تباعدت المواقف بين وفدي الحكومة والحركة الشعبية قطاع الشمال، حول قضايا التفاوض، وتمسك كل طرف بمواقفه، غير أنهما اتفقا على إرجاع الأمر إلى رئيس الآلية رفيعة المستوى التابعة للاتحاد الإفريقي ثابو أمبيكي ليتمكن من وضع المفاوضات في طريقها الصحيح، الملاحظ ما تقوم بها الحكومة من حوار سياسي مع كل القوى السياسية والمعارضة سيما الحركة الشعبية «قطاع الشمال» لا يعدو أن يكون نوعاً من جملة الإصلاحات السياسية الذي تبنته الحكومة، حيث ظهرت علامات استفهام كثيرة هذه الأيام بشأن تأجيل الجولة الماضية بين الحكومة والحركة الشعبية قطاع الشمال لحين إشعار آخر أو لجولة قادمة مرتقبة. من هذا المنطلق كانت وما زالت ماراثون المفاوضات بين الحكومة و«قطاع الشمال» بأديس أبابا حامية الوطيس لكن دون تقدم يُذكر من الجانبين. من هنا نلحظ تمسك الحكومة بالتفاوض مع قطاع الشمال وفقاً للقرار«2046» الذي حدد التفاوض حول الوضع الإنساني والسياسي والأمني بالمنطقتين النيل الأزرق وجنوب كردفان، وكان انطلاقها وسط حضور إقليمي ودولي رفيع المستوى برئاسة ثامبو أمبيكي، حيث لاح لطاولة التفاؤل أمل جديد بالسير قدماً في طريق حل القضايا العالقة بين الطرفين إلا أنها ما لبث أن تلاشى بإصرار قطاع الشمال على إقحام قضايا ليست في بنود التفاوض الموضوعة للنقاش، فأدى لاهتزاز عرش التفاوض قبل التعمق أو الغوص في لُجه، هكذا كان لسان حال جولة كل تفاوض على أمل أن تكون الجولة المرتقبة حاسمة تنصب في حل ومصلحة كل من المنطقتين. ويبدو أن الأجواء الآن اختلفت تماماً عما سبق، إذ هناك تفاؤل واضح من قبل بعض الأحزاب السياسية سيما أن أجواء الحوار الوطني التي تنتظم البلاد ستنعكس إيجاباً على جولة مفاوضات المنطقتين المرتقبة بأديس أبابا ومطالبة الأطراف باستصحاب رؤى أهل وأصحاب المصلحة الحقيقيين، فيما أعلن الوفد الحكومي جاهزيته للدخول في جولة المفاوضات بقلب مفتوح من أجل التوصل إلى اتفاق ينهي الحرب بولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق. وأوضح عضو وفد الحكومة المفاوض عبد الرحمن أبو مدين ل «إس.إم. سي» أن الجولة السابقة توصلت إلى اتفاق حول 80% من أجندة التفاوض، مضيفاً أن الوفد الحكومي عازم على التوصل إلى اتفاق في الجولة القادمة. وقال أبو مدين إن قطاع الشمال حاول إطالة أمد التفاوض في انتظار ما تتوصل إليه الجبهة الثورية في باريس، مشدداً على أن التفاوض حول المنطقتين منحصر حول قضايا محددة ولا يمكن تجاوزها لأخرى لا تخص المنطقتين. وفي ذات السياق قال الأمين السياسي لحزب العدالة بشارة جمعة أرور ل«الصحيفة» إن هناك جهات تحاول أن تستثمر في الحرب من أجل تحقيق أجندتها الخاصة، مؤكداً أن الحوار الوطني من شأنه الدفع بمفاوضات المنطقتين إلى الأمام من أجل الاستقرار والتنمية، وطالب قطاع الشمال الجدية في مواقفه في الجولة القادمة والتطرق إلى الموضوعات الأساسية التي تهم المنطقتين والمتعلقة بوقف إطلاق النار وتوصيل المساعدات الإنسانية للمحتاجين. من جانبه أشار إلى أن الحوار الوطني يحتم على كل الأطراف التوصل الى اتفاق سلام شامل يوقف النزاع من أجل إنسان المنطقتين الذي عانى كثيراً. ويعتبر انعقاد جولة المفاوضات السابقة في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا هي المرة الرابعة على التوالي بين «الحركة الشعبية قطاع الشمال» والحكومة حول إحلال السلام في منطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق وفي كل مرة كان نصيبها الفشل وفقاً لحديث المحلل السياسي الدكتور حسن عبد العزيز للصحيفة، ولذا تم رفعها على أمل أن تحدث معجزة. فالمفاوضات التي تفشل للمرة الرابعة على التوالي لن تنجح حتى لو تم رفعها لمدة مائة يوم، وكان واضحاً أن مصير المفاوضات هو الفشل منذ لحظة تشكيل وفدي التفاوض من جانب الحركة الشعبية قطاع الشمال والجانب الحكومي، فاختيار ياسر عرمان لرئاسة وفد التفاوض من جانب الحركة الشعبية قطاع الشمال اختيار جانبه التوفيق. فياسر عرمان وجه غير مقبول من أضلاع ثلاثة وهي جنوب كردفان والنيل الأزرق والحكومة مع إقصاء عدد من أبناء المنطقتين من عضوية وفد التفاوض. فالسيد ياسر عرمان لا ولن يخسر شيئاً إذا فشلت المفاوضات بل يربح، فهو شخصياً غير متأثر ولا يهتم كثيراً أو قليلاً بمعاناة سكان المنطقتين ولا يقدر مثقال ذرة ما لحق بالمنطقتين من دمار شامل وخراب، والضرر الذي لحق بهما في شتى المجالات كالتعليم والصحة وخدمات المياه وانعدام بنيات تحتية للمواصلات والاتصالات بعدم الاستقرار ومكوث المنطقتين في حالة لا حرب ولا سلام. مشيراً د. عبد العزيز إلى أن آخر اهتمامات عرمان والحركة الشعبية هو سلام المنطقتين إضافة إلى توصيل المساعدات الإنسانية للمحتاجين في المناطق تحت سيطرة التمرد، ومن جانب الحكومة اعترف البروفيسور إبراهيم غندور بتباعد مواقف الطرفين، وقال إن ذلك التباعد الذي برز في الحوار المباشر مع وفد الحركة لن يوصل إلى اتفاق، الأمر الذي أدى لرفع الأمر للآلية، مع تمسك وفد الحكومة بأهمية الحوار للوصول إلى اتفاق. الجدير بالذكر ما أكده البروفيسور غندور أن وفد الحكومة متمسك بأهمية مناقشة قضايا المنطقتين جبال النوبة والنيل الأزرق المتمثلة في القضايا السياسية والأمنية والإنسانية باعتبارها تتوافق مع قرار مجلس الأمن «2046» وقرارات مجلس السلم والأمن الإفريقي وتفويض الآلية رفيعة المستوى برئاسة أمبيكي.