انعقد مجلس شورى منبر السلام العادل جلساته يومي السبت والأحد الماضيين حيث نظر في نظامه الأساسي على ضوء المستجدات الطارئة بعد انفصال الجنوب وبعض التعديلات التي اقتضتها التجربة العملية، وتميز الحوار بسخونة وحيوية غير مألوفة في التيارات السياسية في السودان التي عادة ما تطبخ مقررات مؤتمراتها على نار هادئة حيث تحدِّد الذين يتحدثون ومَن الذي يقترح ومَن يثني بينما البقية مطلوب منها فقط رفع الأيادي للتصويت، فما كان ثمة تعديل يمر دون نقاش مستفيض من معارض أومؤيد أومتحفظ حتى ضاق الزمن المتاح للجلسات لكن صدر المنصة لم يكن يضيق أبدًا رغم الانفعالات في بعض الأحيان أو الإصرار على المشاركة التي انتفت الانتقائية في توزيع الفرص فقد كان رئيس مجلس الشورى حريصاً على أن يشارك الجميع ما أمكن ذلك حتى أنه كان يبحث عن الذين لم يجدوا الفرصة للحديث حتى يتيحها لهم، لهذا فمن يشهد هذه الجلسات لعله سيخرج بانطباع بأن منبر السلام العادل بات يشكِّل لبنة جديدة معافاة من أمراض السياسة السودانية المزمنة حيث كاريزما الزعامة الطاغية أو المصالح المستبطنة التي تسلب إرادة القيادات الحزبية، فحرارة النقاش وصدقية الطرح توحي بأن مبدئية الفكرة هي التي تسيطر على الجميع وإن اختلف الأعضاء في بعض الرؤى وآليات التنفيذ، لهذا فإن إسقاطات هذه المبدئية وتلك المصداقية هي التي جعلت ندوات المنبر تلاقي تدافعاً كبيرًا بالإضافة إلى مساحة مقدرة من القبول في عدد من الجامعات، كما جعلت من صحيفة الإنتباهة هي الخيار المفضّل للعديد من القراء حتى غدت الصحيفة الأولى، بفضل الله، بيد أن هذه الشعبية المتنامية لا تحركها مطامع سياسية نرجسية أو مصالح ذاتية تحرِّك قيادات هذا التيار المعجون بالمصداقية والشفافية، ذلك لأن المنبر ليس مهموماً بالوصول إلى سدة الحكم وليس هذا من أولوياته، فالمنبر ينظر إلى ذاته وكأنه برلمان موسع يحوي لجاناً من هنا وهناك وأعضاءً يعملون ببوصلة ونبض الجماهير ومرجعية الأمة، لكنه برلمان لا ينتظر أهل السلطة أن يحيلوا له أجندته ولا يتوقع أن يمثل أمامه بالطبع مسؤول ، لكنه في ذات الوقت يقدِّم روشتة النصح الجريء ويحرس هوية الأمة بعصا الإرادة الصلبة وبمفردات الحق ولسان الصدق، ونحسب أن كسب المنبر المتنامي لا ينبغي أن يثير غَيرة الحزب الحاكم ولا أن ينعش مخاوفه كحزب متنفذ طامح في الحكم لأن رصيد المنبر القيمي وصحيفته الإسلامية التي تتحرك بنبض الجماهير وتتكيء على مرجعيتها وثوابتها وثقة الجماهير المتزايدة فيه، كلها ينبغي أن تكون بوصلة للحزب الحاكم ومرجعية يتوكأ عليها ونور يتلمّس به الطريق في وقت تعرّجت به مسالك الطرق وازدادت عليه هجمة أهل الكفر، ليس لأن أهل المنبر من العباقرة أو مَن يمثِّلون خلاصة الرأي السديد في البلاد لكن لأن الغدوة وصلابة الرأي ومصداقية الطرح تلك هي البضاعة المفضلة لدى الجماهير التي باتت تهرب من مزادات الكلام التي تكتب بمداد التكتيك أومخارج الشيطان وليس بضوء الصدق وبصيرة المؤمن، ولا شك أن حزب منبر السلام العادل بهذه المعطيات القيمية مؤهل لثقة الجماهير وحفزها للحفاظ على هويتها وكرامتها وتفجير طاقاتها الخيِّرة، مع أنه ليست له موارد مالية مغرية لاستقطاب الجماهير أو نفوذ يحمي به، لهذا فإن عضويته ليست متاحة للانسلاخ والدخول إلى حظيرة الأحزاب الغنية والنافذة أو التخندُق مع الأعداء لأنها لم تأتِ لمغانم أو ولاء طائفي، وأخيرًا «يا ناس المؤتمر الوطني أبوابنا مفتوحة لكم متى ما شاركتمونا هذه المعطيات القيمية فعلاً لا قولاً، أقول ما تخافوا لأننا لن نقيم المهرجانات بدخول أحد منكم لأننا لا نحسب الكسب بلغة الصناديق الانتخابية».