شهد القطاع الزراعي تدهورًا ملحوظًا خلال السنوات الأخيرة مما أدى إلى ضعف الإنتاجية بصورة واضحة الأمر الذي جعل الدولة تتجه إلى وضع برامج محددة كالنفرة الخضراء ومن ثم البرنامج التنفيذي للنهضة الزراعية الذي بدأ في العام 2008 وحتى الآن ولم يشهد أي نوع من النهضة في المجالات الزراعية كافة لا سيما وأن القصور أصبح واضحاً خاصة بعد تدني الإنتاجية، واتفق عدد من الخبراء الاقتصاديين والزراعيين على أن مشروع النهضة الزراعية يواجه عدة مشكلات على رأسها التمويل وعدم المتابعة من القائمين بأمرها، ومتابعة تنفيذها بالولايات بالطريقة المطلوبة، منادين بضرورة إعادة هيكلة المشروع لضمان الأمن الغذائي، وقال الخبير الاقتصادي بروفيسور عصام الدين بوب بالرغم من أن شعار النهضة الزراعية ظل مرفوعاً خلال الأعوام الماضية لكن تقارير الدولة كشفت ضعف مساهمة الإنتاج الزراعي في الاقتصاد السوداني وأن تصريح المسؤولين الكبار بضرورة إعادة هيكلة الإدارة الاقتصادية ومشروع النهضة والنفرة الزراعية نسبة لأنها من أهم مكونات الاقتصاد السوداني وإذا كان هنالك خلل لإنجاح هذه الإستراتيجية فلا بد من إعادة هيكلة هذا المشروع العظيم لضمان الأمن الغذائي وإعادة إحياء الاقتصاد السوداني في ظل نقص موارد النفط في المرحلة القادمة، ويرى الخبير الاقتصادي د. محمد الجاك أن النهضة الزراعية محاولة أملتها ظهور التدهور في صادرات البترول والقطاعات التقليدية كالزراعة والصناعة مبينًا أن النهضة اختصرت على فكرة توفر التمويل باعتباره العقبة الأساسية وقد خصصت أموالاً كثيرة لذلك، لكن على الرغم من ذلك لم يحدث أي تطور باعتبار أن إنتاجية بعض المحاصيل كانت تقدر بما يعادل 20 جوالاً من القمح للفدان، بينما الواقع كان غير ذلك حيث كان متوسط الإنتاج لا يتعدى خمسة جوالات فقط أما بالنسبة للقطن فكانت هنالك توقعات لزيادة إنتاج القطن بما يعادل أكثر من «20» قنطارًا للفدان ولكن انحصرت في « 3» قناطير للفدان بجانب المحاصيل الأخرى التي تدنت إنتاجيتها، وقطع بعدم النظرة الكافية لهياكل التنمية الإدارية للإنتاج، مبينًا أن هنالك الكثير من المشروعات الكبيرة التي شهدت تطورًا في الماضي وأسهمت في الاقتصاد القومي وهذه المشروعات تدهورت بنيتها التحتية، وأضاف هنالك قوانين عدلت من الهيكل التنظيمي الذي قامت عليه على الرغم من أن المشروعات يتبناها القطاع الخاص، بجانب الاهتمام بتقنيات الإنتاج عبر تشجيع مركز البحوث الخاصة بالزراعة والإنتاج التقليدي، مبينًا انقراض المراكز والبقية تعمل بأقل كفاءة بسبب ضعف التمويل وقال إذا سارت النهضة الزراعة في نفس المسار فإنها لن تحقق أهدافها في المدى القريب أو البعيد، وفي ذات السياق أوضح الاتحاد العام لمزارعي السودان أن الموسم السابق شهد العديد من السلبيات تمثلت في ضعف التمويل بجانب القصور الإداري الذي حدث في بعض الشركات بالمشروعات الولائية التي لا تصلها يد الإصلاح بالإضافة إلى أن توزيع التمويل لم يتم بصورة عادلة حيث تم التركيز فقط على القطاع المروي بجانب إهمال القطاعات الأخرى كالمطري البستاني الأمر الذي نفاه الأمين العام للنهضة الزراعية المهندس عبد الجبار حسين في حديث سابق ل «الإنتباهة» مؤكداً على تمكن النهضة الزراعية من الإسهام في مجال الإصلاح المؤسسي والتشريعات المتمثل في إكمال هيكلة المشروعات المروية «الجزيرة والرهد والسوكي» كما أن الدولة خرجت من خلال سياسات النهضة من التمويل الحكومي وحررت المدخلات ووفرت البذور، فضلاً عن حزم تقنية لمحصولي القطن والقمح بينما بسطت النهضة آلية الشراكات الإستراتيجية لمواجهة مشكلة التمويل في بعض المشروعات الكبرى كشراكة كنانة والرهد الزراعي التي أثمرت بإعادة تأهيل بنيات مشروع الرهد وتوفير الآليات التي أثمرت بزراعة «300» ألف فدان في موسم 2010 الأمر الذي لم يحدث بالصورة المطلوبة في تلك المشروعات، مشيراً إلى التحديات التي تواجِه النهضة الزراعية في قطاعاتها المختلفة في شكل سياسات مرتبطة بالإصلاح الاقتصادي والتكيف الهيكلي لإبطال أثر المعوقات حتى يتمكن الزراعي من تخطي حاجز ضعف استخدام الوارد للوصول إلى مرحلة النمو المتزايد والمستدام.