٭ لا أظن أن أحداً يستطيع أن يحصي عدد اللجان التي شُكِّلت للبحث عن قضية محددة أو لمعالجتها، فهناك كم هائل من لجان التحقيق الكبيرة والصغيرة على مستوى المؤسسات، إما لم يُعمل بتوصياتها أو تم وأدها قبل أن تتوصل الى قراراتها، كذلك لا أحد يستطيع أن يحصي عدد القرارات التي تم نسيانها وإدخالها كهوف التجاهل والنسيان بما فيها قرارات على مستوى عالٍ، مثل القرارات المتعلقة بمكافحة الجبايات وفرض الرسوم في المدارس وتحديد سعر سلعة السكر وغيرها من القرارات. ٭ ومن القرارات القديمة التي لم يتم التعامل معها بفاعلية قرارات إبراء الذمة، فقد صدر قانون مكافحة الثراء الحرام منذ قيام الإنقاذ في عام 1989م، لكن الحديث عنه كان يبرز في أوقات متباعدة، ففي أبريل 2008م أي قبل ثلاث سنوات تقريباً، قال مدير إدارة مكافحة الثراء الحرام في حوار مع صحيفة «الصحافة» إنهم لم يتسلموا منذ عام 1989م أي إقرار ذمة إلا نادراً، والمعروف أن الإقرارات تشمل الوزراء الاتحاديين ووزراء الدولة وكل شخص يحمل صفة وزير، بالإضافة إلى الولاة والوزراء الولائيين والمعتمدين ورئيس القضاء والمراجع العام والمستشارين القانونيين بوزارة العدل والمراجعين بديوان المراجع العام، بالإضافة إلى شاغلي المناصب القيادية العليا بالخدمة العامة، إلى جانب ضباط القوات المسلحة والأمن، فكم عدد الإقرارات التي وصلت من تلك الفئات حتى الآن قبل توليهم لمناصبهم وأثناء الخدمة وبعدها كما يقول القانون؟ ٭ أيضاً من القرارات التي صدرت في عام 2008م قرار يقضي بتكوين لجنة لفحص إقرارات الذمة للسادة شاغلي المناصب الدستورية والوظائف العليا، قيل إنها، بحسب المصادر الصحفية آنذاك، برئاسة وزير العدل السابق عبد الباسط سبدرات، وعضوية كل من المكاشفي طه الكباشي وأبيل ألير وعبد الرحمن إبراهيم الخليفة والمستشار عماد الدين محجوب رئيس مكافحة الثراء الحرام والمشبوه عضواً ومقرراً، فهل مارست اللجنة نشاطها أم أنها رفعت بعض التوصيات لكنها لم تنفذ؟ ٭ ثم استمر الصمت حول إقرارات الذمة حتى أبريل الماضي، حيث قدم رئيس الجمهورية إقراراً بالذمة، ثم تبعه عدد كبير من الوزراء قيل إن نسبتهم بحسب تصريح وزير العدل «80%» الذي أمهل فيه كافة المسؤولين بالدولة شهراً لتنفيذ إقرارات الذمة. ولا ندري هل تم الالتزام فعلاً بالقرار أم أن هناك جهات مازالت مستعصمة؟ وإذا كان الأمر كذلك فما هو الإجراء الذي تم حيالها؟ علماً بأن القانون يقول إن الممتنعين عن تنفيذ إقرار الذمة يعاقبون بالسجن لمدة ستة أشهر أو الغرامة أو بالعقوبتين معاً، فهل تمت محاسبة أيٍ من الممتنعين منذ إجازة القانون قبل اثنين وعشرين عاماً تقريباً؟ والسؤال محول أولاً للسيد وزير العدل السابق عبد الباسط سبدرات ثم الوزير الحالي محمد بشارة دوسة. ٭ وأخيراً هل الكل براءة وشفافية؟ أم أن هناك قصوراً في تطبيق القانون، وهناك «من هبروا وملوا»؟ ولكن على طريقة إخوتنا في شمال الوداي «كله بالقانون نحن براءة يا بيه»!!