كادت أن تنقضي الفترة الأولى لولاية محمد يوسف آدم والي كسلا عقب الاستحقاق الانتخابي 2010م إلى 2015م، شهدت الولاية خلالها بعض الانجازات وجملة من الإخفاقات، فقد اتسمت بمظاهر التغيير الظاهري الذي حاولت جاهدة حكومة الولاية إبرازه عبر الوسائط الإعلامية من خلال التبشير بوجه كسلا الحديث، فسوقت له في المنابر المتعددة فلا يمر محفل أو لقاء جماهيري أو تستقبل الولاية مسؤولاً من المركز إلا ويبدأ الحديث عن تلكم المشروعات «وسط المدينة كورنيش القاش إنارة توتيل الخ... » حتى أن الولاية انشأت وزارة خاصة للاستثمار والسياحة بعد التعديل الوزاري الأخير والتي وجدت اهتماماً خاصاً من حكومة الولاية ، كما أطلقت الولاية قناة فضائية لتسهم في ذلك. ولعل المفهوم البسيط الذي يقوم عليه الاستثمار هو زيادة الإنتاج والإنتاجية، ما يؤدي إلى زيادة الدخل القومي وارتفاع متوسط نصيب الفرد منه وبالتالي تحسين مستوى معيشة المواطنين كما يسهم في زيادة معدلات التكوين الرأسمالي للدولة أو الولاية التي تخطط لمشروعات استثمارية فعليها قياس المردود وفق هذه الاستنادات الأولية، وعليها أن تطرح جملة من التساؤلات أبرزها ما مدى إسهام الاستثمار في إنتاج السلع والخدمات التي تشبع حاجات المواطنين وتصدير الفائض منها للخارج؟ ما يوفر العملات الأجنبية اللازمة لشراء الآلات والمعدات وزيادة التكوين الرأسمالي أو استطاعت تلك المشروعات من تحسين أوضاع المواطنين، هل أسهمت في تخفيف البطالة باستيعاب عمالة في تلك المشروعات؟ وهنا يبرز السؤال ما جدوى تلك المشروعات التي قامت والتي تتباهى بها حكومة الولاية؟ . ولعل هجوم مجلس ولاية كسلا التشريعي على الأداء التنفيذي خاصة في قطاع الاستثمار والسياحة وان كان وراءه دوافع سياسية ويهدف لتسجيل نقاط في ظل التسابق والتنافس الانتخابي الذي اقترب أوانه إلا انه كشف جوانباً من القصور الذي يشهده القطاع الاستثماري بالولاية فقد انتقدت اللجنة الاقتصادية بمجلس ولاية كسلا التشريعي، تقرير وزارة الاستثمار والسياحة وذلك بناءً على إفادات عضو بارز بمجلس الولاية فضل عدم ذكر اسمه، وقال إن اللجنة تساءلت عن تلك المشروعات العملاقة التي بشرت بها حكومة الولاية والتي قدمت أحلام عراض في مجال المشروعات، كمشروع التلفريك، ومنتج الزميلة، وغابة تنمتاي، والمنطقة الحرة، وقرية الصادرات، ومصانع الاسمنت والحديد، ومشروع إنارة توتيل، والذي وصفته بمشروع الأربعة أعمدة وبإنارة ضعيفة كما تساءلت اللجنة عن باقي المشروعات. ومن هنا يبرز جلياً الفهم الخاطئ للاستثمار بولاية كسلا والذي اقتصر على تصريحات وإعلام بلا وجود له على ارض الواقع فقد بشرت حكومة الولاية بما يقارب «34» مشروعاً لم ينفذ منها سوى ثلاثة مشاريع، وحتى هذه المشروعات التي نفذت كانت برأسمال محلي فيما أشار المصدر إلى أن اللجنة تساءلت عن «28» مشروعاً متى سترى النور وماذا تم فيها كما أكد أن المجلس انتقد أداء الوزارة بلهجة حادة، مشيرين إلى أن الوزارة ظلت بلا وزير لمدة «14» شهراً وتدار بواسطة وزير مناوب طوال هذه المدة، مبينين أن تقارير الوزارة مكررة منذ ثلاثة أعوام ،، وصدق ما كان يشاع بان هنالك عدداً من المستثمرين عدلوا عن الدخول في الاستثمار بالولاية بعد أن ابدوا استعدادهم للاستثمار، والشاهد على ذلك خطاب الاعتذار الذي تقدم به المستثمر السعودي الذي كان يعتزم استثمار «100» ألف فدان زراعي بمحلية نهر عطبرة، وعلى الرغم من أن هجوم اللجنة الاقتصادية جاء في سياق المكابدات السياسية، وذلك لان ما يحدث ظل قائماً طوال الثلاث سنوات الماضية وكانت الوزارة بلا وزير لمدة أربعة عشر شهراً ولم يحرك المجلس ساكناً فهل لم يفطن له المجلس إلا في هذا التوقيت، وبعيداً عن تلك الصراعات نؤكد أن ما ذهب إليه المجلس ممثلاً في لجنة الاقتصادية مؤشر للكثير فقد لمس المجلس ذلك الفهم الخاطئ للاستثمار وتلك الإجراءات التي كان من المفترض أن تسبق أي مشروع استثماري من إزالة الموانع وغيرها من الأسباب المعيقة للاستثمار والمستثمرين، كما تطرق إلى ضرورة إزالة التقاطع بين القرارات السياسية والإجراءات التنفيذية في عمل الاستثمار، كما طالب بضرورة أن لا يمرر أي مشروع دون موافقة الوزارة المعنية، ووجه بإيقاف أي تصديق لمشروعات جديدة حتى تراجع التصديقات السابقة. إن ما يشهده قطاع الاستثمار والسياحة بولاية كسلا ليس استثناءً ولعل هذا واقع الحال في اغلب قطاعات الولاية والمضحك المبكي أن الولاية تعتزم إقامة المهرجان الثقافي السياحي الرابع وهذا بدوره هدر وعبء آخر سيضاف على موارد الولاية دون قياس لمردود التجارب السابقة للمهرجان على الولاية.