ولد الشيخ الشاعر محمد الطاهر المجذوب بمنطقة سواكن ببلدة «الحمري» في سنة 1842م، وبدأ يتلقى العلم على يد والده، ثم على يد الشيخ محمد المدني السواكني من علماء المنطقة بشرق السودان. ولما أراد لنفسه استكمال تعليمه وثقافته اتجه إلى الحجاز حيث تلقى العلم على كبار العلماء في مكة والمدينة المنوّرة.. عندما أكمل دراسته في الحجاز، عاد إلى السودان، وأسهم مساهمة إيجابية في مساندة الدولة المهدية، وتبوّأ فيها مكانة رفيعة، وتمّ تعيينه مستشاراً للأمير عثمان دقنة بشرق السودان. وكان الشيخ الشاعر محمد الطاهر المجذوب من كبار شعراء المهدية المبدعين، وإلى جانب تفوقه الأدبي، كان مُعبّراً صادقاً عن التجارب التي مرّت عليه في حياته، وقد بلغ في الشعر الصوفي شأواً بعيداً وآفاقاً رحبة بالنسبة لعصره، وله ديوان جمعت فيه قصائده الدينية والصوفية والحماسية. ومن شعره الحماسي الذي كتبه عندما علم أن الجيش الإنجليزي الغازي قد اتجه إلى معقلهم بسواكن، قال في ذلك الحين: هندوب تعرفُ صبرنا.. كيف ارتكبنا للمصاعب وهشيم تشهدُ عزمنا.. كيف إدرعنا للمصائب يا طالما صدنا بها.. صيد الغضنفر للثعالب جيشاً يرن سلاحهُ.. كالرعد إذ ما المُزن صائب وسواكن تدري بنا.. أنّا لدى الهيجا نضارب بالمُشرّف كأنه.. وقعُ الصواعق في المضارب زمناً رصدنا نحوها.. نبدي العجائب والغرائب ونئزّ في أرجائها.. كالليث إذ نشب المخالب! وقد حدثت واقعة «هندوب» في 17 يناير سنة 1888م وقصيدة «هندوب» الحماسية للشيخ الشاعر محمد الطاهر المجذوب، تضمّنت اشادة واعتزازاً بشجاعة أنصار الثورة المهدية وانتصارهم على جيوش الأعداء.. ويقول إنّ هدفهم المنشود من تحقيق الانتصار في تلك المعارك هو: إحياء الدين، متخذين الإمام المهدي وخليفته من الوسائل التي تعينهم على تحقيق الهدف المنشود، كما أشار الشاعر إلى مدى فخره بشجاعة البطل عثمان دقنة الذي هزم جيوش الأعداء، وحقق انتصارات باهرة في تلك المعارك. وقد عبّر الشاعر محمد الطاهر المجذوب عن بالغ حزنه وأشجانه عندما علم بوفاة الإمام محمد أحمد المهدي، وقال في مرثيته: دهتنا دواه يضرسُ القلب نابُها ويوقد في الأحشاء ناراً منابها غداة نعى الناعون مهدينا الذي به ملةُ الإسلام جلّ مصابها { المراجع : كتاب «شعراء الوطنية في السودان» تأليف د. صلاح الدين المليك وكتاب «تراث الشعر السوداني» تأليف د. عز الدين الأمين وكتاب «الشعر الحديث في السودان» تأليف د. عبده بدوي.