الدكتور قطبي المهدي رئيس القطاع السياسي بالمؤتمر الوطني، كشف أمس الأول عن وجود أطراف وشخصيات مهمة بحزب الأمة القومي راغبة في المشاركة في الحكومة، على المستويين الولائي والاتحادي. وربط قطبي مدى أهمية وفائدة مشاركة هذه الأطراف والشخصيات بوزنها وحجمها السياسي ونفوذها داخل الحزب وداخل كيان الأنصار، وهو أمر صحيح ومنطقي مائة بالمائة، إذ أن فتح باب المشاركة «الفرادي» لن يكون ذا جدوى إذا خفت موازين هؤلاء المشاركين داخل الحزب. وبهذا «الكشف» يكون حزب الأمة في طريقه للّحاق بصنوه الحزب الاتحادي الديمقراطي «الأصل» الذي فعلت به قضية المشاركة الأفاعيل حتى عدَّها البعض لعنة أصابت الحزب وستؤدي به إلى متاهات الانشقاق والتشرذم. وما حدث للحزبين ليس بغريب، بل الأغرب ألا يحدث لهما ما حدث، فإن آفة هذين الحزبين العتيقين في قيادتيهما الصادق المهدي والميرغني اللذين لم ينسيا شيئاً ولم يتعلما شيئاً. مخرج كريم في أنباء أمس أن حكومة جنوب السودان أقرَّت بفشل تمرد الحركة الشعبية قطاع الشمال في تحقيق أية انتصارات في كل من النيل الأزرق وجنوب كردفان رغم الدعم الكبير الذي قدمته حكومة الجنوب لهذا التمرد سياسياً وعسكرياً، وأن عودة مقاتلي قطاع الشمال إلى الحرب مرة أخرى أصبحت مستحيلة بسبب الخلافات العميقة التي نشبت بين قوات جيش جنوب السودان وقوات قطاع الشمال. في تقديري أن هذا التطور المهم يصلح لتفسير ذلك التطور المفاجئ في الموقف الأمريكي تجاه قضية دعم نظام الحركة الشعبية في جنوب السودان للتمرد، والذي تمثل في تلك اللهجة الحادة التي طالب بها البيت الأبيض حكومة جنوب السودان بالكف عن دعم متمردي النيل الأزرق وجنوب كردفان وحركات دارفور المسلحة واحترام سيادة السودان، وهو تطور كان لافتاً ومفاجئاً بالنظر إلى عموم السياسة الأمريكية تجاه السودان، ومواقف واشنطون التي ظلت دوماً تنحاز إلى الحركة الشعبية انحيازاً سافراً في كل القضايا والملفات. ولكن بعد هذا التطور الذي كشف عن فشل ذريع لقطاع الشمال في مهمته التي خطط لها بعلم واشنطون ومباركتها، فإن الموقف الأمريكي الأخير يأتي في جوهره داعماً لدولة جنوب السودان، ويمثل مخرجاً كريماً لهذه الأخيرة من مأزقها وتورطها في محاولة لعب دور أكبر من قدراتها وإمكانياتها، ويأتي منقذاً لها من عواقب وخيمة ستترتب عليها فيما إذا ما استمرت في دعمها للتمرد في تلك المناطق. وبالطبع فلا أحد يلوم الدبلوماسية السودانية على رد فعلها الذي احتفي بالموقف الأمريكي بمشاعر مختلطة امتزج فيها الفرح بالحذر، لأن من الطبيعي أن تتعامل الأجهزة الرسمية مع كل ما يصدر عن واشنطون بالوسائل الرسمية المتعارف عليها، فإذا كانت تحية طيبة مباركة ردت عليها بأحسن منها أو مثلها، وإن كانت غير ذلك ردت عليها بأقوى منها أو مثلها. ضل الدليب المصالحة الفلسطينية بين حماس وحركة فتح أرجو أن تكون ملهمة لنا في السودان لإجراء مصالحة شاملة بين فرقاء السياسة بالبلاد، وبقدر شعوري بالفخر والاعتزاز بدور السودان المتميز والبارز في إنجاح المصالحة الفلسطينية، والذي أكده رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل في كلماته التي أشاد فيها بالسودان ودوره الإيجابي في المصالحة، بقدر شعوري بهذا الإنجاز، إلا أنني حزنت للحالة التي نحن عليها، نساهم في توحيد الآخرين بهذا النجاح الكبير، ونملك كل هذا التأثير الإقليمي.. ولا نستطيع أن نتنادى إلى كلمة سواء بيننا في الداخل، وننهي حالة الشقاق والتباعد القائمة بين مكونات الساحة السياسية، إنه أمر يبعث على الأسى والأسف .