صدقوني.. إن حوار الطرشان أوضح وأيسر وأنصح من حوار الإنقاذ المجتمعي الذي تقترحه.. وإلا فبالله عليكم ما معنى أن يكون من أهداف الحوار التأسيس الدستوري والمجتمعي.. أما الدستوري ففهمناها وهي البحث عن دستور ليس هو الضرورة شريعة الرحمن. فما هو التأسيس المجتمعي؟ هل هو مجتمع جديد مختلف عن المجتمع السوداني الذي نعيشه الآن؟ أما أن تضع وتصنع دستوراً فهذا ممكن. ولكن كيف تصنع أو تضع مجتمعاً عن طريق لجنة؟ والعبارة تحاول أن تشرح نفسها بطريقة الطرشان فتقول «في إطار توافقي بين السودانيين» هب أن السودانيين هؤلاء أو قل إياهم توافقوا على أمر ليس في كتاب الله ولا في سنة رسول الله؟ أليس توافقهم هذا قاضياً على الكتاب والسنة؟ صدقوني إن من بين أعضاء اللجنة ذاتها من لا يتردد في أن يقول ملء فيه نعم.. العبرة التوافق.. وفيهم من يقول بملء شدقيه: من قال هذا؟ هذا البلد مسلم ولا بد من أن تحكمه شريعة ربه ولن نخالف الكتاب والسنة هل هذا حوار طرشان؟ والله إن حوار الطرشان خير من هذا.. لو كان الصم البكم العمي يتحاورون.. لقلنا!! فما هو غرض هذا التوافق الرهيب الفلتة. «لإنشاء دولة راشدة ونظاماً سياسياً فاعلاً». طيلة ربع قرن من الزمان والإنقاذ لا تجد فسحة من الوقت للتفكير في دولة راشدة!! فماذا كانت تصنع طيلة ربع قرن من الزمان؟! بالله كيف لا يكون الأمر كذلك والإنقاذ وحلفاؤها لا تعرف أن المضاف إليه مجرور وليس منصوباً «لإنشاء نظاماً سياسياً فاعلاً» هكذا!! وكيف هو شكل النظام السياسي الفاعل.. إن لم يكن الديموقراطية ومع إقرار الجميع بقدسية الديموقراطية وأنها السحر الذي يحل جميع مشكلات الإنسانية فإن اللجنة تتحث عن «التعاون بين السودانيين والتوافق على تشريعات دستورية قانونية تكفل الحريات والحقوق والعدالة». لا أدري هل ستكون الشريعة مطروحة كخيار يتوافق عليه المتحاورون؟ وإن طرحت.. فأية شريعة ستكون؟ قطعاً لن تكون شريعة رؤية سلفية.. ولا حركية.. ولا صوفية لأن كل واحدة من هذه تخالف الأسس التي انبنى عليها الحوار. إن المحاور الذي كان يمكن أن يتكلم بصوت الشريعة ويدافع عنها.. للأسف هو كبير الطرشان.. هو الإنقاذ نفسها التي لا تؤمن ولا تمارس إلا الدغمسة شكلاً وموضوعاً. فالشريعة لا حظ لها في الحوار.. وعندما دعي الناس للقاء الرئيس دعيت الأحزاب أحزاب الصم وأحزاب الفكة.. ولم تدع هيئة علماء السودان.. ولا المجمع الفقهي ولا أي من الجماعات الإسلامية. ولا أدري إن كان هؤلاء الطرشان متفقين.. آسف.. أقصد إن كان لهم مفردات مفهومة أو إشارات معلومة.. على أن الشريعة الإسلامية يمكن أن تفي بكفالة الحريات والحقوق والعدالة. وبما أن الحديث.. رغم أنه حديث طرشان إلا أنه يدخل في المسمى.. يذكر ويشر إلى تشريعات دستورية وقانونية فمعنى ذلك أن قوانين سبتمبر ستعصف بها ريح التوافق إن لم تعصف بها ريح الدغمسة!! وقوانين سبتمبر هي البقية الباقية من ريحة الإسلام في الإنقاذ.. أما الإسلام فقد عصف به الفساد والتشبث بالكرسي.. والخوف من المجتمع الدولي.. والدغمسة!! إن الحوار المجتمعي هو حوار طرشان ما في ذلك شك، والدليل على ذلك موقف المؤتمر الشعبي وبالأخص موقف الناطق الرسمي اسمه كمال عمر المحامي الذي أصبح وطنياً أكثر من البشير نفسه.. وأيضاً الدليل على ذلك إدخال الحركات المسلحة الموقعة بل وحتى التي تحمل السلاح الشرط الوحيد هو موافقتها على المشاركة.. بس؟ أقصد فقط لا غير.. إن مؤتمر الحوار المجتمعي هو بدون شك أخطر وأسوأ من منعطف تمر به البلاد.. هو أخطر من انقلاب هاشم العطا.. وأخطر من غزو خليل للخرطوم.. وأخطر من نيفاشا نفسها.. وحتى تطمئنوا إلى ما أقول.. رغم أنه ضد الاطمئنان اسمعوا كيف تتخذ القرارات في المؤتمر أولاً.. التوافق.. يعني الموافقة العلنية أو ما يسمى الإجماع السكوتي.. ثانياً.. أغلبية «90%» من الحضور في اجتماع قانوني.. إن الذي وضع هذه الكيفية يخطط بدقة وبخبث.. إذ لو لم يكن دقيقاً بما يكفي.. وخبيثاً بأكثر مما يكفي.. كيف يتسنى لمؤتمر مثل هذا فيه رئيس الجمهورية من جانب واحد قادة الجماعات الحاملة للسلاح من جانب آخر.. كيف يتوقع له أن يتخذ قراراً بنسبة «90%» من أي اجتماع قانوني كان أو غير قانوني؟! لا بد أن هناك جهة مستعدة للتضحيات والتنازلات وكمان البطولات!! أليس من التضحية والبطولة أن تتنازل عن مشروع أنفقت فيه عمرك كله.. وحاربت وسالمت من أجله.. وقاتلت وقتلت وقتلت دفاعاً عنه وقدمت آلاف الشهداء، أليس من التضحية والبطولة أن تتنازل عنه من أجل خاطر عيون الوفاق الوطني!! يا أهل الإنقاذ.. اسمعوا واعوا.. نحن والله لسنا بطرشان.. ولا نحاور حوار الطرشان.. بل نفهمها طايرة.. فتحاوروا.. والله المستعان.. وابشروا... فالاتحاد الأوربي للفلك أعلن قرب قيام الساعة.. بطلوع الشمس من مشرقها.