وزير التربية ب(النيل الأبيض) يقدم التهنئة لأسرة مدرسة الجديدة بنات وإحراز الطالبة فاطمة نور الدائم 96% ضمن أوائل الشهادة السودانية    النهود…شنب نمر    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (ألف ليلة و....)    "المركز الثالث".. دي بروين ينجو بمانشستر سيتي من كمين وولفرهامبتون    منتخب الضعين شمال يودع بطولة الصداقة للمحليات    ندوة الشيوعي    الإعيسر: قادة المليشيا المتمردة ومنتسبوها والدول التي دعمتها سينالون أشد العقاب    "قطعة أرض بمدينة دنقلا ومبلغ مالي".. تكريم النابغة إسراء أحمد حيدر الأولى في الشهادة السودانية    د. عبد اللطيف البوني يكتب: لا هذا ولا ذاك    الرئاسة السورية: القصف الإسرائيلي قرب القصر الرئاسي تصعيد خطير    سقطت مدينة النهود .. استباحتها مليشيات وعصابات التمرد    الهلال يواجه اسنيم في لقاء مؤجل    عثمان ميرغني يكتب: هل رئيس الوزراء "كوز"؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    من رئاسة المحلية.. الناطق الرسمي باسم قوات الدعم السريع يعلن تحرير النهود (فيديو)    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    والد لامين يامال: لم تشاهدوا 10% من قدراته    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    ارتفاع التضخم في السودان    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المياه.. فشل سياسة وإدارة..!!«3»..د. هاشم حسين بابكر
نشر في الانتباهة يوم 06 - 07 - 2014

في بواكير تسعينيات القرن الماضي انعقد اجتماع بخصوص الهيئة القومية للمياه وكان الغرض من الاجتماع تنظيم إدارة المياه، وقد تم طرح إنشاء هيئة للاستثمار في مياه الشرب، وقد اعترضت على المبدأ، الاستثمار في مياه الشرب وذكرت فيما ذكرت طالما أن هناك مياه شرب يجب أن تكون هناك مياه صناعة ومياه زراعة ومياه للاستخدامات الأخرى، وهذا التصنيف غير موجود، ولو كان هذا التصنيف موجوداً لما كانت هناك مشكلة مياه بهذه الدرجة..!!
والمعروف في كل العالم هو تصنيف المياه، فمياه الشرب أكثر المياه تكلفة فاللتر الواحد منها يكلف في تصنيعه الكثير الذي لا يقدر عليه المواطن البسيط، كما أن المواطن يستهلك من مياه الشرب في أكثر الأجواء حرارة ما بين ثلاثة إلى أربعة لترات في اليوم، وإذا اعتبرنا سكان السودان بشماله وجنوبه ثلاثين مليوناً في ذلك الوقت لكفت محطة واحدة من محطات المياه في الخرطوم كل أهل السودان..!
وأضفت إلى ذلك أن الاستثمار الحقيقي يكون في مياه الصناعة والزراعة ومياه الاستخدامات الأخرى التي لا تحتاج لعمليات التكرير المكلفة، فالصناعة لا تحتاج إلى مياه معالجة بالشب والكلوريد وغيرها من المواد الكيميائية غالية الثمن، تبريد الماكينات لا يحتاج لمياه معالجة بنفس المعالجة التي تعالج بها مياه الشرب، لأن الماكينات لن تصاب بنزلات معوية أو فشل كلوي..!!
كما أن صناعة المواد الغذائية والأدوية تحتاج لنوع آخر من المياه تقوم هي بإعداده فمياه الشرب وإن كانت نقية لن تصلح لصناعة المواد الغذائية والأدوية..!!
وأضفت أن إدارة المياه يجب أن تحسب كم حاجة مياه الشرب وكم هي حاجة الصناعة وحاجة الزراعة وحاجة الاستخدامات الأخرى وعليها أن تنشئ خطوطاً لكل أنواع هذه المياه..!!
تصنيف المياه شرب وصناعة وزراعة يقلل من المواد المستخدمة في تكرير وتنقية المياه بنسبة عالية ربما وصلت إلى أكثر من ثمانين في المائة..!!
نأخذ مثلاً الخرطوم محطة سوبا تنتج «100» ألف متر مكعب ومحطة بحري التي لا تعمل حتى الآن يبلغ إنتاجها «300» ألف، محطة المنارة «200» ألف، جبل أولياء «68» ألف وتعمل بطاقة «40» ألف محطة شمال بحري «50» ألف ، بري «24» ألف يجري توسيعها لطاقة «85» ألف محطة المقرن «90» ألف بيت المال «30» ألف وأبو سعد «200» ألف..
كل هذه المحطات وغيرها تنتج مياه شرب أغلبها يذهب للصناعة والزراعة والاستخدامات الأخرى، كم يصرف على هذه المياه في حين أن محطة واحدة بسعة محطة سوبا يمكن أن تغطي كل احتياج الخرطوم من مياه الشرب، وتصبح بذلك مياه نقية وصالحة للشرب وبتكلفة أقل بكثير إذ يتم صرف مئات الملايين من الدولارات في السودان لمعالجة المياه والطلب العالي للكيماويات يفتح المجال لادخال كيماويات فاسدة الأمر الذي حدث بالفعل، والآن تكتظ مخازن هيئة مياه الخرطوم بعدة آلاف من هذه الكيماويات ولا تدري ماذا تفعل بها لأن إبادتها والتخلص منها يكلفان أكثر من قيمتها وهي صالحة..!!
وبسبب عدم وجود تصنيف للمياه ارتفعت قيمة المياه، هذا بالاضافة إلى عدم وجود تقديرات ودراسات تحدد الحاجة لمياه الشرب ومياه الصناعة والزراعة والاستخدامات الأخرى..!!
هذا إلى جانب استنزاف المخزون الجوفي في الولاية والذي بلغ السحب منه ما يقارب المائة مليون متر مكعب، وهذا السحب غير المرشد أدى إلى نزول المستوى الاستاتيكي «Static water level» بصورة مخيفة، واضرب مثلاً في ستينيات القرن الماضي كان ذلك المستوى ستين قدماً أما اليوم فهو ثلاثمائة وستون هذا في شمال الخرطوم..!!
فالسحب من المخزون الجوفي لا يوازي التغذية وهذا ما جعل الحفر عميقاً الأمر الذي يزيد في تكلفة الصناعة والزراعة وحتى في مياه الشرب..!
هذا الوضع سببه عدم وجود قانون يحمي الثروة المائية والتي هي من أعز الثروات. في ذات يوم انفجرت ماسورة المياه أمام منزلي وذهبت وأبلغت عن الأمر، فأتى عمال الهيئة وتم الحفر وإذا بي افاجأ بأن الماسورة الرئيسية من مادة الاسبستوس المحرم استخدامها دولياً وكما هو معروف ان الاسبتوس مادة سامة..!! وأمر آخر هو أن العاصمة تتوسع بشكل غير منتظم ولا تجد إحصائية دقيقة لعدد سكانها فالنزوح إليها مستمر وأهم أسباب ذلك النزوح هو شح المياه وفترات الجفاف والتصحر، وبهذا تصبح المدن وخاصة الخرطوم مدناً متريفة أي أصبحت العاصمة ريفاً ولعل أكثر مهنة يمارسها النازحون هي بيع المياه في العاصة المثلثة..!!
وعدم وجود إحصائية دقيقة لعدد السكان والمصانع جعل بجانب النزوح المستمر على العاصمة جعل من امدادها بالمياه أمراً أقرب إلى المستحيل منه إلى الواقع، ولا أدري كيف تعمل هيئة مياه الشرب كما أسموها وهي تستهلك سنوياً مئات الملايين من الأمتار المكعبة في حين يشكو معظم سكان العاصمة من شح المياه..!!
المعدل العالمي لنصيب الفرد من المياه يبقى «250» لتراً في اليوم، هذا المعدل قامت ألمانيا بتخفيضه إلى مائة وأربعين لتراً للحفاظ على مخزون المياه للأجيال القادمة، هذا بالرغم من أن معدل الأمطار هناك أعلى بكثير من عندنا بجانب ذوبان الثلوج الذي عادة ما يحدث فيضانات عارمة لكنهم مستعدون لمثل هذه الفيضانات ويعملون بجد لتقليل أخطارها للحد الأدنى والاستفادة منها للحد الأقصى.. في كل الأقطار التي زرتها وعملت فيها كان التعامل مع الماء كما لو كانوا يتعاملون مع مقدس، يتعاملون مع الماء.. رغم أنهم لم يقرأوا القرآن الكريم.. كهبة إلهية يجب التعامل معها بالحرص الشديد، فمثلاً في السويد كل القنوات ومجاري الأنهار يتعاملون معها بطريقة علمية تحافظ على نقائها وصلاحيتها لشرب الانسان، حتى أن ملك السويد صرح مرة أن أي انسان يمكنه الشراب من أية قناة في السويد حيث تؤكد السلطات هناك على صلاحيتها للشرب..!!
إن مفتاح التنمية في السودان هو الماء ذلك المنزل الإلهي الذي تكفل بإنزاله وجعله معين الحياة المادي وأنزل كذلك القرآن الكريم الذي كان معين الحياة الروحي، والخلل في معين الحياة المادي يؤدي إلى خلل اكبر في العقيدة والحياة فالمنزلان الإلهيان متلازمان..!!
كتبت ذات مرة عن التأصيل في المياه فسألني أحد الاصدقاء قائلاً وكيف يكون التأصيل في الماء، فقلت له إن الماء اقترن بالإنزال ولو نظرنا في هذه الزاوية نكون قد أصلنا له..!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.