لم ينته الجدل حول قضية كنانة ومدى أحقية الحكومة في إصدار قوانين تجاه المؤسسات التي بها مساهمات أجنبية، في الوقت الذي تقع فيه كنانة في فخ تلك القرارات ومرة اخرى يتناول الرأي العام قضيتها وما تحمل من خلافات إدارية تصاعدت إلى الجهات الحكومية العليا تحمل في طياتها مهددات كبيرة تمس الاقتصاد، في الوقت الذي تسعى الحكومة لتضميد ومعالجة الجراح التي أصابته، وتفجَّرت الأوضاع بطريقة دراماتيكية بشركة سكر كنانة، إثر مقاطعة المساهمين العرب لاجتماع الإدارة التنفيذية لمجلس إدارة الشركة تمهيداً للجمعية العمومية للشركة اليوم الثلاثاء، وكان يفترض أن يقدم خلاله العضو المنتدب المقال محمد المرضي التجاني تقرير الأداء التنفيذي، وأعلن المساهمون العرب رفضهم إقالة المرضي دون علمهم، وقالوا بحسب مصادرل«الإنتباهة»، إن إقالة المرضي حق أصيل لمجلس الإدارة فقط، وليس لوزير الصناعة، وأكد المساهمون أنهم لن يسكتوا على الأمر وسيصعِّدون القضية لرؤساء دولهم، ووصفوا مسلك الوزير بأنه يسمم مناخ الاستثمار في السودان. وأعلن البرلمان دعمه ومساندته للقرارات التي اتخذها وزير الصناعة السميح الصديق بشأن قراراته الأخيرة لتنظيم قطاع السكر وترتيبه إدارياً، في إشارة منه لإعفاء العضو المنتدب لشركة سكر كنانة محمد المرضي، وفيما امتدح رئيس لجنة العمل بالبرلمان الهادي محمد علي خلال تصريحات صحفية جهود وزير الصناعة السميح الصديق، وقراراته الأخيرة التي ترمي لتطوير صناعة السكر في البلاد، يرى رئيس لجنة التشريع بالبرلمان سالم الصافي حجير في تصريح ل«الإنتباهة» أن قضية كنانة ليست قضية خلاف بين دولة ومستثمر أجنبي نسبة لوجود كثير من القطاعات التي بها مساهمات أجنبية ولم تحدث خلافات بينهم، وقال حجير ان مجلس الإدارة لكل مؤسسة له فترة زمنية محددة بعدها يتم تعيين آخر أو ترشيحه، وأضاف أن حكومة السودان لها الحق الأعلى في تنصيب رئيس مجلس الإدارة، ووزير الصناعة هو رئيس مجلس إدارة السكر الأمر الذي يعطيه الحق في عزل وتعيين العضو المنتدب في حال أن انتهت مدته الزمنية أو كان هناك خلل في الأداء الإداري. وأشار إلى أن العضو المنتدب تجاوزت مدته ال «12» عاماً والدولة لها الحق في تنصيب غيره حتى تتبادل وتتمازج الخبرات وطريقة الأداء، فلا يصلح ان يستمر شخص واحد لإدارة مؤسسة لفترات طويلة حتى لا يضر بالقطاع، وقال إن تغيير العضو يتم بالأغلبية وليس بالحصص. منتقداً تمسك الأجانب بالمرضي، في الوقت الذي ان بداية الشراكة تمت مع الدولة، فإذا كانت الدولة هي التي «توفر المياه والمكان والسكر»، والمستثمر فقط يكون دوره التمويل، فما سر تمسكهم بعضو منتدب إلا اذا كانت هناك أسباب خفية. وزاد حجير نحن كبرلمان نتعامل بالقانون الذي اعطى رئيس مجلس الادارة الحق الكامل في اختيار عضويته، وأضاف أن مشكلة كنانة بدأت منذ رفضها للخضوع أمام المراجع العام في الوقت الذي يلزم دستور السودان كل المؤسسات الحكومية التي بها مساهمات أجنبية ولو بنسبة «2%» بتقديم تقرير حول ادائها السنوي ولم ينص القانون بوضع حماية أو حصانة لاية جهة نسبة ان المراجعة العامة تساعد على اكتشاف التجاوزات الإدارية. وقال من الجانب الاستثماري يجب ألا تتأثر الاستثمارات الأجنبية بهذه الخلافات الإدارية وهناك العديد من المشروعات التي بها مساهمات أجنبية داخل الدولة وفق اتفاقيات وعقود قانونية مبرمة. بينما أكد مدير التسويق بكنانة حسن عروة ل«الإنتباهة» ان مثل هذه المواقف والخلافات تؤثر سلبا على جلب الاستثمارات الاجنبية للبلاد الأمر الذي يضر باقتصاد الدولة في الوقت الذي تنادي فيه البلاد بتنفيذ برنامج الامن الغذائي بمشاركة دولية، وقال يجب أن تتجنب الحكومة اي صدامات بينها وبين المستثمرين الأجانب، وبدوره لام الخبير الاقتصادي د. محمد الناير في حديثه ل«الإنتباهة» على الإجراءات التي تم اتخاذها في قضية كنانة وعدم استخدام الحكمة فيها، وقال كان يفترض ان تعالج هذه القضية بالنقاش والحوار بعيدا عن التناول الاعلامي والتصريحات المتضاربة وماحدث لا يصب في مصلحة اقتصاد البلاد، وأضاف ربما حدث خلط بين منصب وزير الصناعة ورئيس مجلس الإدارة في إصدار قوانين عزل وتعيين العضو المنتدب، فلا يحق للوزير ان ينفذ قراراً بمفرده إلا اذا كانت الاتفاقية الاولى تتضمن نصا صريحا بتفويضه بحكم وظيفته، وقال اية مؤسسة بها شراكة من خارج السودان يرجع أمرها لرئيس مجلس الادارة، وأشار الناير إلى ان الاتفاقيات الخاصة بكنانة او غيرها من الاستثمارات الاجنبية تتوقف على العقد والالتزام باللوائح والقوانين، وشدد على ضرورة اتباع الحكمة لحل مثل هذه المشكلات الحساسة من اجل المحافظة على اقتصاد البلاد. ما وراء الستار تقول بعض المصادر إن هناك ثمت تقاطعات بين المهمة الأساس للمصنع المتعلقة بإستراتيجية إدارته في توزيع إنتاجه من السكر وفق القنوات المعروفة بحيث يحقق المصلحة العامة للبلد الذي يمتلك المياه وأرض المشروع ومباني المصنع وإدارته وبين تقاطعات أخرى لا علاقة لها بهذه المهام، وهو ما قد يجعل لها عدة تأثيرات سالبة تتناقض مع القوانين في دولة المقر. وتقول المصادر إنه ليس صحيحاً أن كل الشركاء يرفضون قرار إقالة المرضي لأنهم يتفهمون مرتكزاته الحقيقية، وتضيف المصادر أنه أذا قامت الحكومة ببضع جهود دبلوماسية يمكنها احتواء الأزمة الأمر الذي يجعل شركة كنانة تعمل في ظل إدارة جديدة تنهض بها وتتواءم مع الآليات والمفاهيم المتعارف عليها في مثل تلك الشركات بين الدول ويتم الحفاظ على مصالح الجميع دون تقاطعات تضر بمسيرة الشركة أو تمد لسانها في ذات الوقت لقوانين ونظم دولة المقر.