تعادل سلبي بين الترجي والأهلي في ذهاب أبطال أفريقيا في تونس    تعادل باهت بين الترجي والأهلي في ذهاب أبطال أفريقيا    ((نصر هلال قمة القمم العربية))    باير ليفركوزن يكتب التاريخ ويصبح أول فريق يتوج بالدوري الألماني دون هزيمة    كباشي يكشف تفاصيل بشأن ورقة الحكومة للتفاوض    متغيرات جديدة تهدد ب"موجة كورونا صيفية"    تقرير مسرب ل "تقدم" يوجه بتطوير العلاقات مع البرهان وكباشي    مقتل مواطن بالجيلي أمام أسرته علي ايدي مليشيا الدعم السريع    تمبور يثمن دور جهاز المخابرات ويرحب بعودة صلاحياته    مصر لم تتراجع عن الدعوى ضد إسرائيل في العدل الدولية    حملة لحذف منشورات "تمجيد المال" في الصين    بعد الدولار والذهب والدواجن.. ضربة ل 8 من كبار الحيتان الجدد بمصر    محمد وداعة يكتب: معركة الفاشر ..قاصمة ظهر المليشيا    أمجد فريد الطيب يكتب: سيناريوهات إنهاء الحرب في السودان    زلزال في إثيوبيا.. انهيار سد النهضة سيكون بمثابة طوفان علي السودان    يس علي يس يكتب: الاستقالات.. خدمة ونس..!!    عصار الكمر تبدع في تكريم عصام الدحيش    (ابناء باب سويقة في أختبار أهلي القرن)    عبد الفضيل الماظ (1924) ومحمد أحمد الريح في يوليو 1971: دايراك يوم لقا بدميك اتوشح    الهلال يتعادل مع النصر بضربة جزاء في الوقت بدل الضائع    مطالبة بتشديد الرقابة على المكملات الغذائية    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    شاهد بالصورة والفيديو.. "المعاناة تولد الإبداع" بعد انقطاع الماء والكهرباء.. سوداني ينجح في استخراج مياه الشرب مستخدماً "العجلة" كموتور كهرباء    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية تخطف قلوب المتابعين وهي تستعرض جمالها ب(الكاكي) الخاص بالجيش وتعلن دعمها للقوات المسلحة ومتابعون: (التحية لأخوات نسيبة)    بالفيديو.. شاهد رد سوداني يعمل "راعي" في السعودية على أهل قريته عندما أرسلوا له يطلبون منه شراء حافلة "روزا" لهم    مدير الإدارة العامة للمرور يشيد بنافذتي المتمة والقضارف لضبطهما إجراءات ترخيص عدد (2) مركبة مسروقة    قيادي سابق ببنك السودان يطالب بصندوق تعويضي لمنهوبات المصارف    شاهد بالصورة.. (سالي عثمان) قصة إعلامية ومذيعة سودانية حسناء أهلها من (مروي الباسا) وولدت في الجزيرة ودرست بمصر    آفاق الهجوم الروسي الجديد    كيف يتم تهريب محاصيل الجزيرة من تمبول إلي أسواق محلية حلفا الجديدة ؟!    شبكة إجرامية متخصصة في تزوير المستندات والمكاتبات الرسمية الخاصة بوزارة التجارة الخارجية    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني في الموازي ليوم الأربعاء    وسط توترات بشأن رفح.. مسؤول أميركي يعتزم إجراء محادثات بالسعودية وإسرائيل    "تسونامي" الذكاء الاصطناعي يضرب الوظائف حول العالم.. ما وضع المنطقة العربية؟    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    أصحاب هواتف آيفون يواجهون مشاكل مع حساب آبل    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تخالف القرآن والسنة.. مغالطات أيوب صديق ضد البرعي.. مجرد فقاعات لا تقوم على ساقٍ ..عوض محمد الهدي
نشر في الانتباهة يوم 01 - 10 - 2014

الخلل إذن في فهم الأستاذ أيوب لنصوص الكتاب والسُنة. آخذاً بالظاهر الذي كان السمة الواضحة للخوارج كما بيناه فإنهم كانوا لا يتجاوزون ذلك الظاهر إلى المرمى والقصد.
قال ابن القيم في كتاب (الروح) (ينبغي أن يفهم عن الرسول مراده من غير غلو ولا تقصير فلا يُحمَّل كلامه ما لا يحتمله ولا يقصر به عن مراده وما قصده من الهدى والبيان).
ففي قوله للجارية المغنية ونهيه عندما قالت (وفينا بني يعلم ما في غدٍ) لأن هذا الغيب ذو ثلاث شعب:
غيبٌ استأثر علمه به سبحانه لا يعلمه ملكٌ مقرب ولا نبيٌ مرسل مثل علم الساعة قال جبريل ما المسؤول عنها بأعلم من السائل. ولا تدري نفس بأي أرض تموت... إلخ. وغيبٌ علمه اللَّه أحداً من خلقه، وغيبٌ أنزله في كتابه. قال تعالى: (واتقوا اللَّه ويعلمكم اللَّه).
وهناك من الفعل مما كان للَّه خالصاً.. بلا واسطة وليس للمخلوق فيه إرادة مثل خلق السموات والأرض وخلق الناس والدواب والجن والإنس... ألخ.
فهذا معلومٌ حتى للكفار (ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن اللَّه).
أما قول البرعي (نجي لنوح من مياهو) قال أيوب إنه مخالف للقرآن وهذا خطأ فإنه مطابق تماماً لما جاء في تفسير القرآن فجزم على وهمٍ والصواب إن اللَّه عز وجل قال في محكم تنزيله: (يصف سفينة نوح عليه السلام) (تجري بأعيننا) وكلمة أعيننا جمع عين وهو الإنسان كما في الخبر (مرض عينٌ من عيوننا) وتطلق على الجاسوس في اللغة قال الشاعر:
إذا العينُ راحت وهي عينٌ على الجوى
فما بسرٍ ما تُسِرُّ الأضالع
فلو رجعنا إلى تفاسير القرآن الكريم قال الإمام القرطبي (تجري بأعيننا) معناه تجري ببركة أوليائنا وكذلك في تفسير الشوكاني فتح القدير وفي تفسير النسفي عليه سحائب الرحمة والرضوان فبين لنا من هم هؤلاء الأولياء فذكرهم بالاسم فقال محمد وأبو بكر وعمر بأمر اللَّه مكتوب على السفينة.
ومثله ورد في حديث لما اضطرب جبل أحد قال: (أثبت أحد إنما على ظهرك نبيٌ وصديق وشهيد).
فصدق البرعي (نجي لنوح من مياهو) رغم أنف أيوب صديق فهذا أمر وحي رباني لنوح عليه السلام قال جل شأنه: (فاصنع الفلك بأعيننا ووحينا فإذا جاء أمرنا فاسلك فيها من كلٍ زوجين اثنين).
ولم يقل سبحانه أصنع الفلك بأمرنا بل قال بأعيننا ثم قال: فإذا جاء أمرنا ولا حجة لمن قال معناه (تجري بأمرنا) لأن (أمرنا) مفرد وأعيننا جمع فبطل كل ما شغب به أيوب صديق من أن قوله هذا مخالف للقرآن. فاللَّه سبحانه وتعالى لا يصح عليه التقييد من عبيده لسعة قدرته وعلمه بل ما حكم به المولى عز وجل عمل به العبد فإنه لا يسأل عما يفعل.
أما من ناحية الحديث فقد أخرج ابن حرير وابن أبي حاتم عن علي رضي اللَّه عنه قال قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم (لم يبعث اللَّه نبياً آدم فمن بعده إلا أخذ عليه العهد في محمد.. وساق الحديث وتلا رسول اللَّه هذه الآية: (وإذ أخذ اللَّه ميثاق النبيين...) الآية.
وأبلغ من ذلك قوله: (وعلم آدم الأسماء كلها) ولم يخرج من هذا شيء كائناً من كان والتأكيد يفيد إنه لم يستثني اسماً وبالطبع اسم محمد عليه السلام ضمن الأسماء ويؤيده حديث عبد اللَّه بن حميد وابن أبي حاتم في تفسير هذه الآية قال: (عرض عليه ولده إنساناً إنساناً والدواب....) كذلك ورد في الصحيحين: (إن آدم قد تنازل لأيوب من عمره أربعين عاماً؟!) وهو لم يولد فنقول للأستاذ أيوب صديق كيف قابله وبينهما سحيق الأزمان حسب منطقك المعوج؟ وأبلغ من ذلك كله أخرج الحاكم في المستدرك وصححه خط ثلاثة خطوط تحت كلمة صححه حتى لا يغالط أستاذنا ويهرف بما لا يعرف أن الحديث موضوع لأن الحاكم استدرك على البخاري ومسلم أحاديث كثيرة فهي صحيحة على شرطهما لأن البخاري قال: (أحفظ مائة ألف حديث صحيح ومئتي ألف حديث غير صحيح ولكنه لما جمع كتابه الجامع الصحيح لم يكتب فيه إلا أربعة آلاف حديث معناه هناك «96» ألف حديث صحيح لم يستوعبها البخاري في صحيحه قال الحاكم: (لما اقترف آدم الخطيئة قال يا رب أسألك بحق محمد إلا ما غفرت لي فقال اللَّه لآدم كيف عرفت محمد ولم أخلقه قال يا رب إني لما خلقتني ونفخت فيّ من روحك رفعت رأسي فرأيت على قوائم العرش مكتوب (لا إله إلا اللَّه محمدٌ رسول اللَّه) فعرفت إنك لم تضف إلى اسمك إلا أحب الخلق إليك فقال اللَّه: (صدقت يا آدم إنه أحب الخلق لي وإذا سألتني بحقه غفرت لك وإني لو لا محمد ما خلقتك).
وقد قال أحد الأفاضل وأجاد:
ليس إلا إليك أشرح حالي يا رسول المهيمن المتعالي بك قد عاذ آدم فتلقى كلمات من ربه ذي المعالي
والحاكم يا أستاذ أيوب هو أول من كتب في مصطلح الحديث فهو إمام في الحديث وإمام في الجرح والتعديل لتبحره فيه فهو الحجة في قواعد التحديث لفهم فنون الحديث. فنحن لا نعول على ما جاء به قلمك للأسف من ترهات لا ترقى إلى مقاصد السُنة المطهرة كلا واللَّه ولا نأخذ من كتب المستطرف ولا غيرها من كتب المغازي والتاريخ إلا فيما وافق سنده ما جاء به رسولنا الذي لا ينطق عن الهوى ودع عنك كلام مشايخ الوهابيين فهم بشر غير معصومين والخطأ أقرب إليهم من الصواب والأحكام مأخوذة من صاحب الشرع وحده فهو كان يسمع الشعر من الشعراء ويعطيهم الخلع فمدحه حق وعطاؤه حق لأن كل ما قال له الشعراء ويقولونه إلى أن تقوم الساعة قطرة في بحر.
فعطاؤه لهم حق ومدحه حق أما مدح غيره فإنه في الغالب زور وبهتان وكذب صراح لا جرم إن قال احثوا في وجوه المداحين التراب فصفات النبي عظيمة حقاً لأن العظمة فيها نابعة من ذات واقعها هي إذ لا تشبيه لها في عالم التمثيل فإنه عليه الصلاة والسلام يقول: (لي وقت لا يسعني فيه غير ربي) وقال: (من رآني فقد رآني فإن الشيطان لا يتشبه بي).
أما قصيدة العباس بن عبد المطلب فقد وردت بأسانيد صحيحة وطرق متعددة ورواها الحافظ البيهقي بسنده قال حدثنا أبو عبد اللَّه بن شاكر حدثنا زكريا بن يحيى حدثنا ابن زخر عن جده حميد بن منبه قال سمعت جدي خُريم بن أوس بن حارثة بن لام يقول: هاجرت إلى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم منصرفه من تبوك فسمعت العباس بن عبد المطلب يقول: يا رسول اللَّه إني أريد أن أمتدحك فقال قل لا يفضض اللَّه فاك فقال:
من قبلها طبت في الظلام وفي مستودع الورق
ثم هبطت البلاد لا بشر أنت ولا مضغة ولا علق
بل نطفة تركب السفين وقد ألجم نسراً أهله الغرق
تنقل من صالبٍ إلى رحم إذا مضى عالم بدأ طبق
وأنت لما ولدت أشرقت الأرض فضاءت بنورك الأفق
فنحن في ذلك الضياء وفي النور وسبل الرشاد تخترق
وقوله (ألجم نسراً أهله الغرق):
نسراً صنم من الأصنام الأربعة (وداً وسواعاً ويفوت ونسراً) كان قوم نوح يعبدونها فلما كان أيام الطوفان دفنها الطين والتراب والماء حتى أخرجها الشيطان لمشركي العرب. ففي هذا رد على أيوب حين قال كيف عرف العباس؟ فإذا كان الغرض من المدح فقط أن النبي في صلبه كما ذكر أيوب في الراعي لذكر الأصنام والغرق؟!
إذا كان يقصد تنقله في الأصلاب لاكتفى بالبيت تنقل من صالب إلى رحم.. إذا مضى عالم بدأ طبق. ولكنه قصد أن النبي نجي نوح من الغرق ببركة نوح النبي كما قال البرعي وهو نفس النور الذي شاهدته فاطمة بنت مر الخثعمية فرأت نور النبوة في وجه أبيه عبد اللَّه فقالت له يا فتى هل لك أن تقع عليَّ الآن وأعطيك مائة من الإبل؟
فقال عبد اللَّه:
أما الحرام فالممات دونه
والحل لا حلٌ فأستبينه
فكيف بالأمر الذي تبغينه
ثم مضى مع أبيه عبد المطلب فزوجه آمنة بنت وهب فقد ظهر إن الأسباب والمسببات كلها مخلوقة للَّه تعالى فبروز السبب عن قول الحق بالسبب كن، فضرب الحق للمقتول بيد القاتل مع إرادة القتل هو قول الحق للمقتول كن ميتاً، وهكذا سائر وقع الأسباب حتى تنشأ عنها مسببات. فالخلق كلهم الآدميون وغيرهم ليس من أنفسهم حركة ولا سكون ولا فاعلية وليست الفاعلية إلا للَّه وحده بالإرادة. (واللَّه خلقكم وما تعملون) فأضاف العمل إلينا مع كون العمل خلقاً له وإبداعاً له لا إله إلا هو سبحانه وتعالى ما أكرمه. فالكامل من الرجال هو من كان متبعاً الرسول في جميع الأحوال والأقوال. فلا يأمر بشيء إلا وهو أسبق الناس إليه، ولا ينهى عن شيء إلا وهو أبعد الناس عنه، رحمة للعالمين وعفواً للناس وكفاً عن التحدث بمساوئ الذين توفوا وأفضوا إلى ما قدموا فيجب أن يقف في موقف التعارض والاشتباه ولا يدعي علم ما لم يعلم ولا يتكلف ما لا يحسن ويستعين باللَّه بقوله اللَّه أعلم وينصف مع حسن قصد وتحرٍ للحق فإذا فعل هذا فلا تخلف هدايته واعانته عنه، أما من عاد هذا الطريق فإنه تدخل عليه الشفاعات والبدع فعلم اللَّه واسع ولهذا نقول لأيوب، هدانا اللَّه وإياه وأصلح سرائرنا وسرائره، قد تحصل في الوجود خرق العوائد وهي من الأشكال الغريبة لا يعرف أصلها وهي تظهر في عالمين، عالم الخيال كقوله تعالى: (يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى) وفي عالم الحقيقة مثل المعجزات للأنبياء والكرامات للأولياء. فلو تبصرت فيما نص عليه القرآن العزيز في قوله تعالى: (قال الذي عنده علمٌ من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك). فوصف آصف بن برخيا بأنه عنده علم من التوراة، لا كل علوم التوراة، وذكر عنه أنه أضاف الإتيان إلى نفسه فباللَّه أيها المنكر ما هذا العلم الذي هو بعض علوم التوراة الذي تمكن به آصف أن يأتي بعرش بلقيس من سبأ اليمن إلى بيت القدس قبل ارتداد الطرف؟! وهل القرآن الكريم المهيمن على جميع الكتب فيه هذه العلوم أم هو خالي منها؟!.
أما فضل العالم من الصنف الإنساني على العالم من الجن بأسرار التصريف وخواص الأشياء كما تم لآصف فمعلومٌ بالقدر الزماني فإن رجوع الطرف به أسرع من القائم من مجلسه لأن حركة البصر في الإدراك إلى ما يدركه أسرع من حركة الجسم فيما يتحرك (قبل أن تقوم من مقامك) كما قال العفريت من الجن. فإن الزمان الذي يتحرك فيه البصر عين الزمان الذي يتعلق بمبصره مع بعد المسافة بين الناظر والمنظور. فكان آصف بن برخيا أتم في العمل من الجن. فكان عين قول آصف بن برخيا عين الفعل في الزمان الواحد. فرأى سليمان عليه السلام عرش بلقيس مستقراً عنده. لئلا يتخيل أنه أدركه وهو في مكانه من غير انتقال. فهل تظن يا أخي إنه نقله؟ كلا واللَّه لم يكن باتحاد الزمان ولم يتحرك من كرسيه في مجلس سليمان إنما كان إعدامٌ، وإيجادٌ من حيث لا يشعر بذلك إلا من عرقه وهو قوله تعالى: (بل هم في لبسٍ من خلقٍ جديد) فكان زمان عدمه (أعني العرش) من مكانه عين وجوده عند سليمان من تجديد الخلق مع الأنفاس.
ولا علم لأحد بهذا القدر بل الإنسان لا يشعر به من نفسه إنه في كل نفس لا يكون ثم يكون؟! ولا تقل يا أخي إن ثم تقتضي المهلة فليس ذلك بصحيح وإنما تقتضي تقدم الرتبة العليا في لغة العرب في مواضع مخصوصة مثل قول الشاعر:
كهزِّ الرُّديْنِي ثم اضطرب
وزمان الهز زمان المهزوز بلا شك
وقد جاء الشاعر بثم ولا مهلة. كذلك تجديد الخلق مع الأنفاس فمثلاً إذا رفعت يدك في حصة الجمباز وخفضتها تمدت ملايين الخلايا ثم تتجدد خلايا جديدة مع الأنفاس بقدرة اللَّه فكذلك حصول عرش بلقيس لم يكن لآصف من الفضل في ذلك إلا حصول التجديد في مجلس سليمان في قطع العرش مسافة ولا ذويت له أرض ولا خرقها لمن فهم.
وكان ذلك بين يدي بعض أصحاب سليمان ليكون أعظم في نفوس الحاضرين من بلقيس وأصحابها فوضعوا لها عرشها قال لما جاءت قعدت إلى سليمان قيل أهكذا عرشك؟
فنظرت إليه فقالت: (كأنه هو) ثم قالت: تركته في حصوني، وتركت الجنود محيطة به، فكيف جيء بهذا يا سليمان؟!... إلخ.
وهذه هي الحجة البالغة والضربة الدامغة لإدعاء أيوب صديق أن خصائص الربوبية لأعلى من أن ننسبها إلى المخلوق جملة فآصف ليس برسول ولا بنبي.. والخلق والإعدام من خصائص اللَّه سبحانه وتعالى واللَّه يختص برحمته من يشاء.. فكيف بالرسول الأعظم عليه أفضل الصلاة والسلام.
قال أحمد شوقي بك
كيف ترقى رقيك الأنبياء يا سماءً ما طاولتها سماء
وقال سيدي العارف باللَّه عبد الرحيم البرعي
أم على الرسل الكرام تقدما ونوى الصلاة بهم وكبر محرما
وسرى إلى ذي العرش بعدما بلغ الأمين مكانه المعلوما
صلوا عليه وسلموا تسليما...
وذلك في قصة الإسراء فصلى هنالك بجميع الرسل وبينه وبينهم أزماناً سحيقة وهذا وحده يبطل إدعاءات أيوب صديق.
ومن سوء الأدب ألا نستخدم العبارات المستبشعة مثل لا ألتزم بالحديث فهو موضوع أو ضعيف. فقد قال النووي في أذكاره في باب (من دعي إلى حكم اللَّه تعالى) ما صورته:
كذلك ينبغي إذا قال له صاحبه هذا الذي فعلته خلاف حديث الرسول عليه السلام أو نحو ذلك ألا يقول لا ألتزم الحديث أو لا أعمل بالحديث أو نحو ذلك من العبارات المستبشعة، وإن كان الحديث متروك الظاهر لتخصيص أو تأويل أو نحو ذلك يقول عند ذلك: هذا الحديث مخصوص أو متأول أو متروك الظاهر وشبه ذلك انتهى كلام النووي.
ولأن شرط الصحيح أن يكون راويه معروفاً بالعدالة وأبو عبد اللَّه الحاكم الذي أوردنا حديثه في المستدرك هو أول من ألف في اصطلاح أهل الحديث بعد القاضي أبو محمد الرّامهُرمزي في كتابه (المحدث الفاضل) ولكنه لم يستوعب فجاء أبو عبد اللَّه الحاكم النيسابوري وألف كتابه القيم (معرفة علوم الحديث).
وما ذكرته لك أيها القارئ من تمكن شيخنا رضي اللَّه عنه من آيات الإرث النبوي وإليه الإشارة لقوله تعالى: (وأسأل من أرسلنا من قبلك من رسل) الزخرف. ولو لم يكن النبي صلى اللَّه عليه وسلم متمكناً من الاجتماع بالرسل لم يكن لهذا الخطاب في الآية من فائدة ولا تستبعد حصول مثل هذا، فتفر إلى تأويل سخيف مثل تأويل أيوب صديق. فقد رأى غير واحد من هؤلاء الأخيار هذا ومثله غير مرة كما ذكر الشيخ الصدر القونوي رحمه اللَّه وقد أخرج البخاري ومسلم وأبو داود عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه قال قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم من رآني في المنام فسيراني في اليقظة) ولا يقصد كما قال بعض الذين لا علم لهم هذا يوم القيامة لأن كل أمته يرونه يوم القيامة فلا فائدة للتخصيص وقد ساق السيوطي عن أبي حمزة والمدخل لابن الحجاج قال: القاضي شرف الدين هبة اللَّه بن عبد الرحيم البازري في كتاب «توثيق عرى الإيمان» قال البيهقي في كتاب (الاعتقاد) الأنبياء بعد ما قبضوا ردت إليهم أرواحهم فهم أحياء عند ربهم كالشهداء. وذكر في بعض المجاميع أن سيدي أحمد الرفاعي لما وقف تجاه الحجرة النبوية الشريفة وأنشد:
في حالة البعد روحي كنت أرسلها
تقبل الأرض عني وهي نائبتي
وهذه ثوية الأشباح قد حضرتُ
فامدد يمينك كي تحظى بها شفتي
فخرجت اليد الشريفة من القبر فقبلها ورآه من روى هذه الحكاية ورآها كل من حضر ولا تمتنع رؤية ذاته الشريفة بجسده وروحه فذلك لأن سائر الأنبياء أحياء ردت إليهم أرواحهم بعدما قبضوا وأذن لهم بالخروج من القبر والتصرف في الملكوت العلوي والسفلي وقد ألف البيهقي جزاءً في حياة الأنبياء وقال في دلائل النبوة الأنبياء أحياء عند ربهم كالشهداء.
هذا وقد قال الإمام ابن حزم وهو من علماء الظاهر في هذه الحكاية لو لا هيبة الصحيح لأنكرت الحديث ويقصد إن الذين حضروا ورؤا بأعينهم اليد تمتد من القبر يعتبرون تأكيداً لصحة الحديث. فكيف ينكر المنكر؟! وابن حزم قد عصمه فقهه وإمامته في إنكار الصحيح لأنه كان يعتز جداً بالصحيح.
إن هذا الفكر المتطرف الذي ابتليت به الصحوة الإسلامية اليوم إذا روج له وقدر له أن يشتد عوده فإنه سوف يكون عاملاً مهماً في حدوث الغلو والتطرف الذي يقودنا إلى حمأة الصراعات المذهبية والفكرية وسيرهق كاهل هذه الأمة بالصراعات خاصة إذا تصدى له أئمة جهلة لهم لسان ابن حزم وليس لهم علمه وإمامته وعندها ستحل الكارثة في هذه الأمة لا قدر اللَّه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.