ما يتردد في أروقة مجلس حقوق الإنسان أن هناك حِراكاً دبلوماسياً لإعادة السودان إلى البند الرابع «بند الدول الأكثر انتهاكاً لحقوق الإنسان» وما يؤكد هذا الحراك تبني الولاياتالمتحدةالأمريكية لمشروع قرار «Resolution « حول أوضاع حقوق الإنسان في السودان مدعوماً من الكتلة الأوربية. مشروع القرار الأمريكي الذي اكتست جزئياته وكلياته بعبارات الشجب والإدانة ملئ بالقلق والتحذيرات والمطالبات بتعديل بعض القوانين وفقاً لمواثيق حقوق الإنسان. جهات حقوقية أخرى ترى أن التفويض طبقاً للبند الرابع هو الأنسب للحالة السودانية. تنامي التحذيرات بإعادة السودان إلى «قفص الانتهاكات» جعل وفداً من وزارة العدل والمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان يدخل في مفاوضات مباشرة مع ممثلي بعثة الولاياتالمتحدةالأمريكية لدى مجلس حقوق الإنسان في جنيف من أجل الوصول إلى صيغة مرضية للطرفين (اتفاقٌ لا يموت فيه الذئب ولا تُفنى الغنم) ولكن إصرار واشنطن على تدهور حالة حقوق الإنسان في السودان ربما يقذف بالسودان إلى «البند الرابع انتهاكات» وفي حال وصول الطرفين إلى (منطقةٍ وسطى) سيحتفظ السودان ببطاقة البند العاشر «مساعدات فنية» تحت مشروع قرار أمريكي قاسي اللهجة وشديد اللغة مُعدل من قبل المجموعة الإفريقية التي تسعى لبقاء السودان في البند العاشر. المسافة ما بين البند الرابع والعاشر لا تساوي حسابياً أربع خُطوات بل تساوي (خُطوة أو نصف خُطوة)، لأن كليهما يقع تحت الإجراءات الخاصة لمجلس حقوق الإنسان «Special Procedures «مما يعني أن انتقال السودان من البند الرابع «بند الدول أكثر انتهاكاً لحقوق الإنسان» إلى البند العاشر «الخاص بالمساعدات الفنية والتقنية» في سبتمبر 2009 انتقالا لا يستحق التصفيق ولا صيحات الانتصار، لأنه وفقاً للإجراءات الخاصة لمجلس حقوق الإنسان أن أي دولة تخضع لولاية الخبير المستقل كما هو الحال في السودان أو المقرر الخاص كما هو الحال في إرتريا وبيلاروس أو لجنة تقصي حقائق دولية كما هو الحال في سوريا فهي لا تزال تحت الرقابة Monitoring فالأمر لا يستحق كل هذا الضجيج الإعلامي ولا يستحق تفويج الوفود من أجل إبقاء السودان في بند المساعدات الفنية. يجب على السودان اعتماد إستراتيجية الجهود بدلاً من نظرية الوفود خاصة أن السودان منذ إنشاء مجلس حقوق الإنسان في عام 2006 لم يحظَ بعضوية المجلس مكتفياً فقط بصفة مراقب ورغم هذا الوضع الهش تتسابق الوفود السودانية إلى جنيف للمشاركة في أعمال المجلس بحجة دحض نظرية المؤامرة التي تحاك ضد السودان في أروقة الأممالمتحدة ومن أجل تحسين صورة السودان في أروقة المجلس وها هو السودان يتدحرج نحو بند الانتهاكات ويستضيف الرابع دول تعاني من الحروب والصراعات المسلحة مثل سوريا. البند العاشر والرابع هما وجهان لعملة واحدة كليهما يُعنَى بالرصد والتبليغ عن حالات حقوق الإنسان وتقديم المشورة وكليهما فُصِّل للدول التي تشهد تدهوراً في أوضاع حقوق الإنسان. يستضيف البند العاشر دولاً تتأزم فيها ملفات حقوق الإنسان مثل الصومال وجنوب السودان وساحل العاج. حاول السودان مرارًا وتكراراً انهاء ولاية الخبير المستقل السابق التنزاني محمد عثمان شاندي (2009 2012) وعندما اعتذر أستاذ القانون التنزاني عن مواصلة مهام ولايته اعتلت ابتسامة عريضة أوجه السودانيين المعنيين بملف حقوق الإنسان وباركوا هذه الخطوة واليوم عندما أعلن الخبير المستقل مشهود بدرين عن اعتذاره لمواصلة مهام ولايته لأسباب ربما تكون عملية نسبة لالتزاماته الأكاديمية مع جامعة لندن ارتسمت علامات الدهشة والغضب على ذات المسؤولين رغم أن الولاية ذات الولاية والمهمة ذات المهمة لكلا الخبيرين ولكن فقه الضرورة جعل السودان يتمسك بالأخير ولا يزرف دمعاً على من سبقه. ولاية الخبير المستقل ليس وظيفة أممية ثابتة بقدر ما هي عمل تطوعي من أجل مساعدة الدول في تقديم العون الفني وبناء القدرات وما يتردد عن البديل لولاية الخبير المستقل لأوضاع حقوق الإنسان في السودان هناك مرشحان أحدهما مغربي عمل في محكمة الجنايات الدولية وهذا بالتأكيد ستعترض عليه حكومة السودان والآخر من مالطة وربما يتم التوافق عليه.