صاغ العالم المتحضر قانوناً يقول: قتل إسرائيلي جريمة لا تغتفر وقتل كل الفلسطينيين مسألة فيها نظر وانطلق الصهاينة يبيدون أمة كاملة وهذه مسألة فيها نظر. ولكن الفلسطينيين لم يستسلموا بل ظلوا منذ أن هزمت إسرائيل الجيوش العربية عام 1948م يقاومون ولم يستسلموا واتخذت المقاومة أساليب عديدة من بينها مقاومة الإبادة الإسرائيلية بالمزيد من الإنجاب، وهذا ما يثير الرعب في نخاع المؤسسة الاسرائيلية، ولذلك تحاول أن تقتل ما تستطيع قتله من الأطفال الفلسطينيين لأن الأطفال هم المستقبل والمستقبل دون شك ليس في صالح بني وبنات اسرائيل. الاسرائيليون لا يستطيعون مجاراة الفلسطينيين في الإنجاب ولو مات لهم فرد واحد لا يستطيعون أن يعوضوه بشخص آخر ولكن بالنسبة للفلسطينيين فالوضع مختلف، فأي طفل فلسطيني يقتل يعوضونه بعشرة أطفال. المعادلة السكانية أو الديموقرافية ليست في صالح إسرائيل. فإذا قتل إسرائيلي واحد فهذه جريمة لا تغتفر ولذلك يجن جنون نتنياهو وحكومته وصقوره وأشباه الصقور فيرسلون دباباتهم تجرف وتدمر وتحرق الأرض. وكل حرب تشنها اسرائيل متحرشة بالشعب الفلسطيني تخرج منها مثخنة بجراح هي لا قبل لها بتضميدها لأن أبواب جهنم التي فتحتها على نفسها تؤكد أن اليوم الذي ينادي فيه الحجر قائلاً: يا مسلم... هناك إسرائيلي مختبئ خلفي فهلم لقتله، يقترب يوماً بعد يوم. نعم الكفة المادية غير متكافئة ولكن من قال إن حرباً إستراتيجية طويلة النفس وطويلة الصواريخ التي يزداد مداها يوماً بعد يوم تعتمد على مجرد القوة المادية؟ قيل للقائد خالد بن الوليد وهو يتوجه لقتال مسيلمة الكذاب: لقد جهز لكم مسيلمة جيشاً كبيراً لا قبل لكم به. ولقد هزم شرحبيل وهزم عكرمة وجاء دورك يا خالد. فقال خالد: نحن لم ننهزم من قلة «يقصد موقعة بدر» ولم نهزم عدونا من كثرة «يقصد حنين» ولكنا نغلب ونهزم أعداءنا بإيماننا وعقيدتنا. وهذا ما يقلق الإسرائيليين لأنهم لا يملكون مفاتيح المستقبل ليتحكموا فيه. لقد لاحظ المراقبون أن هذه الحرب تختلف عن حرب 2008 و2009م إذ أن حماس طورت إستراتيجياتها فأخذت تضرب إسرائيل في العمق. ومهما كانت التضحيات هم يستطيعون أن يتحملوها ولكن قدرة الدولة الإسرائيلية على تحمل مثل تلك الخسائر محدودة. وكلما نقلت الفضائيات تلك الصور البشعة لضحايا البطش الإسرائيلي تآكل التعاطف العالمي معها.. لقد اندلعت المظاهرات في عدد من دول العالم لا لتدين الافعال الاسرائيلية فحسب بل لتظهر لأول مرة وجهاً جديداً ضد السامية، وهذا ما أفزع الصهاينة. وبالأمس تعرض فريق كرة القدم الإسرائيلي في اليونان للركل والبصق والاستهجان. وأقول لكم استريحوا .. فالفلسطينيون لم يطلبوا من أحد أن يقاتل معهم فهم يقاتلون فيقتلون ويقتلون بجدارة يغبطون عليها. وأقول لكم ما قاله نزار قباني رحمه الله يوم ولدت حركة فتح وقد ذكرني بها أخي البروفيسور حسن أبو عائشة: وبعدما قتلنا وبعدما صلوا علينا .. بعدما دفنا وبعد أن تكلست عظامنا وبعد أن تخشبت أقدامنا وبعدما اهترأنا .. وبعد أن جعنا .. وأن عطشنا وبعد أن تبنا .. وأن كفرنا .. وبعدما .. وبعدما .. من يأسنا يئسنا .. جاءت إلينا «فتح» كوردةٍ جميلةٍ........ طالعةٍ من جرح كنبع ماءٍ باردٍ ....... يروي صحاري ملح وفجأةً ...... ثرنا على أكفاننا وقمنا .. وفجأةً ..... كالسيد المسيح بعد موتنا .. نهضنا .. مهما هم تأخروا فإنهم يأتون .. في حبة الحنطة، أو في حبة الليمون يأتون في الأشجار، والرياح، والغصون يأتون في كلامنا .. يأتون في أصواتنا .. يأتون في دموع أمهاتنا .. مهما هم تأخروا فإنهم يأتون من درب رام الله، أو من جبل الزيتون يأتون مثل المن والسلوى من السماء ومن دمى الأطفال، من أساور النساء ويسكنون الليل والأشجار والأشياء ... من حزننا الجميل ينبتون أشجار كبرياء ومن شقوق الصخر يولدون باقة أنبياء .. ليست لهم هوية .. ليست لهم أسماء .. لكنهم يأتون .. لكنهم يأتون ... نزار قباني نعم ... إننا نراهم الآن يقتلون ويقتلون لكنهم رغم كل شيء .. آتون منتصرون بإذن الله.