طالعنا الأستاذ محمد لطيف بمقال «جريمة مزدوجة» عن وباء الجرب في منطقة كرري وأمبدة، وساق تهماً لوزير الصحة ووزارته وجامعة العلوم الطبية. منذ أن تسلم بروفيسور مأمون حميدة أمر وزارة الصحة اهتم بتكوين شراكات مجتمعية مع وزارته لزيادة التغطية العلاجية وللاستفادة من الموارد البشرية خاصة في الجامعات والمنظمات الطوعية، وقد ذكر لي أنه بعد أسبوع واحد من تسلمه المسؤولية وفي طواف على مكاتب الوزارة وجد أن هناك أكثر من ثلاثمائة ألف حبة برازيكواتيل «عقار البلهارسيا» بقى لها ستة أسابيع لنفاد مفعولها، وطلب منه حافز للعاملين وعربات لتوزيعها على المرضى الذين ينتظرونها وفي نهاية العام «نوفمبر»، ولم تتيسر هذه الحوافز فطلب من جامعة العلوم الطبية وجامعة الخرطوم والجمعية الطبية الاسلامية بأن يوفروا عربات وأطباء وصيادلة لتوزيع العقار الذي كان تبلغ قيمته فوق الثلاثمائة مليون جنيه، وتم التوزيع وكانت آثاره طيبة. ويعتبر ما حدث من انتشار ميكروب «الحنكولو» أو ما يسمى مجازاً الجرب وباء يحتاج الى طاقات بشرية كبيرة لتلافي الأمر، مما يستوجب تنشيط المجتمع وتحفيز العاملين في الجامعات والمؤسسات الطوعية لمساعدة الوزارة في درء مخاطر الوباء، ووجد كما حدثني الوزير أن الأمر يحتاج الى حوافز لم تكن متيسرة عصر يوم الأربعاء، مما حدا به للاتصال بنا في الجامعة لتقديم خدمات الأساتذة والطلاب... ووافقت الجامعة على إيجار بصات الوالي الأربعة وبالفعل قامت الجامعة بدفع تكلفة ترحيل الطلاب على حسابها رغم أن النشاط هو نشاط حكومي، وليس غريباً أن تقوم الوزارة أو الولاية بدفع تكلفة ترحيل الطلاب، ولكن تحاشياً لأية شبهة تؤخذ لاستغلال الوزير لموقفه تجاه جامعة كان هو مديرها، أصر هو على أن تقوم الجامعة بدفع قيمة الإيجار بل ودفعت قيمة تكلفة افطار كل العاملين في مكافحة الوباء حتى الذين أوفدتهم الوزارة للعمل. واصطحب الطلاب عشرة من الاختصاصيين في علم الأمراض والأمراض الجلدية وصحة المجتمع، وهذا ما هو معمول به في مكافحة الأوبئة، وقد اتخذ الطلاب تحت اشراف الاستشاريين الوقاية اللازمة لحماية أنفسهم تماماً كما يحدث في المستشفيات التي يتدربون بها وبالمستشفيات أمراض أخطر وأكثر فتكاً وأسرع انتقالاً، وطلاب الجزيرة يقضون أسابيع في قرى الجزيرة يأكلون ويشربون ويتعرضون لما يتعرض له الفلاحون، وهذه هي أسس التدريب الطبي علمه من علمه وجهله من جهله. الأستاذ محمد لطيف والذي لم يعرف عنه ضمن مؤهلاته العديدة وخبراته الواسعة أنه أستاذ بكلية الطب، أو أن له دوراً في تدريب الطلاب الجامعيين فجامعة العلوم الطبية التي عرفت بالاتقان والتميز والالتزام الكامل بالأسس الأخلاقية المهنية في تدريب الطلاب، فهي الأجدر برعاية طلابها والحفاظ عليهم من التعرض للأمراض، وهذا جزء لا يتجزأ من التدريب العالي الذي تقوم به الجامعة في مناحي نشاطاتها المختلفة، ونؤكد أن الطلاب وعددهم «160» طالباً الذين قاموا بنشاط كبير في المسح الأولي للتلاميذ المصابين بالميكروب، قد استفادوا أيضاً من اختلاطهم مع اخوانهم التلاميذ، ووقوفهم على الحالة الاجتماعية لهؤلاء التلاميذ هو أساس تدريب أطباء المستقبل، وهذا النهج هو ما حدا ببروفيسور مأمون حميدة إلى أن تعم شراكات مع الجامعات، وعلى إثرها منحت جامعة الخرطوم مستشفى ابراهيم مالك وجامعة النيلين والمستشفي التركي لجامعة المغتربين وجامعة السودان العالمية «جامعات خاصة» لإدارة هذه المستشفيات. يتضح مما تقدم الآتي: ٭ إن الجامعة وانطلاقاً من مسؤوليتها في خدمة المجتمع قد وافقت على طلب السيد وزير الصحة بولاية الخرطوم باشتراك طلابها في مكافحة هذا المرض. ٭ إن الجامعة أحرص على طلابها وصحتهم من محمد لطيف أو أي شخص آخر، واتخذت في ذلك كل الاجراءات المتبعة في مثل هذه الحالات، واصطحبت معهم عشرة اختصاصيين كمشرفين وليس كما ادعى محمد لطيف في مقاله والذي تباكى فيه على صحة طلابنا في مزايدة مصطنعة فجة. ويبقى السؤال لماذا كتب محمد لطيف ما كتب؟ حدثني بروفيسور مأمون أنه التقاه بصحبة وزير الدفاع في أحد المستشفيات الخاصة وجرى بينهما ما جرى، وأن ذلك المقال البئيس هو نتاج ذلك اللقاء الذي نعد القراء بالكشف عما دار فيه قريباً جداً.