ظل نائب رئيس الجمهورية السابق الحاج آدم يوسف يردد أكثر من مرة ضرورة ان يتنحى كل من عمل دورتين بالجهاز التنفيذي او داخل الوطني. مطالبة الحاج آدم جاءت بعد التعديلات الاخيرة، التي خرج فيها علي عثمان ونافع والحاج آدم، وبغض النظر عن الظروف التي خرج فيها اولئك الصقور، الا ان اي مراقب يلحظ ان المؤتمر الوطني، غير مكترث لخطوة ازاحة قيادات الصف الاول، بدليل تعيين الفريق اول عصمت عبد الرحمن وزيراً للداخلية، فالرجل ان لم يكن «مؤتمر وطني» فإنه عمل في القوات المسلحة حتى وصل رتبة الفريق اول وهي ما تعادل عشر دورات في العمل المدني. «2» ظلت معظم مراكز البيع المخفض التي اعلنتها ولاية الخرطوم، بوابة جديدة للتجار الجشعين والمنتفعين، بسبب عدم الرقابة، فاصبح ليس هناك فرق بين تلك المراكز والسوبر ماركت، رغم ان المراكز حكومة الولاية تقدم لها كثير من التسهيلات واعفاء من الضرائب، فضلاً عن مواقع مميزة بالطرقات. كثير من التجار اصبحوا لا ضمير لهم، يأكلون اموال الناس، كما الطفل الذي يتلذذ بالشكولاتة. على والي الخرطوم والجهات ذات الصلة فرض رقابة شديدة على مراكز البيع المخفض، وذلك من خلال اتيام شرطية أو غيرها، ومحاسبة كل من يستغل تلك المراكز لمصلحته الخاصة، لا تحددوا ارقاماً للاتصال بها والتبليغ عن أي مركز غير ملتزم بالضوابط، كثير من الارقام التي حددتها جهات خارج الخدمة او لا تجد من يرد عليك. «3» مرت الأسبوع الماضي الذكرى الخامسة والعشرون لثورة الانقاذ الوطني، دون ان يتم الاشارة لها من اي مسؤول بالسلطة، معظم الصحف اهتمت بالحدث، في شكل تقارير او حوارات، لكن حديث عضو مجلس قيادة الثورة صلاح كرار في احدى الصحف كان الاقوى. كرارا قال ان الانقاذ اكلت بنيها، ومن هم في الساحة حالياً ابناؤها بالتبني، وعبر عن ميوله لمن ولوا وجوههم شطر المؤتمر الشعبي حيث قال ان من ذهبوا للمنشية اكثر صدقاً ممن يمموا وجوههم ناحية القصر. ومن قبل عبر الترابي عن ذات المعنى حينما قال: كثيرون من بداخل الحكومة قلوبهم معنا لكن جيوبهم هناك.. ثورة الإنقاذ ذابت في هذه الاجواء المتلاطمة، فما بين الوثبات وحكومة القاعدة العريضة وغيرها من المسميات تلاشت تدريجياً ثورة الإنقاذ وتلاشى رموزها ولم يبق منهم الا الرئيس البشير، فإن تم ترشيحه في الانتخابات القادمة فإن رمزية الثورة ستظل وان لم يترشح فإن ثورة الانقاذ تكون قد تلاشت، ولم تبق الا ذكراها للموالين بحسناتها وللمعارضين بسيئاتها. «4» أحزاب المعارضة وجدت لها حجة واضحة اهداها لها الوطني لمقاطعة الانتخابات القادمة بتعديل واجازة قانون الانتخابات، وبذلك يكون المؤتمر الوطني قد اعاد نفس سيناريو الانتخابات السابقة، لتعود الساقية تدور من جديد.. المؤتمر الوطني في الفترة الاخيرة تغيرت لهجته وتصرفاته مع احزاب المعارضة، فبعد ان وديعاً وليناً يزور الاحزاب في دورها ويتحاور معها، اصبح يتعامل معها بغلظة، وفي السابق كانت تصريحاته غير جارحة وبها شيء من الدبلوماسية، وكان الوطني يقول انه لا يقبل بحكومة انتقالية لكنه يقبل التفاوض حول القومية، اليوم لم يعترف بالنقاش لا حول القومية ولا الانتقالية، فضلاً عن حادثة طرد رئيس البرلمان الفاتح عز الدين لزعيم كتلة المعارضة اسماعيل حسين، كلها تصرفات وأقوال تنم عن نية الوطني التراجع عن الحوار. «5» القوات المسلحة هذه الايام في نشوة بالغة وروح معنوية عالية للانتصارات التي حققتها في مسارح العمليات بجنوب كردفن ودارفور.. معركة القبة التي وقعت الأسبوع الماضي بمحلية كتم بشمال دارفور وقتل فيها علي كاربينو تعد الابرز، فكاربينو عرف عنه انه من اشرس المقاتلين، في المنطقة، وله كاريزما عالية في السيطرة على قواته، وتكتيك وخطط كثيراً ما ازعج بها الحكومة، فبمقتله وتشتيت قواته تكون الحكومة قد سيطرت على مساحة واسعة في محلية كتم كان من خلالها كاربينو وقواته يرعبون الاهالي ويفرضون عليهم اتاوات. ومعروف ان ابرز قادة حركة تحرير السودان في بواكير نشأتها هو عبد الله ابكر حيث كان قائداً شرساً وقتل ايضا في محلية كتم في عام 2003م، والضربات السريعة والخاطفة التي الحقتها القوات المسلحة بالمتمردين جعلتهم يشككون في ما بينهم، حيث شهدت كاودا حالة من الذعر وسط اعتقالات طالت عدداً من منسوبي الحركة لاتهامهم بالعمل او التجسس لصالح القوات المسلحة. «6» قضية الأقطان من اكثر قضايا المال العام التي شغلت الرأي العام كثيراً، وذلك لأن قيمة الاموال بالدولار واليورو والاسترليني والجنيه التي يتم تداولها بالمحكمة يشيب لها الرأس، لكن عدم الفصل في القضية التي دخلت المحكمة قبل حوالى عامين، فضلاً عن سحب الجهاز القضائي لملف القضية الاسبوع الماضي، يثير عدة تساؤلات حول مجريات سير القضية. وقضية الاقطان تمثل تحدياً حقيقياً امام الحكومة لمكافحة الفساد، فالمتهمان الاول والثاني لديهما نفوذ واسع وعلاقات مميزة مع قيادات الحكومة والمؤتمر الوطني، واذكر انه خلال التحري ان احد المتهمين العشرة في القضية، حينما سئل عن اموال في القضية، قال انه تبرع بمليار جنيه للمؤتمر الوطني. «7» بعد التطورات الأخيرة التي شهدتها الساحة السياسية في اعقاب الاعتقال والافراج عن الصادق المهدي، ظلت هناك حالة من الغموض تكتنف موقف حزب الامة من الحوار، فداخل الحزب تسمع ان الحوار تم تجميده، ولسان آخر يقول ان الحزب لم يجمد الحوار بل جمد مشاركته في آلية «7+7»، بينما يصرح الوطني بملء فيه بأن حزب الأمة مستمر في الحوار ولم يجمد نشاطه.. نريد بياناً رسمياً من حزب الامة القومي بعيداً عن الرمادية التي ظل يتعامل بها في كثير من المواقف التي لا تحتاج للوقوف في منطقة وسطى، فقد انتهى زمن مسك العصا من النص، فالمرحلة المقبلة تتطلب الجرأة والوضوح، ومن لم يكشف عن حقيقته يتهم بالتوقيع على صفقة ما أو ربما يكون قبض تحت التربيزة.