الأحد الدامي والإثنين الأسود يومان حفظهما التاريخ وسجلها في صفحاته بأحداثها التي أثارها بعض الجنوبيين وسط الخرطوم ولونوهما بلوني الألم والحزن الأحمر والأسود بعد عمليات شغب قامت بها مجموعات منهم كانت نتيجتها عدداً من الضحايا بين قتلى وجرحى.. بالأمس الأول أعادت عمليات الشغب التي أثارها المئات من مواطني الدولة الوليدة الذين مازالوا يقيمون بالخرطوم بالقرب من شارع القصر بعد خروجهم من احتفال سنوي لمؤسس كلية كمبوني «دانيال كمبوني» الذي صادف يوم أمس الأول تاريخ وفاته أعادت هذه الحادثة ذكرى أحداث شغب تلك الأيام، حيث شهدت العاصمة الخرطوم في يوم الأحد 6 ديسمبر 1964م حادثاً مشابهاً عندما احتشد عدد كبير من الجنوبيين في مطار الخرطوم لاستقبال اللواء كلمنت أمبورو بعد أن أنهى زيارة تفقدية قام بها للمديريات الجنوبية وقتها إلا أن الطائرة التي كانت تقله من جوبا للخرطوم تأخرت لبعض الوقت مما قاد لانتشار بعض الشائعات عن مقتله وبعدها خرجت تلك الحشود من المطار وأحدثت فوضى عارمة وأحدثت خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات، وأشارت التقديرات وقتها إلى 14 قتيلاً و400 جريح إلا أن ماحدث بعد كل ذلك هو عودة كلمنت سالما وبقيت أحداث الأحد جرحاً غائرًا من عدم الثقة بين الشماليين والجنوبيين. وبعد 41 عاماً من تلك الأحداث وفي يوم الإثنين الثاني من أغسطس 2005م وحينما تم الإعلان عن وفاة رئيس الحركة الشعبية جون قرنق إثر تحطم طائرته المروحية في منطقة نيوسايت الجبلية بجنوب السودان عائدًا من يوغندا في زيارة ظلت أسبابها طي الكتمان حتى على رئاسة الجمهورية التي شغل فيها قرنق منصب النائب الأول بعد اتفاق نيفاشا اندفع الجنوبيون في عمليات انتقامية وسط المواطنين قتلاً ونهباً واغتصاباً وإحراقاً للممتلكات، واجتاحت العاصمة فوضى عارمة كان لها تأثيرها الأمني والاقتصادي والاجتماعي. ولكن أعمال العنف والمصادمات التي وقعت أمس الأول بين الجنوبيين أنفسهم في جناح الكتاب المقدس بالمعرض الذي ينتظم مباني الكلية دورياً وتنصب له الصيوانات وتقام فيه المحاضرات بواسطة مكبرات الصوت امتدت لخارج المبنى مما أدى لإصابة عدد من المواطنين وتخريب ممتلكات آخرين بعد أن قامت مجموعات منهم باقتحام بعض المحال التجارية وحصب المارة والسيارات بالحجارة الأمر الذي أحدث فوضى وأثار الذعر وسط المواطنيين. الحدث فجّر العديد من الاستفاهامات حول وجود الجنوبيين وفتح الباب أمام العديد من المطالبات التي من بينها إعادة النظر بجدية في وجود الجنوبيين بالشمال بعد الانفصال ودعا البعض إلى ضرورة تنفيذ القرارالذي أفصحت عنه في وقت سابق بعض المصادر عن نيّة الحكومة تقليص فترة بقاء الجنوبيين بالشمال وترتيب أوضاعهم كما نبهت العديد من الأسر لعمليات نهب واعتداءات شهدتها مناطق مختلفة من العاصمة يعتقد أنها لمجموعات من عناصر ما يسمى بالنيقرز التي اعتادت في فترات سابقة قبل الانفصال على تسجيل العديد من عمليات الاعتداء والنهب للمواطنين العُزّل. وبالرغم من انخفاض معدلات الجرائم التي ترتكبها هذه المجموعات إلا أن بعضها ظل موجودًا وأشار البعض إلى ظهور بعض المجموعات ترتدي « تي شيرتات باللون الأسود تحمل الحرف N » وهو شعار معروف ترتديه إحدى مجموعات لعبة المصارعة تعرف بمجموعة «نيكسيس» اعتادت على إثارة الشغب والفوضى وسط لاعبي وأبطال الاتحاد الدولي للمصارعة.. ولكن المفارقات التي ظلت تسجلها أحداث الجنوبيين في الخرطوم في توقيتها وتزامنها أصبحت مثار دهشة حيث توافقت في أيامها في الأحد والإثنين في ثلاث مراتها وبينما كانت الأولى لدى تأخر طائرة كلمنت جاءت الثانية بعد تحطم طائرة قرنق بينما أعقبت الأخيرة إقلاع طائرة رئيس جمهورية جنوب السودان الفريق سلفا كير كأول رئيس للدولة الوليدة وفي زيارته الأولى للخرطوم التي غادرها بعد استقبال حافل.