هذه «خفيفة الوزن»، باهظة التكاليف.. أخيراً لجأت للقصر بعد ان تشاكس المسؤولون واطلقوا صواريخ، وفي المجلس التشريعي دخلت القفة القاعة الفخيمة، ظناً من المسكينة انها ستفرح «ما لقت ليها مطرح» أو «حيلقوا ليها حلل قبل ما يجيها الأجل»، وكانت تظن المسكينة أنها سينسون لها قوانين رادعة واحكاماً ناجعة، وهذا ما كانت تبتغيه.. لكنها بدأت تتلفت يمنة ويسرة وهي تسمع لاعضاء المجلس يخرجون الهواء الساخن من صدورهم ويوجهون انتقادات عنيفة لحكومة الخرطوم ويحملوها مسؤولية ما وصلت اليه «القفة»، صارخين باعلى صوتهم «الغلاء سل روح المواطن».. حتى أن النائبة فاطمة حامد وصفت مراكز البيع المخفض بأنها كذبة صدقتها ولاية الخرطوم!! وخرجت «القفة» المسكينة من المجلس التشريعي «فللي»، «مرقنها كرعيها»، كانت تظن أن هذا المكان سيصدر تشريعاً يحفظ لها عافيتها. خرجت وصدى المداولات والتصريحات يجلجل في «أذنيها»، ولم تذهب «القفة» للوالي في مكتبه لأنها كانت حضوراً بالمجلس والنواب يناقشون خطابه بشأنها حتى ان نائبة وصفت الخطاب بانه تقليدي وهاجمت مراكز البيع المخفض، وقالت إن الخطاب يتحدث عن قضايا لا تسمن ولا تغني من جوع ويخجل الانسان ان يتناقش فيها!! وبمجرد احتدام النقاش خرجت «القفة» خلسة وهي خائفة على نفسها، فهي رقيقة الحال ويبدو عليها الضعف والهزال. ثم شقت «القفة» طريقها وهي تقطع كوبري النيل الأبيض تحملها الريح على عجل، فنظرت المسكينة لملتقى النيلين وردت لها نسمات امواجه المهاجرة بعضاً من روحها.. ودون ان تستأذن «القفة» من الحرس دخلت البرلمان.. «نعم.. ما كانت تظن القفة في يوم من الأيام انها ستدخل البرلمان.. ان المكان الاول الذي جاءت منه موقع تاريخي.. فيه أعلن استقلال السودان.. إلا «القفة»، ظلت أسيرة الطمع والجشع والضياع. دخلت البرلمان بأم درمان ووجدت اعضاءالبرلمان هناك في انتظارها. وبدأ عليها الاعياء الشديد والارتجاف وزيادة في ضربات القلب زادها في ذلك تعهد السيد وزير المالية بدر الدين محمود بأن الحكومة ماضية في سياسة رفع الدعم عن السلع. وبالرغم من الافادات الخطيرة التي كشفت عنها القيادية بالوطني دكتورة عائشة الغبشاوي عن ارتفاع الاصابة بالامراض النفسية وتزايد نسبة الطلاق في المجتمع السوداني والذي ارجعته الدكتورة للضائقة المعيشية، الا ان ذلك لم يشفع امام تعهدات السيد وزير المالية.. وحتى العبارة التي قالتها الدكتور بأن الوضع الاقتصادي خلق نوعاً من انفصام الشخصية لدى بعض الناس وحولهم إلى مجانين، إلا أن لسان حال تعهد الوزير يقول: «ان شاء الله يجنوا ويزيدوا في الجن». وتلفتت «القفة» ذات اليمن وذات اليسار والدموع تنهمر من عينها غزيرة وتبلل «سعفها» الغض حتى آخرها.. وهي تستمع للبرلمان ايضاً يطالب بخطة اسعافية وخطة طوارئ حتى أن أحد النواب انفعل عدييل ونادى بمحاكم عسكرية.. وآخر طالب بإحكام اعدام لمن يعتدي على حقوق «القفة» في البقاء «معززة» «مكرمة».. حتى لا يصاب البقية الباقية من الشعب السوداني الفضل بالجنون وأخيراً وليس آخراً لجأت القفة للقصر فاعترف بها القصر وهي تقدم اوراقها امام الرئاسة، وصدر تصريح رسمي في الصحف بالمانشيت العريض: المواطنون يعانون والمعيشة صعبة. ثم عنوان آخر كبير: تدابير رئاسية لمحاربة الاحتكار والغلاء. واخيراً وبتاريخ 14/9/2014م يصرح السيد النائب الاول لرئيس الجمهورية بكري حسن صالح بأن الرئاسة توجه بتوفير «قفة الملاح» للمواطن. نعم يطبطب سعادته على ظهر القفة.. ويداعب «أضانها» حتى يخفف عنها كل تلك المعاناة.. لم لا وقد استنفدت القفة كل فرص احكامها العدلية حتى وصلت لأعلى هرم السلطة.. وها هو ينطقها بالاسم في تصريح خرجت به الصحف «قفة الملاح». وحتى اشعار آخر فإن القفة في انتظار اوامر ومراسيم جمهورية لتعيدها سيرتها الأولى، وبعدها يعود المثل لمن تبدو عليه قوة الشخصية ويقال له: انت قايل نفسك قفة ولا أضان قفة؟!