محليات المختلفة، خاصة تلك التي شهدت صراعات قبلية مسلحة في محاولة منه لإعادة ترتيب الوضع الأمني بالولاية. وبالرغم من كل هذه الزيارات المتكررة والتي تميزت بطابعها الأمني الواضح وما حملته من بشريات لإحلال الأمن وتعزيز القدرات العسكرية الموجودة ودعمها بالعتاد اللازم لمقابلة ظروف الولاية التي شهدت خلال الأشهر القليلة المنصرمة، عددا من أعنف الصراعات القبلية بالإقليم .. إلا أن الأوضاع الأمنية ما فتئت تتصدع من آن إلى آخر متجاوزة كل المبادرات الرامية إلى رأب الصدع بين القبائل المتصارعة. ففي الأيام الماضية تجدد الصراع بين قبيلتي السلامات والمسيرية بمحلية أم دخن مخلفاً عدد من القتلى والجرحى، وفي اتصال هاتفي ل«الإنتباهة» بالأستاذ / عبد الله خميس رئيس المجلس الأعلى للسلم والمصالحات أكد خميس أن المجلس حول ملف الأزمة برمته إلى لجنة أمن الولاية وذلك لخروج الوضع عن السيطرة مما يستدعي التدخل الحكومي بشكله العسكري الحاسم، وأضاف قائلاً «الوضع الآن بيد الحكومة بقواتها العسكرية المختلفة حيث ألزمت كل طرف بحدوده إلى حين إيجاد حل للمشكلة»، وأكد خميس على أن التعزيزات العسكرية البرية الموجودة إضافة إلى القوة الجوية المساندة أفلحت حتى الآن في فرض النظام بالقوة وإلزام جميع الأطراف مواقعهم ريثما تنفرج الأزمة، لافتاً إلى أن المجلس يعكف على القيام بمبادرة بالتنسيق مع الحكومة ينخرط فيها الدعاة وقادة العمل السياسي والمدني عبر عمل توجيهي إرشادي لنزع فتيل الأزمة. وبالعودة إلى تطورات هذه الأحداث فأنه لاتزال الأرقام الرسمية حول أعداد القتلى والجرحى والنازحين غير معروفة لعدم توفر الإحصاءات لتعقيدات مرتبطة بمسرح العمليات الذي يستمر فيه الكر والفر والمباغتة. كما أن حملة اعتقالات واسعة استهدفت عددا من القيادات القبلية الموجودة بزالنجي عاصمة الولاية في خطوة لمحاصرة العمليات العسكرية المتوقع التخطيط لها من عاصمة الولاية. في ظل هذه الظروف الأمنية غير المستقرة وما تحمله معها من تعقيدات معقدة ومترابطة وما خلفت من آثار أمنية واقتصادية بشقيها الزراعي والتجاري أقعدت من تقدم الولاية فضلاً تفتق النسيج الاجتماعي والعشائري وتهديد آفاق التنمية في بلد مقبل على موسم أمطار يعتمد عليه كثير في الزراعة، فإن الوضع يستدعى جهود مضاعفة من والي الولاية وبقية المؤسسات الحكومية والكيانات السياسية والقبلية للنهوض إلى هذه الأزمة ومحاصرة شرارة الفتنة التي تنذر بنتائج كارثية على مستقبل الولاية والإقليم.