تفاقمت جرائم انتحال «صفة الغير» في المجتمع السوداني بشكل يثير الرعب و يؤرق المجتمع ما يتطلب الحذر لمختلف المواقف باعتبارها من الجرائم الأكثر تطورًا والتي أدت إلى فقدان الثقة بين البعض لكثرة المواقف الإجرامية التي يتعرض لها المواطنون من قبل عصابات تخصصت واحترفت انتحال الشخصيات باستهداف وظائف معينة بغرض الاحتيال والتلاعب على المواطنين، وذلك بانتسابهم لمهن الطب أوالإعلام أو قوات الشرطة للتمتع بصلاحيات تمكنهم من استدراج المواطنين وغيرها من المهن لممارسة مختلف أساليب الغش والخداع ما يترتب عليها إيقاع الضرر على الآخرين كاستغلال أشخاص أو بيانات عبر الإنترنت تخص شخصاً آخر أو من خلال العقارات. * نماذج جرائم الانتحال: كشفت السجلات الشرطية عن تدوين عدد من البلاغات فى مواجهة المتهمين أدت إلى ارتفاع نسبة الجريمة ونجد أن من القضايا التى أخذت رواجاً إعلامياً بلاغ ضد متهم ينتحل صفة الإعلامي عبد المطلب الفحل، وذلك أن المتهم انتحل شخصيته بغرض الاحتيال على مواطني منطقة أمبدة وخداعهم بأنه يقوم بإعداد مسابقة ويطلب من النساء إعطاءه مبلغاً مالياً أو مصوغات ذهبية، وبعد فترة اتضح لهم بانه لا توجد أية مسابقة وأن الشاكية تقدمت ببلاغ للشرطة لتعرضها لعملية احتيال من قبل المتهم الذى قام بأخذ مصوغاتها الذهبية إلى جانب مبالغ مالية من سيدات أخريات يقابلهن في الشارع العام وعلى إثر البلاغ ألقت الشرطة القبض عليه، وأحيل الى محكمة أمبدة التى أصدرت حكماً في مواجهته بالسجن 3 سنوات وتعويض الشاكية قيمة المصوغات الذهبية، وفي بلاغ منفصل تمكنت الشرطة من القبض على متهمين في قضية انتحال شخصية الشيخ الفاتح بن الشيخ البرعي وذلك بتنفيذهم لعمليات الدجل والشعوذة على السيدات وخداعهم بإنزال المال بواسطة الجن الأمر الذي تمكنوا من خلاله الحصول على مبالغ مالية ضخمة بلغت 33 ألف دولار، فيما اتجهت الشاكية المجني عليها إلى الشرطة وفتحت بلاغاً في مواجهة المتهمين. وأفادت خلال التحري ان المتهمين كانوا يستغلون عربات فخمة ومظللة لتنفيذ المخططات الإجرامية وتمكنت شرطة أمن المجتمع من القبض عليهم ووجهت لهم تهماً تتعلق بالاحتيال والدجل والشعوذة، بينما أفادت الشاكية الثانية أن المتهم نفذ عملية الدجل والشعوذة عليها، وقالت إنه كان «يقلد» الشيخ الفاتح حتى في صوته وأضافت انه عبر الاحتيال استطاع ان يستولي على مبلغ 375 ألف جنيه وإثر المعلومات التي أدلت بها الشاكية تمكنت الشرطة من القبض على المتهم بمنطقة أركويت وفتح بلاغات في مواجهتهم تحت المواد 22 النظام العام والمادة 178 احتيال من القانون الجنائي. * وقفة قانونية: يعرف خبراء القانون الانتحال بأنه تقمص شخصية وصفة غير من خلال أدائه بإقرار أو أقوال قد يتسبب فى اتخاذ إجراء قانوني يعاقب بالسجن مدة لا تتجاوز 3 سنوات أوالغرامة أو العقوبتين معاً بموجب المادة 93 من القانون الجنائي، وأشار خبير قانوني خلال حديثه ل«الإنتباهة» أنه دائماً ما يتم انتحال صفة شخصية الشرطي بغرض ابتزاز المواطن، وأضاف أن الشخص الذى يقوم بانتحال الشخصية يكون على درجة عالية من الإجرام والجرأة وأغلب الجرائم يكون ضحيتها البسطاء من المواطنين، واستطرد قائلاً إن هذه الجريمة دخيلة على المجتمع وناتجة عن الأزمة الاقتصادية وتفشت بشكل مريع خلال هذه السنوات، كاشفاً عن وجود عصابات منظمة ومكونة من الفتيات لتصيد التجار والمشاهير ورموز المجتمع، لافتاً الى خطورة هذه الظاهرة واعتبرها طريقاً سريعاً لإفساد المجتمع. * الأسباب النفسية للجريمة: تقول الباحثة الإجتماعية سلوى حسن ل «الإنتباهة» إن جريمة انتحال الشخصية من الظواهر الإجرامية التي تفشت فى المجتمع وصاحبتها كثير من الأسباب النفسية والاجتماعية التى تدفع إلى ارتكاب الجريمة بهدف الحصول على منافع مادية أو إشباع رغبة الحصول على وظائف رفيعة فى المجتمع، ومثل هذه الجرائم دائماً تتم تحت ستار الخداع وتندرج تحت طائلة الاحتيال. وقالت إن هناك سمات للشخصية وغالباً ما تكون الشخصية غير توافقية بمعنى أنها قليلة الإنجاز للمهام الموكلة لها، إضافة إلى أن بعض المجرمين ينتمون لشبكات إجرامية بهدف الهروب من مشكلة ما أو تنقصهم التنشئة الاجتماعية وأولها الأسرة، وأرجعت الباحثة انتحال الشخصية إلى ضعف الوازع الديني والنفسي والتفكك الأسري.