إخوتي رفقاء السلاح قدامى المحاربين القراء الكرام بمشاعر الحزن العميق ودّعنا صباح الخميس الماضي أحد قدامى المحاربين أجمع الناس على حبه وتقديره كما أجمعوا على مناداته بمولانا.. رحل عن الدار الفانية اللواء محمد عثمان محمد سعيد بعد معاناة طويلة مع المرض، رحل بهدوء كما عُرف بين رفقاء السلاح بهدوئه وزهده عابدًا شاكرًا حامدًا.. هكذا كان دائماً عندما تلتقي به بالرغم من ما يعانيه تجده هاشاً باشاً مبتسمًا دائماً. كان لنا لقاء معه على صفحة الاتكاء ضيفًا على صفحتها بصفنه مديرًا لمنظمة الشهيد، وكان ذلك في عدد الأربعاء 23 محرم 1432ه، والمنظمة تعد العدة للاحتفال بعيد الشهيد بمدينة ودمدني التي عاش بها الفقيد حياته الدراسية وخرج منها إلى رحاب القوات المسلحة طالباً حربياً لدراسة علوم الطيران كطيار مع مجموعة ابتُعثت إلى المملكة المتحدة وعندما قطع التعامل مع بريطانيا عاد هو ورفاقه لينضموا للدفعة 19 كلية الحربية التي تخرجوا من ضمن منتسبيها ضباطًا بالقوات المسلحة.. جلسنا معه في منزله بأم درمان وروى لنا قصة دخوله الجيش وقال إن رغبته كانت أن يكون طياراً منذ وقت مبكر ولكن في المرحلة الثانوية برزت موهبته في الرسم والفنون الجميلة وبعد امتحان الشهادة التحق بمعهد السودان كلية التجارة ولكن بعد أسبوعين من الدراسة تحول إلى كلية الفنون الجميلة التي قضى بها عامًا دراسيًا كاملاً ولكن خلال فترة الإجازة شاءت الأقدار أن ينتهي به المطاف بالالتحاق بالكلية الحربية لدراسة الطيران الذي أحبّه منذ الأولية ولكن لم تتحقق أمنيته القديمة فحطّ به الرحال طالبًا حربيًا بالكلية الحربية بالدفعة 19 ليتخرج فيها ضابط مشاه. في رحاب الكلية عرفناه عن قرب ونحن في الدفعة 20 كان يجمعنا مع الدفعة 19 المسكن والمأكل وبعض من طوابير التدريب «والإدارة» ومن خلال الأخيرة كنا نميِّز بين طالب وطالب. كان مختلفاً في دفعته سلوكاً وكان يتميز بينهم بهدوئه وبساطة تعامله وتباشير وجهه التي تجعلك ترتاح عند مخاطبته. لم يكن معنا في شده « ب. س» ولا في وكاده «ع ف» ولا في تربص «......» وجميعهم في الختام تعلمنا منهم ونعتز بهم. كان الراحل شاعرًا تحدث معنا عن شعره وكثير من قصائده التي لم تجد النور وآمل أن يسعى دفعته الأخ الفريق محمد عبدالله آدم واللواء «م» محمد الحسن سليمان إلى طباعة ديوانه وجمع قصائده.. ومن قصيدته التي نشرناها له في لقائنا به نذكر هذه الأبيات التي يتغنى بها للوطن ويمجد قواتنا المسلحة: حلف يا غالي ما بتنضام٭ فداك الأسد في الآكام فداك الراصد السموات٭ في شاشاته يقرأ دوام فداك الخيل صباح بتغير٭ تدوس بالحافر أرض حرام فداك هجانة ذات تاريخ ٭ مسطر والرصاص إقدام «والقصيدة طويلة» مهما كتبنا عن الأخ اللواء محمد عثمان فلن نوفيه حقه فهو مدرسة متفردة خرج من صلب القوات المسلحة ليقدم للناس صفات اجتمعت لديه ونادرًا ما تجدها مجتمعة عند الناس. ألا رحم الله فقيدنا اللواء محمد عثمان محمد سعيد وأسكنه فسيح جناته مع الشهداء والصديقين ونسأله سبحانه وتعالى أن يجعل البركة في ذريته وأن يلهم الجميع الصبر الجميل.