عائشة الزاكي: هنالك العديد من العادات والتقاليد السودانية الجميلة التي كانت تصاحب شهر رمضان في كل عام يحرص السودانيون جميعاً على العمل بها، في مقدمتها الافطارات الجماعية في شوارع الاحياء الشعبية، ويمثل هذا مظهراً من مظاهر الكرم والتكافل الاجتماعي، ولكن الذي ينظر الى مشاهد الافطارات الجماعية في الشوراع يجد ان تلك الافطارات قد قلت وانحصرت في فئة معينة من المجتمع.. «الإنتباهة» التقت بعض الأشخاص واستطلعتهم فخرجت بالحصيلة الآتية: في بداية الاستطلاع التقينا المواطن ايوب ابراهيم الذي قال: نحن في شهر رمضان نجتمع في زمن الافطار ونقضي وقتاً جميلاً، ويمثل هذا الشهر المبارك بالنسبة لنا رمزاً للتكافل والترابط الاجتماعي، لأن الفرصة لا تتاح لنا الا في هذا الشهر نسبة لظروف العمل، اما بالنسبة لغياب هذه الافطارات فقد يكون للظروف الاقتصادية دور كبير، ولكن نقول هذه العادة الجميلة مازالت موجودة فى الاحياء الشعبية. ويخالفه الرأي احمد ابراهيم «استاذ» الذي قال ان السبب الاول هو ان اغلب الآباء غائبون عن اسرهم، والأبناء لا يهتمون بهذه العادات والتقاليد، او نسبة لارتفاع الاسعار بمعنى الشخص فى داره يمكن ان يكتفى بصنف واحد اما فى حالة هذه الافطارات قد يجد الحرج اذ لم يتوفر الشيء المناسب، ويرجع ايضاً الى ضعف العلاقات بين الجيران قبل رمضان، واضاف احمد ان بعض الأسر التى تسكن فى الشقق والمبانى العالية تجد صعوبة في النزول فى اوقات الافطار الى الشارع. وتشير الحجة بتول «ربة منزل» الى ان اعداد وجبة الافطار يتطلب تكاليف باهظة، خاصة ان السلع الرمضانية اصبحت مرتفعة الأسعار، إذ ان اغلب الاسر عجزت تماماً عن أن توفر المطلوب لليوم فى الوجبة الرمضانية لمشاركتها فى افطار جماعى، لذلك يلجأ الكثير من الاسر الى الافطار داخل المنزل خوفاً من الحرج والمشاركة فى الافطار الجماعى بالحى. فاطمة محمد «ربة منزل» قالت: عادة الإفطار في الشارع نتميز به نحن السودانيين، ولكن هنالك بعض الاحياء التى اندثرت فيها، خاصة احياء المغتربين ذات السكن الموحد «الهاي كلاس» الشيء الذي جعل والدي يعاني من التأقلم معهم مما اضطره الى الرجوع مرة اخرى لحارتنا للبحث عن جيران يقاسمونه الافطار. محمد عبد الله «اعمال حرة» قال: الافطارات الجماعية مشبعة بروحانيات الشهر الفضيل لأنه يعزز التآخي والتآلف بين الجيران الذين يتقاسمون زادهم مع بعضهم البعض، واضاف ان افطارات الشارع تعتبر مشاركة لعابري الطريق الذين حال الزمن دون اللحاق بوقت الإفطار، وهي تمتد من بداية شارع الحلة الى الطرق الرئيس، ويتنافس اهل كل حي في ان يجدوا عدداً كبيراً من الضيوف لتناول الافطار معهم، الا انها في الآونة الاخيرة اصبحت تختفي وليس كالسابق، ونحن بوصفنا سودانيين عموماً نتناول طعامنا في شكل جماعي نسبةً لطبيعة حياتنا، ونتجمع اكثر في رمضان لخصوصيته. وترى الأستاذة «ب» «علم الاجتماع» نجوي ابراهيم ان الافطارات الرمضانية تمثل التعاون والتكافل بين المجتمع لإشاعة هذه العادات السمحة بينهم، وتقوي الترابط الاجتماعي بين المجتمع والجيران، وهي عادة تميز بها السودانيون على سائر دول العالم الاسلامي، ولكن هنالك بعض الاحياء اندثرت فيها هذه العادة السمحة نتيجة الاغتراب والهجرة وافطار البعض الآخر في أماكن العمل.