سارة شرف الدين: عندما قرأت رواية «المترجمة» للكاتبة ليلى ابو العلا عرفت عالماً آخر غير الذى نعرفه نحن عن حياة العرب في الغرب، وعرفت كيف يعيش مسلم سودانى في دولة غربية وهو يحتمى بتقاليده وتعاليم الاسلام، وليس كما تصوره الدراما بأنه انحراف تام عن المسيرة، بل تعظيم لها وهو ما دفعنى لكتابة هذه المادة عن رمضان في امريكا والتى هي بلد يتمازج فيها الكل.. وكانت لنا وقفات جميلة صحبتنا عبرها الروائية والمدونة نون زين العابدين.. وهى روائية سودانية مقيمة بامريكا لها رواية رائعة بعنوان «رسم قديم» وكثير من الاعمال المدونة. تقول نون زين العابدين: نسبة لأنى نشأت بين السودان ومصر وانتقلت اخيراً للعيش بمدينة شيكاغو، فأننى احمل ذكريات بلدين عن رمضان، وكنت افتقد لمة الاهل فى السودان، وافتقد جداً صخب القاهرة، وذلك الترف الثقافي والدينى الذى يطل عليك من كل شارع وساحة.. وبالطبع لم استشعر ذلك الشعور الجميل باستقبال رمضان وقدومة هنا فى امريكا فى السنوات الاولى.. وكان مجرد شهر يذكرنى فى كل يوم فيه بشي افتقده.. الى ان انتقلت للعيش بضاحية اوكلون وهى احدى ضواحى الجنوب الغربي لمدينة شيكاغو، وتمتاز والضواحى المجاورة لها بأن اغلبية السكان هم مسلمون من جذور عربية.. وحرص الاسر على ربط اطفالها بالدين والثقافة الاسلامية. وعادة احرص على ان يطلع اطفالى على ثقافتنا السودانية، لذلك فى رمضان نقوم بتزيين البيت بانوار الزينة وكتابة الملصقات التى ترحب برمضان.. ونغرس فى اطفالنا فضل الصيام وفائدته وانه عبادة تقربهم من الله عز وجل. ونحرص على ان يكون شراب الحلومر يومياً على مائدتنا، وكذلك العصيدة والقراصة.. ونحرص على صلاة التراويح في المسجد بصحبة اطفالنا . واين ما ذهبت اسمع عبارة رمضان مبارك او رمضان كريم يتبادلها الناس فى مودة. وتمتاز الجالية السودانية فى مدينة شيكاغو باختلافها عن نظيراتها فى مدن وولايات امريكا.. وذلك بأنها مترابطة وتحافظ على عاداتها السودانية، وحتى اسلوب الحياة اقرب للسودان منه لامريكا.. ورمضان شهر للتجمع والفطور الجماعي الذى يقام في الدار السودانية بشمال شيكاغو وتقام بها صلاة التراويح ايضاًَ. وتقول سناء فقير: نسبة الى انى غادرت السودان الى امريكا مبكرا فلا مقارنة عندى بين رمضان هناك وهنا غير انى افتقد لمة الاهل.. لكن رمضان هنا في هذه البلاد يمتاز بالشفافية الشديدة، اذ اننى اكون اقرب الى الله كثيرا ولا شيء يشغلنى عن العبادة.. حتى اولادى فإننى قد غرست فيهم ان الصيام ليس عن الطعام فقط، لذلك كأسرة نلتف حول المائدة ويبتهج قلبي عندما اسمعهم يدعون لنا انا ووالدهم.. ونذهب الى صلاة التراويح جميعاً في المسجد المجاور. ونحرص على ان نقرأ القرآن بعد صلاة الفجر كأسرة. ورمضان في هذه البلاد هو شهر جميل يحمل مضمونه تماما. وتؤكد عرفة احمد على قول سناء بأن هنا الانسان يكون اقرب الى ربه حتى في غير رمضان، ويتمسك بكل تعاليم دينه اذا ما رغب في ذلك.. واكثر ما يريحها في هذه البلاد انتظام الكهرباء والمياه والجو الجميل على عكس السودان، وتتمنى ان يسهل الله الصيام على أهلنا في السودان، وانها لا تشعر بالغربة ابداً، فالناس هنا مترابطين كسودانيين، ويطغى على العلاقات الاسرية الدفء والتكافل الاجتماعي بشتى صوره. وتقول شذى الحاج: احتفالنا برمضان في الخارج لا يختلف كثيراً عن احتفالنا به في السودان، فالفرق الوحيد يكمن في ان هناك تبدأ الطقوس عادة قبل قدوم الشهر الفضيل بشهر او شهرين، حيث تتعالى الابخرة من كل بيت وتملأ ريحة الحلومر الأفق معلناً عن قرب رمضان. وهنا نبدأ بالتجهيز لرمضان قبله باسبوع فقط، وفي الغالب نبدأ بزيارة محلات العرب التي تمتلئ بكل ما ألذ وطاب من مسلتزمات رمضان، حيث نقوم بتجميع احتياجتنا للشهر الكريم وكل الفرح يعترينا بقرب قدومه، ونحاول بقدر الإمكان انتهاز الفرصة لنغرس في أطفالنا روحانيات رمضان وتعرفيهم اكثر بهذا الشهر وما يميزه عن باقي السنة، ونقوم بتعليق الانوار والحرص على صلاة الجماعة وزيارة المسجد وتعرفيهم بفضل إفطار الصائم. ونسعى للتجمع وزيارة بعضنا الآخر عبر العزومات التي تقام في المنازل، وفيها نستشعر حلاوة اللمة ونسترجع ذكريات الأهل والأصحاب والاجتماع في رمضان على مائدة الإفطار. ولكن في نظري رمضان ابرك في بلاد المهجر فهنا لدينا الوقت الكافي للتفرغ تماماً للعبادات بعيداً عن المجاملات والزيارات العشوائية التي تعتبر لاهيتة للبعض في السودان. وفي آخر أسبوع من رمضان نفعل كما يفعل أهلنا في السودان تماماً، حيث تبدأ رحلة البحث في الاسواق عن كل جديد يناسب ابتهاجنا وفرحتنا بالعيد. وكل عام وأنتم بخير.