عنف أثارت أمس مظاهرات التخريب الهلع والفزع في العاصمة، جُرح العشرات من الأبرياء وحُطِّمت المئات من السيارات والبصات كما تعرضت بعض المتاجر والمنازل للتخريب، وقد تمركزت هذه الجرائم التخريبية في منطقة مطار الخرطوم والديوم والمحطة الوسطى وشارع القصر وبري والخرطوم بحري وكانت ساعة الصفر لهذه المؤامرة الساعة الثالثة ظهراً عندما خرج المئات من الجنوبيين إلى الشارع، ويرتدي معظمهم شارات سوداء وبدأوا في قذف المارة بالحجارة الضخمة وقطع الحديد وتقسموا إلى مجموعات غطت معظم أحياء الخرطوم والخرطوم بحري وفي الساعة السابعة مساءً سيطروا سيطرة تامة على منطقة المطار وأغلقوا كبري المسلمية والشارع المواجه لمستشفى الخرطوم، وأخذوا يشنون هجمات منظمة على العربات والمارة واستنجد الناس بالبوليس إلا أن البوليس لم يحرك ساكناً واضطر الناس للدفاع عن أنفسهم وشكلوا دوريات في الأحياء لحماية المنازل ولم تستطع المطافئ إطفاء حريقين بالقرب من كمبوني واضطرت عربات المطافئ إلى الرجوع إلى الرئاسة بعد أن أمطرها الجنوبيون بالحجارة وأصيب واحد من الجنود بجراح، هذا وقد أغلقت جميع المتاجر أبوابها وفي الساعة الثامنة استطاعت قوات البوليس الحد من أعمال التخريب وقد استعملت القنابل المسيلة للدموع، وقد جرت اعتقالات على نطاق واسع. هذا وقد أصدرت وزارة الداخلية البيان التالي: لقد تجمع بعض المواطنين الجنوبيين الذين كانوا في استقبال السيد كلمنت أمبورو وزير الداخلية في مطار الخرطوم، وكان ينتظر أن تهبط طائرة سيادته في أرض المطار في الساعة الثالثة والنصف مساءً ثم تأخر هبوطها إلى الساعة الخامسة والنصف مساءً، ولما لم تهبط في الوقت المحدد تهيج بعض المواطنين الجنوبيين وظنوا خطأ أن هنالك محاولة مقصودة في تأخير طائرة السيد الوزير خصوصاً وأن طائرة سيادته سبق أن تأخرت عن القيام عند سفره إلى الجنوب ولم تفلح المحاولات في إقناعهم أن سيادته قد تأخر في كدوك في مهمة رسمية فعمدوا إلى التخريب وتحطيم بعض العربات وساروا في مظاهرات في شوارع العاصمة وقد تمكنت سلطات الأمن من تفريق المظاهرة حوالى الساعة الثامنة والنصف وبعد وصول السيد كلمنت كان كل شيء قد هدأ تماماً. السودان الجديد 7/12/1964م من المحرر عُرفت هذه الأحداث في التاريخ السياسي الحديث بأحداث الأحد الأسود وسببها هو ما ذكره بيان وزارة الداخلية أعلاه، وكانت هذه الأحداث إحدى المحطات التي سببت شرخاً كبيراً في العلاقة المتوترة أصلاً بين الشمال والجنوب.