أحد شعراء وشيوخ السودان من الفقهاء المتقدمين: هو الشاعر الشيخ إبراهيم شريف الدولابي الكردفاني الذي أخذ العلم عن الشيخ العالم «طه» المشهور بفهمه العميق وعلمه الغزير بعلوم الدين من فقه وشريعة، كما تلقى العلم عن جده الشيخ ولد دوليب «الفقيه العالم» عن الأستاذ الشيخ حسين الشيخ مجدي الأزهري، ثم سافر إبراهيم شريف الدولابي بعد ذلك إلى مصر، حيثُ انتظم في سلك طلاب الأزهر الشريف، وقد أدرك علماء الأزهر مدى تفوقه في فهم الدروس وسرعة استيعابه لها، إذ تيقنوا تماماً أنه طالب حاد الذكاء، حاضر البديهة. وشهد له الأزهريون بالنباهة والذكاء، وشدة حرصه على العلم لا سيما علوم الدين من الفقه والأحكام الشرعية.. وعندما عاد إلى السودان في ذلك الوقت، عيّنته الحكومة التركية قاضياً شرعياً بكردفان، حيث أمضى في هذه الوظيفة مدة طويلة.. وكان الشيخ الفقيه إبراهيم شريف الدولابي شاعراً مطبوعاً ذا أسلوب رفيع، وكان من معاصري الفترتين: أواخر الحكم التركي المصري في السودان وحُكم الدولة المهدية. ومن أشهر قصائد الشاعر الشيخ إبراهيم الدولابي مرثيته الحزينة التي عبّر بها عن حزنة العميق لوفاة الإمام محمد أحمد المهدي حيث قال في مطلع قصيدته العصماء: كيف التئام فؤادي المفطور ورقوء دمع محاجري المفجور أم كيف ينفك الضنا عن مهجة أحشاؤها تصلى على تنور أسفٌ على المهديّ من مهد الصبا قد كان معصوماً من المحضور واستطرد الشاعر إبرهيم الدولابي في مدح محامد الإمام محمد أحمد المهدي وفضائله، وما أدركهُ فيه عن قرب كما نصّت عليه مبادئ وتعاليم الإسلام الحميدة، فهو معصوم عن ارتكاب المنهي عنه، وأن العناية الإلهية تولتهُ مبصّرة ومنوّراً حتى تبوّأ مكانة سامية رفيعة، وقد دمّر بجيشه قوات الاستعمار التي حاربته. ويقول الشاعر في مرثيته للإمام المهدي: إن من اهتدى بهدي المهدي كسب رضا الله، ومن انتمى لغيره، ظل حائراً، وإن الإمام محمد أحمد المهدي جمع بين الشريعة والحقيقة، وهذا هو سر الحياة الطيبة الكريمة ويذكرُ الشاعر الشيخ إبراهيم الدولابي أيضاً في مرثيته إشادته بالخليفة عبدالله قائلاً: وإذا توارت فى الثرى شمس الهدى فهناك بدر هدى عظيم النور أبقاه مهديّ الإله وراءه خلفاً يسير بسيره.. المشكور ويسوقُ للنهج القويم بحاله ومقاله.. وحسامه المشهور هو ذاك عبدالله نجل محمد وسع الورى بالحلم.. والتدبير المصدر كتاب «معجم أدباء السودان» الجزء الأول صادر عن الهيئة القومية للثقافة والفنون، وكتاب «تراث الشعر السوداني» تأليف البروفسور عز الدين الأمين.