اشتياق الكناني: ان الكثير من المحلات اتخذت نظام البوفيه المفتوح الذي يعمل به في الفنادق الكبرى، وترحب بالمواطنين يأكلون منه ما يريدون مقابل مبلغ محدد، وفي البوفية العديد من اصناف الأطعمة والحلويات المختلفة في السعر، واصحاب المحلات يقولون للمواطنين: كل ما تشاء مقابل مبلغ مادي متفق عليه دون تحديد للطعام، فهل يأكلون ما يريدون من الأطعمة مهما ارتفعت اسعارها عن المبلغ الذي سدده لأصحاب المحلات؟ هل هذا الطعام حلال ام حرام؟ هذه الاسئلة التي تبحث عن إجابات من المواطن الذي يأكل اطعمة وحلويات تفوق في كمياتها واسعارها المبلغ الذي سدده للمحل او الفندق. العين تأكل قبل المعدة: شهدت مطاعم ومحلات وفنادق «5» نجوم في العاصمة الخرطوم نوعاً من عدم اقبال الناس عليها في بوفيهاتها المفتوحة مما جعلها تبحث عن حلول بديلة وخاصة في شهر رمضان الذي مازال في بداية الاسبواع الاول منه، وشعارهم تقديم طعام ينتمي الى مختلف ثقافات العالم حتى تستطيع ان تستقطب عدداً كبيراً من ابناء الجنسيات المقيمة في الخرطوم. وتدفع طريقة عرض الوجبات للفرد بتحديد الطبق الرئيسي للفرد وتحديد سعره الذي بلغ في فندق «5» نجوم «500» الى «700» جنيه مع توفير فنان وبقية المشهد يترك لك الطعام مثل الكومة، ومما يشد الانتباه اكثر هو ترك كمية كبيرة من الطعام يكون مصيرها سلال القمامة. وفي الضفة الاخرى تشهد مدينة ام درمان بمطعمها الشهير بتقديم وجبة السمك باعتبارها الوجبة الرئيسة، تقديم بوفيه مفتوح بسعر «200» جنيه مع فنان للفرد الواحد واعتماد صنف سوداني اصيل «العصيدة» كطبق رئيس دون خلط اطعمة اخرى ونكهات متناقضة. ويشعر خالد ابراهيم وهو من الزبائن المخلصين للبوفية المفتوح بالامتعاض الشديد من أن بعض المحلات تعمد الى سكب كميات كبيرة من الاطعمة التي لا يرغب المواطن في تناولها، ويعتقد ان البوفيه المفتوح فرصة لتعويض ما دفعه من ثمن الطعام المقدم له ولاسرته، ويرى من حقه سكب الكمية التي يريد ومن واجب المطعم تلبية رغبته، ويشير الى ان بعض المواطنين يتدافعون إلى بعض المطاعم التي تترك كميات كبيرة من الاطعمة في البوفيه المفتوح مع زيادة الاسعار بين كل وقت وحين على حسب اقبال المواطنين عليه. مطاعم الغلابى: وفي السوق الشعبي ام درمان تفتح سعاد عبد الله صاحبة مطعم شعبي اوانيها لتقديم وجبة الافطار، وقالت إن الأسعار ارتفعت بسبب ارتفاع المواد الاساسية في اعدادها وتجهيزها، لذا سعر وجبة الافطار عندها بلغ «80» جنيهاً وانها لم تسمع بالبوفية المفتوح وانما تقدم المائدة السودانية المعروفة في شهر رمضان بعيداً عن متغيرات السوق. ان العصيدة والقراصة هي الوجبة الأكثر منافسة لهم، الا ان المطعم الشعبي ظل يشهد اقبالاً من المواطنين عليه. وان معظم زبائنها من العاملين في السوق والسواقين واصحاب محلات الالكترونيات. وقالت ان المطاعم الحديثة معظم زبائنها من الطلاب والموظفين، لذلك تحافظ المطاعم الشعبية على تميزها في تقديم وجبة الافطار لزبائنها. جاد الله قاسم «صاحب مطعم جدو» الشعبي، قال إنه سمع بها الا انه من خلال الايام التي مضت لشهر رمضان وجد ان الوجبات السودانية الشعبية تشهد ازدحاماً عليها في المطعم، وحتي المقيمين في الخرطوم يفضلون تناول الأكل السوداني خاصة العصيدة والقراصة، بجانب المشروبات السودانية مثل الحلومر والتبلدي والكركدي، الا انه بعض الزبائن يتساءلون عن اندية المشاهدة المتوفرة لمشاهدة المونديال، وربما هو السبب الذي يمكن ان تستخدمه المحلات الكبيرة والفنادق والمطاعم الحديثة، بجانب الترفيه والوجبات الدسمة في اندية المشاهدة . ويبقي الاكل الشعبي الاكثر رغبة عند الجميع. مبدأ التكافل: رمضان شهر رحمة، وتعود المجتمع السوداني ان يبعث حالة من التكافل الاجتماعي وبتعزيز مبدأ التكافل كمبدأ ديني وقيمة اجتماعية، هكذا ابتدرت هالة حسين «طالبة» حديثها مشيرة إلى ظواهر التقليد لفكرة البوفية المفتوح التي ينقلها صاحب المحلات والمطاعم للمجتمع السوداني، وقال إنها تشهد حالة من السخرية والغضب، فهل الاكل في رمضان هو مبدأ الصيام ! أم هو مبدأ التكافل؟ اذ يوجد عدد كبير من الشعب السوداني من أصحاب الدخل المحدود ومن يحتاجون للمساعدة في تخفيف اعباء المواد الاستهلاكية، والفقراء والمتعففون هم السواد الاعظم من اهل السودان. والتكافل الاجتماعي مبدأ اجتماعي وقيمة اجتماعية يحض عليها الاسلام وتعزز بين الغني والفقير والبعيد والغريب. وبذلك يتحقق مصدر قوة الفرد والاسرة والمجتمع عبره، وليس بالنزهات والبوفيهات والترفيه مع الاصوات الغنائية. ورمضان شهر رحمة ومغفرة وعتق من النار فمن يغتنم الفرصة. آدم جعفر «عامل بناء» قال: البوفيه المفتوح فيه بعض الاستهلاك اليومي للمواد الغذائية في رمضان ... ولو أجد مبلغاً من المال مثل «200» جنيه هل اصرفه في اكل ليلة واحدة، ام في احتياجات تكفي جميع افراد اسرتي، وتلك المطاعم والبوفيهات لديها زبائنها وهم من الموسرين فلن تنقص منهم شيئاً اذ صرفوا تلك المبالغ في ليلة واحدة. وأجمل مافي رمضان هو الافطار في الطريق مع الجميع وفيه الأكل الذي نعرفه ونستسيغه وغير ذلك لا يهم. الصيام الروحي ما بين سخرية وغضب الكثيرين من مسألة البوفيهات المفتوحة في شهر رمضان والمبلغ الذي تدفعه مقابل ما تتناوله، تبقي مسألة الفتوى التي تتعلق به.. مسألة البيع والشراء وليس الأكل ... يوضح لنا عمر سامح «موظف» لأن المسألة ارتبطت بثقافة غذائية وخدمة يستطيع بها صاحب المحل او الفندق استقبال اعداد اكبر من الزبائن لمطعمه، ويعتبر شهر رمضان هو بوابة الاقبال على الاكل من الجميع، لذلك يروجون لمأكولاتهم عبر البوفيه المفتوحة. ويبقى شهر رمضان رحلة روحية تقطعها عبر الذات الملكوت الرحمة وليس عكس ذلك . هل هذه الفتوى اصبحت إلزاماً وعلى كل مسلم ان يحترم هذه الفتوى، ام هي اجتهاد ويشكر عليه؟ ويجب ألا نتعامل مع الامر بسخرية او بغضب لأنها تتعلق بالبيع والشراء وليس الأكل. هل البوفيه المفتوح حرام شهدت المملكة العربية السعودية جدلاً حول قضية البوفيه المفتوح حلال ام حرام بين عدد من علماء المملكة. اذ حرمه في فتوى الشيخ صالح الفوزان، بينما رد على تحريم الفوزان امام وخطيب المسجد الحرام الشيخ سعود الشريم في فتوى اجاز فيها البوفيه المفتوح، وفي الوقت نفسه دعا الى مراعاة حق العلماء وانزالهم منازلهم، وذلك بعد الانتقادات التي وجهت لتلك القضية. وقال الشريم في حكم البوفيه المفتوح: ليس عيباً على العالم ان يفتي فيه، فلكل سؤال جواب عن مدار الخلاف حول من أجاز البوفيه وقول من حرمه، هل هو الجهالة المتحققة في هذا البيع ام لا؟ لأن النبي نهى عن بيع الغرر. ومن تأمل المسألة وجد ان الثمن معلوم والطعام معلوم، وفي الغالب انه يعلم مقدار اكله ولا تضره جهالة يسيرة يصعب التخلص منها في غالب الأحيان. وكان الشيخ صالح الفوزان وهو عضو اللجنة الدائمة للافتاء قد افتى يوم الثلاثاء الماضية بحرمة البوفيه المفتوح الذي تقدمه المطاعم، وان اي أكل يأكله المرء ما شاء يدفع مقابله مبلغاً معيناً من المال، واعتبر ان العرض دون تحديد للطعام مجهول ولا يجوز. واشار الى ان البوفيه المفتوح ادق في معرفة المبيع من الطلب المعتاد الذي يجيزونه، فقد يطلب صحن ارز مثلاً وهو لم يشاهده ولا يدري هل يعجبه ويشبعه ام لا.