كانت يوم 01 رمضان 8 ه، غزوة فتح مكة، كانت في شهر رمضان المبارك توجه الرسول لفتحها سنة 8 ه، وسبب هذه الغزوة أن الرسول صلى الله عليه وسلم عندما وقَّع مع قريش صلح الحديبية كان من بنود هذا الصلح ومعاهدته أن من أحب أن يدخل في عقد محمد صلى الله عليه وسلم دخل فيه ومن أحب أن يدخل في عقد قريش وعهدهم دخل فيه وأن القبيلة التي تنضم إلى أي الفريقين تعتبر جزءاً من ذلك الفريق، وأي عدوان تتعرض له من تلك القبائل يعتبر عدواناً على ذلك الفريق. وحسب هذا البند دخلت قبيلة خزاعة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ودخلت قبيلة بني بكر في عهد قريش وصارت كل قبيلة في أمان من الأخرى وقد كانت بين بكر وخزاعة توترات في الجاهلية وثأرات قديمة وأرادت بكر أن تغتنم الهدنة لصالحها وأن يصيبوا من خزاعة ثأراً قديماً وأغاروا على خزاعة ليلاً وأصابوا منهم رجالاً وأعانت قريش بني بكر بالسلاح وقاتل رجال من قريش مع بني بكر ليلاً مستغلين ستر الليل لهم إلى أن حازت خزاعة الى الحرم. وبهذا تكون قريش قد نقضت بند هذا العهد جملة وتفصيلاً. وقد أسرع عمرو بن سالم الخزاعي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبلغه الخبر فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم «نُصرت يا عمرو بن سالم». أبو سفيان يشعر بخطورة نقض هذا العهد ويتوجه إلى المدينة إلى تجديد العهد وإصلاح ما خرب ولكن دون جدوى ولما وصل المدينة دخل على ابنته أم حبيبة طوت عنه فرش رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالت له أنت رجل مشرك نجس ومنعته من الجلوس عليه وقابل الرسول فلم يرد عليه وكذلك أبوبكر وعمر وعثمان كلهم أعرضوا عنه. وقد أخفى الرسول أمر هذه الغزوة وأمر بالتكتم الى الجهة التي خارج لها إلا أن كثيراً من الناس لمقابلة عمرو بن سالم الخزاعي له علموا أنه سيتوجه بهم إلى مكة فأخبرهم بأنه سائر بهم إلى مكة وقال «اللهم خذ العيون والأخبار عن قريش حتى نبغتها في بلادها». حاطب بن أبي بلتعة يكتب لقريش كتاباً يخبرهم بأن الرسول متوجه إليهم ويرسله مع امرأة تجعله في قرون شعرها. الله يكشف للرسول خبرها ويرسل علياً والمقداد والزبير بن العوام وأبا مرتد الغنوس واطلقوا خيلهم في إثرها وأتوا بالكتاب. والرسول يقول ما هذا يا حاطب؟ ويرد حاطب بأنه مؤمن بالله ورسوله وما ارتددت وما بدلت ولكني كنت ملصقاً في قريش ولست منهم ولي قرابات وأهل بينهم أردت أن تكون لي يد معهم يحمون بها قرابتي، ونزلت الآية من 1 9 من سورة الممتحنة في حاطب عمر يريد قتل حاطب والرسول يقل له «انه قد شهد بدراً وما يدريك يا عمر لعل الله قد اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم قد غفرت لكم. الجيش من المدينة يتحرك بقيادة الرسول لعشر مضت من شهر رمضان المبارك سنة 8 هجرية وعدده عشرة آلاف من الصحابة واستخلف الرسول عليها أبا ذرالغفاري ولما وصل الجمعة قابلهم العباس بن عبد المطلب بأهله وعياله مسلماً مهاجراً للمدينة وكذلك قابله بالأبواب لقبه أي الرسول ابن عمه أبوسفيان بن الحارث وابن عمته عبد الله بن ابي أمية وكلهم مهاجرون إلى المدينة والجيش ينزل بالظهران المسمى الآن بوادي فاطمة ومن وادي فاطمة توجه الجيش إلى ذي طوى ومنها يدخل مكة ويجعل الرسول قادة ويقسم عليهم الجيش وهم خالد بن الوليد والزبير بن العوام وابوعبيدة وقد واجه خالد بن الوليد مقاومة من سفهاء قريش وهزمهم وتقدموا وأصبح خالد يجوش بجيشه حتى قابل الرسول على الصفا والزبير تقدم حتى نصبها على الحجول. والرسول صلى الله عليه وسلم يدخل المسجد الحرام والمهاجرون والأنصار يحيطون به وأقبل إلى الحجر الأسود فاستلمه ثم طاف بالبيت وفي يده قوس وحول البيت ثلاثمائة وستون صنماً فجعل يطعنها بالقوس ويقول «جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقاً» 8 الاسراء والأصنام تتساقط على رؤوسها وكان صلى الله عليه وسلم طوافه على راحلته ولم يكن محرماً. ودعا عثمان بن طلحة وعنده مفتاح الكعبة ففتحت له ودخلها وأزال بداخلها من صور بدعية ورد المفتاح إلى عثمان ودعا له بالخير. جموع قريش تملأ المسجد تماماً منتظرين ماذا يفعل بهم وإن كان عند دخوله مكة قال لهم من دخل داري أبي سفيان فهو آمن ومن أغلق عليه داره فهو آمن ومن دخل المسجد الحرام فهو آمن. وقد اهدر دم ثمانية رجال وست نسوة ومن الثمانية كعب بن زهير وقصته مشهورة حتى لو تعلقوا باستار الكعبة يقتلون وأخيراً عفا عن كثير منهم. وخطب فيهم قال يا معشر قريش إن الله قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية وتعظمها بالآباء الناس من آدم وآدم من تراب ثم تلا هذه الآية: «يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير» 31 الحجرات لا تثريب عليكم اليوم ثم قال: «يا معشر قريش، ما ترون إني فاعل بكم؟ قالو: خيراً أخ كريم وابن أخ كريم قال: «فإني أقول لكم كما قال يوسف لاخوته لا تثريب عليكم اليوم اذهبوا فأنتم الطلقاء». ومن هنا يتجلى لنا حلم الرسول صلى الله عليه وسلم فقد كان كما قال عنه الله رؤوف رحيم بالمؤمنين وغير المؤمنين إن الذين عفا الآن عنهم لم يؤمنوا به بعد وكان إذا مرت جنازة يهودي الى المقابر يبكي ويقول نفس فلتت مني إلى النار ولم تؤمن بي كي تدخل الجنة، وهؤلاء القرشيون نفس القوم الذين عندما خرج للطائف فعلوا به ما فعلوا ولم يكرمه إلا أجير نزيل عندهم عامل من نينوى قرية سيدنا يونس عليه السلام، وقال له ملك الجبال لوشئت طبقت الأخشبين عليهم أي على أهل مكة والطائف معاً ويقول له لا عسى الله أن يخرج من أصلابهم من يعبد الله تعالى. ولم يدخل مكة يومها إلى أن استجار بالمطعم بن عدي ولبس السلاح أي المطعم وادخله مكة وصار أبوجهل يقول للمطعم من استجار بك لا شأن لنا به فهو آمن وفي النهاية من اطلق سراحهم صاروا ائمة وقادة فتحوا البلدان وبلغوا دين الاسلام. وبعد الفتح صلى صلاة الشكر لله تعالى لهم وجلس على الصفا يبايع الرجال بعد أن تبين الحق من الباطل ولما فرغ من بيعة الرجال أخذ في بيعة النساء وهو على الصفا وعمر على اسفلها يبايع النساء «يبايعكن على ألا تشركن بالله شيئاً ولا تسرقن ولا تزنين ولا يقتلن اولادهن. فقالت هند بنت عتبة أو تزني الحرة وعند ما قال ولا يقتلن اولادهن قالت ربيناهم صغاراً وقتلناهم كباراً تعني قتل ولدها حنظلة بن أبي سفيان يوم بدر ولا يأتين ببهتان يفترينه. وهناك أصنام خارج مكة كاللات والعزى ومناة كلها أرسل لها من كسروها وأزالوها. نتيجة ما بعد فتح مكة 1) ان مكة أي أهلها قريش كانوا حصناً وسداًَ منيعاً من يدخل أهل الجزيرة قاطبة في الاسلام وبعد فتحها ودخول قريش في الاسلام كل قبائل الجزيرة العربية دخلت الاسلام إلا بعض في الشام كانوا تبعاً للروم. 2) حتى ان العام الذي تلى فتح مكة سمي بعام الأفواج أي الوفود كل قبيلة جاءت بشيخها يقود فوجها ووفدها معلنين الدخول في الاسلام وفي القرآن الكريم سورة كاملة عن ذلك أي قبل أن يفتح الرسول صلى الله عليه وسلم مكة. «إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجاً فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان تواباً» وهي السورة رقم «011» من ترتيب المصحف.