أمسكت ثريا بروشتة العلاج في يدها وهرولت نحو الصيدلية في المستشفى الحكومي المتهالك، وصلت بأنفاس لاهثة الشباك منحها الصيدلي نظرة باردة وهو يخبرها بسعر الدواء تلعثمت وأخرجت محفظتها السوداء المتهالكة وبحثت في جيوبها عن جنيه إضافي لإكمال ثمن حقنة الفوتركس المسكنة.. وجدته أخيرًا عالقًا تحت الثقب الذي صنعته جنيهات الفكة! بحثت عن الممرضة لتعطي حفيدتها الحقنة فوجدتها أمام صحن بوش ضخم تلعق أصابعها وتنادي على أخرى منهمكة في صنع الشاي.. وقفت جوارهما ترهقها ذلة صامتة خوفًا من ردة فعل الممرضة التي قد تصل إلى حد رفضها إعطاء البنت الحقنة.. دلفت إلى عنبر الولادة العام تسبقها رائحة قاتلة والزحام داخله يحكي حجم الضيق بسبب مشاركة الأسرة والهواء الذي انسحب تاركًا الجراثيم تلهو داخل العنبر! الشابة التاشراوية تسهك جسدها الحمى ولم تفعل لها حقنة الفوتركس شيئًا غير أن زادتها ارتعادًا.. هرولت الجدة الستينية تبحث عن طبيب في كل الغرف المخصصة فلم تجد سوى سماعة حائرة تبحث عن طبيب. أخيرًا وجدت طبيبة رفضت في البداية لأن نوبتجيتها قد انتهت للتو ولكن أمام توسلات المرأة رضخت على مضض ورافقتها.. الفتاة تبكي بصوت مرتفع الطبيبة تفحصها وترفع رأسها وترطن بكلمات إنجليزية لطبيب امتياز رمى أوراقه وركض ليحضر نقالة، والطبيبة تسأل عن مدة الحمى والجدة تخبرها أنها ثلاثة أيام والطبيبة تعجز عن النطق تعرف أن الفتاة ستموت لأن قطعة قطن نُسيت داخلها باتت متعفنة ولونها أسود، والجدة تجلس لتطلق تنهيدة راحة لأنها أخيرًا وجدت طبيبًا سيريح حفيدتها من الألم والرعدة .