المباحث الجنائية المركزية ولاية الجزيرة تنفذ حملة أمنية كبري بالسوق العمومي وتضبط معتادي إجرام    بيان هام من السفارة السودانية في تركيا للسودانيين    "بناء الدولة وفق الأسس العلمية".. كامل إدريس يدعو أساتذة الجامعات للاسهام في نهضة البلاد وتنميتها    مونديال الأندية.. فرصة مبابي الأخيرة في سباق الكرة الذهبية    نبيل عبد الله: قواتنا بالفرقة 14 مشاة صدّت هجومًا من متمردي الحركة الشعبية بمحطة الدشول    مباحث شرطة الولاية الشمالية تتمكن من إماطة اللثام عن جريمة قتل غامضة وتوقف المتورطين    بلاغ بوجود قنبلة..طائرة سعودية تغيّر مسارها..ما التفاصيل؟    أكثر من 8 الاف طالب وطالبة يجلسون لامتحانات الشهادة الابتدائية بسنار    كيف تغلغلت إسرائيل في الداخل الإيراني ؟!    المملكة تستعرض إستراتيجية الأمن الغذائي لدول مجلس التعاون الخليجي    أردوغان: الهجوم الإسرائيلي على إيران له أهداف خبيثة    "خطوة برقو" تفجّر الأوضاع في دارفور    الصادق الرزيقي يكتب: الدعم السريع وشهية الحروب التي فُتحت في الإقليم    أنباء عن اغتيال ناظر في السودان    خسائر ضخمة ل"غانا"..تقرير خطير يكشف المثير    الترجي يسقط أمام فلامنغو في مونديال الأندية    فيكم من يحفظ (السر)؟    افتتاح المرحلة النهائية للدوري التأهيلي للممتاز عصر اليوم باستاد الدامر.    في السودان :كيف تتم حماية بلادنا من اختراق المخابرات الإسرائيلية للوسط الصحفي    من الجزيرة إلى كرب التوم..هل دخل الجنجويد مدينة أو قرية واستمرت فيها الحياة طبيعية؟    هيمنة العليقي على ملفات الهلال    الحرب الايرانية – الاسرائيلية: بعيدا عن التكتيات العسكرية    نشاط مكثف لرئيس الوزراء قبل تشكيل الحكومة المرتقبة    نقل أسلحة إسرائيلية ومسيرات أوكرانية الى افريقيا بمساعدة دولة عربية    والي الخرطوم يصدر عدداً من الموجهات التنظيمية والادارية لمحاربة السكن العشوائي    أدوية يجب تجنب تناولها مع القهوة    شاهد بالصور والفيديو.. الفنان حسين الصادق ينزع "الطاقية" من رأس زميله "ود راوة" ويرتديها أثناء تقديم الأخير وصلة غنائية في حفل حاشد بالسعودية وساخرون: (إنصاف مدني النسخة الرجالية)    إدارة مكافحة المخدرات بولاية البحر الأحمر تفكك شبكة إجرامية تهرب مخدر القات    (يمكن نتلاقى ويمكن لا)    عناوين الصحف الرياضية السودانية الصادرة اليوم الأثنين 16 يونيو 2025    سمير العركي يكتب: رسالة خبيثة من إسرائيل إلى تركيا    شاهد بالفيديو.. كشف عن معاناته وطلب المساعدة.. شاب سوداني بالقاهرة يعيش في الشارع بعد أن قامت زوجته بطرده من المنزل وحظر رقم هاتفه بسبب عدم مقدرته على دفع إيجار الشقة    رباعية نظيفة .. باريس يهين أتلتيكو مدريد في مونديال الأندية    بالصورة.."أتمنى لها حياة سعيدة".. الفنان مأمون سوار الدهب يفاجئ الجميع ويعلن إنفصاله رسمياً عن زوجته الحسناء ويكشف الحقائق كاملة: (زي ما كل الناس عارفه الطلاق ما بقع على"الحامل")    المدير العام للشركة السودانية للموارد المعدنية يؤكد أهمية مضاعفة الإنتاج    المباحث الجنائية المركزية بولايةنهر النيل تنجح في فك طلاسم بلاغ قتيل حي الطراوة    من حق إيران وأي دولة أخري أن تحصل علي قنبلة نووية    أول دولة عربية تقرر إجلاء رعاياها من إيران    السودان..خطوة جديدة بشأن السفر    3 آلاف و820 شخصا"..حريق في مبنى بدبي والسلطات توضّح    بالصور.. زوجة الميرغني تقضي إجازتها الصيفية مع ابنتها وسط الحيوانات    معلومات جديدة عن الناجي الوحيد من طائرة الهند المنكوبة.. مكان مقعده ينقذه من الموت    بعد حالات تسمّم مخيفة..إغلاق مطعم مصري شهير وتوقيف مالكه    إنهاء معاناة حي شهير في أمدرمان    وزارة الصحة وبالتعاون مع صحة الخرطوم تعلن تنفيذ حملة الاستجابة لوباء الكوليرا    فجرًا.. السلطات في السودان تلقيّ القبض على34 متّهمًا بينهم نظاميين    اكتشاف مثير في صحراء بالسودان    رؤيا الحكيم غير ملزمة للجيش والشعب السوداني    محمد دفع الله.. (صُورة) تَتَحَدّث كُلّ اللُّغات    في سابقة تعد الأولى من نوعها.. دولة عربية تلغي شعيرة ذبح الأضاحي هذا العام لهذا السبب (….) وتحذيرات للسودانيين المقيمين فيها    شاهد بالفيديو.. داعية سوداني شهير يثير ضجة إسفيرية غير مسبوقة: (رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام وأوصاني بدعوة الجيش والدعم السريع للتفاوض)    تراجع وفيات الكوليرا في الخرطوم    أثار محمد هاشم الحكيم عاصفة لم يكن بحاجة إلي آثارها الإرتدادية علي مصداقيته الكلامية والوجدانية    وزير المالية السوداني: المسيرات التي تضرب الكهرباء ومستودعات الوقود "إماراتية"    "الحرابة ولا حلو" لهاني عابدين.. نداء السلام والأمل في وجه التحديات    "عشبة الخلود".. ما سرّ النبتة القادمة من جبال وغابات آسيا؟    ما هي محظورات الحج للنساء؟    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كروان السودان واحة الألحان ... الفنان كرومة...«الإنتباهة» تنفرد بنشر تفاصيل العثور على قبره بعد مرور «65» عاماً على وفاته

تبعثرت كلماتى واصيبت بالشلل عندما حاولت الكتابة عن كروان السودان الفنان عبدالكريم مختار «كرومة» حادى امدرمان وواحة الالحان، والفنان كرومة حباه الله بإمكانيات صوتية عالية كيف لا وهو ينتمى لاسرة عميد الاغنية السودانية الفنان محمد احمد سرور وهو استاذه، وكرومة له قدرة هائلة على التلحين فقد استطاع ان يضع لحن اكثر من مائة وخمسين أغنية وتعامل مع معظم شعراء الحقيبة وعلى رأسهم سيد عبدالعزيز وعتيق وابوصلاح وصديقه ورفيق دربه الشاعر الكبير عمر البنا والشاعر ابوصلاح وعبدالرحمن الريح.
وأغنيات كرومة تتلألأ ذهباً تتغنى بها الاجيال جيلاً بعد جيل وقد صاغ اجملها لحناً وغناءً لعتيق «ايام صفانا، ناعس الاجفان، اول نظرة» وغيرها من درر. اطلق لقب كرومة عليه نسبة لزيارة اللورد كرومر للسودان، وقد اطلقته عليه والدته وقد كان أنيقاً ووسيم الطلعة أنتج عطر ووضعت عليه صورته وسمى باسمه، تبع جنازته السيد عبدالرحمن المهدى والذى كان كرومة يمدحه فى ساحة مولد الانصار وهو ختمى.
من خلال هذه المساحة حاولنا الحديث عن حياته وفنه واكتشاف قبره.
بعد مرور «65» عاماً على وفاته والذى اكتشفه الباحث والموثق محمد حسن الجقر بمقابر البكرى بامدرمان و قدم لنا كل المعلومات عن كرومة مشكوراً، فهو صاحب مؤلفات عديدة ورائعة منها «روائع حقيبة امدرمان» « القصص الحقيبة فى اغانى الحقيبة» «حقيبة امدرمان من وحى الايمان» وغيرها من مؤلفات.
انقطع للغناء
استهل الجقر الحديث عن كرومة وقال:
ربما ولد عبدالكريم عبدالله مختار وهذا الاسم الحقيقى لكرومة فى العام 1905م او 1908م على الارجح على لسان عمنا عمر البنا الشاعر والمغنى، ويقول فيصل سرور وعلى لسان والده غنى كرومة وعمره يتراوح مابين «19و20» عاماً وهذا الارحج حتى بدأ اسمه يتردد بين ابناء الحى كفنان ناشئ من ابناء الحى.
وقد بدا كرومة خوض تجربة الغناء فى العام 1926م
ينتمى كرومة من جهة ابيه الى احدى الاسر الامدرمانية وهى اسرة «ال شيخ العرب العبادى» فوالده كان «ساعاتي» معروف هو عبدالله مختار يعنى ذلك ان الفقيه الصديق محمد صالح او مؤسس مسجد ود ارو ابن عم والد كرومة عبدالله مختار.
وينتمى الى الاسرة نفسها الفنان محمد احمد سرور، والى العائلة نفسها ينتمى الشاعر عبدالمطلب احمد عبدالمطلب ارو الشهير ب«حدباى» ومن الاسرة ايضا الدكتور على ارو وغيرهم من ال ارو.
تعلم كرومة فى خلوة الفكى عبدالرحمن ومقرها فى منزل الشيخ محمد احمد الشيخ الطيب، وكان من اقرانه كورس «شيالة» عثمان ضربة وبعد بلوغه سن التعليم العام الحق بمدرسة الهجرة الاولية، وهى مجاورة لمسجد الشيخ الامين الصايغ ويعتبر كرومة من احفادهم كما قلت من جهة سرور واخواله، يواصل الجقر حديثه ويقول لم يواصل كرومة تعليمه وقد حدثنى الشيخ عبدالرحمن محمد الامين الضرير عليه الرحمة قال له اللواء محمد احمد التجانى انه نقل الى عطبرة مصطحباً معه الصغير كرومة والحقه بقسم النجارين التابع لورشة السكة حديد، لكن كرومة هرب وعاد الى ام درمان حيث عمل فترة قصيرة وفتح محل «غسيل ومكوة»، وكان المشرف عليه وليس هو العامل ولعل زنقار تقفى اثره وفتح محلاً «للغسيل والمكوة» جوار زنك الخضار شرق مدرسة حى العرب المكان الذى قتل فيه، وهو أيضاً مشرف على المحل وليس عاملاً فيه. عمل كرومة «نقاش» لفترة وليس «اسكافياً» كما يظن البعض ثم انقطع للغناء الذى وجد فيه نفسه.
لقب كرومة
اطلق عليه لقب كرومة منذ صغره ويفاعته قيل ان امه كانت تداعبه بهذه التسمية عندما زار اللورد كرومر المندوب السامى البريطانى السودان، وكانت الزيارة حدثاً لاهل السودان فى مستهل القرن، وعليه كان العم عمر البنا لا يناديه الا باللورد، ومعلوم ان الشاعر المغنى عمر البنا كان وثيق الصلة بكرومة واكد لنا ان والدة كرومة اطلقت اللقب على ابنها بسبب انبهارها بالاستقبالات الحاشدة التى اقيمت للورد كرومر لدى زيارته للسودان.
بمن تأثر كرومة؟
تأثر كرومة فى انغامه بانغام المديح النبوى ولم لا فقد كان حى السيد المكى ولا زال مجتمعاً للذكر والصوفية، وقد كان كرومة من حفظة القرآن واشهر قراء ومنشدى المولد فى خيمة السيد عبدالرحمن فى ميدان المولد، علماً ان كرومة كان ختمى الشيء الذى دعا السيد عبدالرحمن ان يصلى على جنازته ويمشى خطوات مع الجنازة فعل هذا وفاءً لكرومة الذى كان يمدحه فى ساحة المولد.
كانت موهبة كرومة فى سبك الروايات والالحان غزيرة، لذلك كان انتاجه لا ينقطع واستطاع فى فترة وجيزة ان يفرض صوته ونفسه على كبار شعراء الغناء فى تلك الفترة، وعلى العكس من استاذه الفنان سرور وتميز كرومة بالهدوء والحياء الشديد والاخلاق الراقية والسلوك المهذب، ويشير استاذنا المغربى الى ان كرومة كان متعلقاً للغاية ابان يفاعته بالمطرب الشيخ العدار من ابناء الموردة، وقد اهتم أيضاً فيما يبدو بما كان يسمعه من اغانى الرواد الذين سبقوه محمد احمد سرور، عمر البنا، على الشايقى، الذى كانت له اسطوانات فى مكتبة الاذاعة والامين برهان، وهو مطرب وملحن سبق كرومة وعاصره.
اما الاداء وسبك الرواية والحضور فهنالك استاذ له القدح المعلى فى وجدان كرومة واعجابه بقريبه سرور، يقول الشاعر العبادى «ان من اوائل الذين زاملوا سرور فى فرقته الغنائية الامين برهان، وفى العام 1926م انضم كرومة الى الفرقة على يد سرور وكان بعدما استقل فنياً عنه، يقتدى به فى حسن الهندام واحكام الصنعة واتقان الالحان والروايات وتجويدها وحسن سباكتها، واهم المحطات فى حياة كرومة لقاؤه مع الشاعر عمر البنا الذى اطلق على كرومة لقب «الكروان».
قصة لقب الكروان
يقول الجقر جاء على لسان عمنا عمر البنا وهو الذى اطلق على كرومة لقب (الكروان) جاء عمنا عمر البنا راكباً حماره فى المنطقة الواقعة شرق «حى السيد المكى» المنطقة التى تحتلها حالياً المدرسة الاهلية وكانت تجتمع فيه مياه الامطار والمحل اشبه بالشاطئ وكان صبيان الحى ومنهم كرومة يتسامرون ليلاً هنالك وتنتهى كل «قعدة» كالعادة بالغناء وبينما كان عمر البنا عابراً بحماره والصبى كرومة يترنم باغنيات سرور توقف البنا واصغى اليه وسال «البغنى دا منو» فقال احدهم دا كرومة فرد عمر البنا «دا مش كرومة دا كروان».
وسيم الطلعة
وصفه عمر البنا وقال انه كان مربوع القامة اقرب للقصر اسمر اللون ممتلئ الجسم فى غير ترهل، وسيم الطلعة شديد الشبه لابيه وكأنه توأمه على خديه «شلوخ» عريضة فى اعلاها وكانت من سمات الجمال انذاك للجنسين معاً، كان كرومة أنيقاً فى ملبسه الى حد المغالاة ويحب لبس القطافين ويشتريها من الانواع الغالية يحمل فى يده عصا جميلة من الكريز تكملة للاناقة، وكان ينتعل احذية يحسن اختيارها من المحلات الافرنجية فى السوق الافرنجى بالخرطوم واشهرها محل «ديفز براين» الذى يستورد السلع الانجليزية ويصف أستاذه عمر البنا هندامه ويقول «لبس كرومة القفطان وعمته «الكرب» وقال الجقر تعرفت على ترزى كرومة واسمه «ودمكينة» والذى زودنى بشيء من سيرته وصفاته، اما الشئ الذى تفرد به كرومة عمامته التى كانت حديث المجتمع تذكرنى بعمامة الحجاج واهل العراق، وهناك جذع شجرة خاص اتخذه كرومة لزوم لف العمامة عليه، ومنها الى رأسه، واما طواقيه فكانت تأتيه من المعجبات اشكال والوان شغل منسوج عبارة عن هدايا واعجاب به.
الثلاثة العظماء
وقد حقق كرومة شهرة عمت السودان من اقصاه الى اقصاه، وان كنا قد اشرنا الى ما اثر عنه من اعتناء بمظهره واناقته فلابد من الاشارة أيضاً الى انه كان حريصاً على اقتناء العطور الراقية وقد انتج «الشبراويشى» فى مصر عطراً وضع على قارورته صورة الفنان كرومة وسماه باسمه، فعل ذلك بعدما تأكد من شعبية الفنان الانيق وانتج هذا المصنع نفسه من قبل نوعين من العطر وضع على احدهما صورة السيد عبدالرحمن المهدى، وعلى الاخرى صورة السيد على الميرغنى، وأيضاً فى بعض بيوت ومنازل امدرمان القديمة كانت هنالك اباريق وكبابى شاى عليها صورة كرومة وحاله حال الرجال العظماء.
ولعب كرومة فى فريق الهلال وله القصيدة المشهورة للشاعر عمر البنا «هل الهلال والايام صفتله»
ألحان لا تحصى
تغنى كرومة لسيد عبد العزيز صاغ له ألحان «59» اغنية «انا ما معيون» واغنية «مسو نوركم وشوفو» وكذلك للشاعر محمد بشير عتيق «25» قصيدة ولحن منها «ناعس الاجفان، ايا م صفانا، ارجوك يانسيم، واغنية ما بنسى ليلة كنا تائهين فى سمر، من اول نظرة، رونق الصبح البديع» وللشاعر الكبير ابوصلاح ب«21» قصيدة منها «جوهر صدر المحافل» وعمر البنا «20» قصيدة منها «زهرة الروض، فى الطيف او فى الصحيان»، ولعبدالرحمن الريح ب«7» قصائد وللشاعر عبيد عبدالرحمن ب«4» والعبادى بقصيدتين والامى لحن له «7» اغنيات وكذلك لحن للفاضل احمد اغنية «رشا يا كحيل» ويتمتع كرومة بامكانات لحنية مذهلة.
كورس لازم كرومة
يقول الجقر من «الشيالين» الذين كان لى معهم لقاء صديقى المرحوم عبدالله محمد زين شاعر «انا امدرمان» ومن الكورس أيضاً عثمان ضربة، وود نقية، وعلى ابو الجود، وعوض شمبات، الذى شكل ثنائية معه حاله حال الفنان الفاضل احمد.
زياراته الخارجية
زار كرومة مصر«4» مرات اولها فى العام 1929م ورافق فى تلك الرحلة الشاعر عمر البنا، والفنان على الشايقى، والتوم عبدالجليل، وحدباى، ومحمد الامين بادى، اما الزيارة الثانية فكانت فى العام 1931م رافقه الشاعر ابراهيم العبادى، والفنانان محمد احمد سرور، والامين برهان، وفضل كرومة ان لا يسجل شيئاً مكتفياً بالزمالة «اى الترديد وراء المغنى» ولا ندرى لماذا احجم كرومة عن انتهاز هذه الفرصة الثمينة لكن يبدو على الارجح أن خلافاً نشب بين المطربين الثلاثة كان سبباً وراء إحجام كرومة.
زار كرومة مصر للمرة الثالثة فى العام 1939م مع عمر البنا، وبرهان وابو الجود، وسجل معظم الاسطوانات التى اصدرها لحساب شركتى «او ديون ومشيان»، وحرصت الشركة على تقديم كرومة فى اسطواناته بلقب «كروان السودان».
قصته مع الشيخ قريب الله
وقد حكى لى عمنا الشاعر عمر البنا وقال ان كرومة كان يغنى فى احدى الحفلات بود نوباوى، وكان المنزل الذى اقيم فيه الحفل بالقرب من مسجد الشيخ قريب الله الذى ارسل طالباً وقال «نادو لى الشخص البغنى دا لو تكرمتو» وارسل فى طلبه وخاف كرومة وعمر البنا عندما علما ان الشيخ ارسل فى طلبهما، وقال له عمر البنا اهل الله لا يخاف منهم وذهبنا لمقابلته وقيل للشيخ لقد اتى المنشدون وفضلنا واكرمنا وقال الشيخ قريب الله لكرومة هلا اسمعتنا ما كنت تنشده من كلمات طيبة عن الليل وبدا يقول:
ياليل ابقى لى شاهد على نار شوقى وجنونى
ياليل ونهض معه عمر البنا ليقوم بمهمة الشيال «الكورس» وعندما ارتفع صوت كرومة يهتز الشيخ ويرتفع صوته فى صيحة من تملكه نشوة الليل، ليل الصوفى العابد صاح الله، ويسمع كل من فى الحجرة صيحة الشيخ «الله» وقد انكفأ على «التبروقة» مغشياً عليه.
رحل الكروان
مثل غموض اشياء كثيرة فى حياة هذا الرائد العظيم، كان موته فى ظروف غامضة لا يزال التضارب يحيطها وتذهب اشد الروايات رجوحاً وشيوعاً الى انه توفى متأثراً بمضاعفات الادمان وهى رواية يناصرها معاصروه، والثابت ان كرومة شعر بمغص شديد فى المعدة ونقل الى مستشفى امدرمان قسم الباطنية والذى يقع شمال مسجد الخليفة بعد ان تقيأ دماً وهناك فشل الاطباء فى انقاذه واسلم الروح الى بارئها يوم الاحد 29 يناير 1947م، مبكياً عليه فى كل انحاء السودان وفى الخارج حيث توجد جاليات سودانية كما فى مصر.
قصة اكتشاف قبره
يواصل الجقر ويقول والدى كان لديه ود ومحبة شديدة لكرومة، وكل الذى جمعته عن حياته سمعته من الوالد ومن عمنا الشاعر عمر البنا ومن على ابو الجود كورس كرومة، وفى احدى المرات قال لى والدى يا ولدى كرومة مسكين قبره ما معروف للان ووالدى يعمل «حفار» فى المقابر، وكان ذلك فى الستينيات وتوفى الوالد فى الثمانينات ،وحدد لى اتجاه القبر ولكن ليس بصورة دقيقة وبدأت رحلة البحث عن القبر، وهناك اناس قالوا لى ان كرومة مدفون فى مقابر احمد شرفى فتحققت فعلمت ان كرومة ختمى يلبس جلابية الختمية وفى المولد يمدح عند السيد علي لكن بشفافيته ورهفه واصالته بعد فراغه من خيمة الطريقة الختمية يمدح السيد عبدالرحمن والمهدى.
لكن بعضهم قال لى ان كرومة دفن فى مقابر البكرى،
فى احد الايام ذهبت الى امدرمان الهجرة وصادفنى احد اقرباء اسرة منصور خالد،وهو يعلم اننى منذ مدة طويلة ابحث عن قبره، وهو كمال عمر عليه رحمة الله قابلنى وابلغنى انه وجد شخصاً ليس له علاقة بالحقيبة وكرومة ولكن مصادفة قال لهم لدى قصة غريبة عن كرومة فحددنا موعداً لمقابلته وهو العم عبدالرحمن الياس وقال لى عندما كنت ادرس فى مدرسة وادى سيدنا سنة 1947م وقد توفى كرومة يوم التاسع والعشرين من شهر يناير واليوم الثانى وصلنى تلغراف ان والدى توفى، وقال انا اسكن امدرمان بالقرب من المسجد الكبير وفى المدرسة جاءنى خبر وفاة والدى وذهبت باللورى صباح اليوم الثانى مبكراً واستقليت اول لورى متجه لامدرمان ولم تكن هنالك منازل حول المقابر وحتى القبور الموجودة فى البكرى تعد على اصابع اليد، وطلبت من المساعد فى اللورى ان ينزلنى بالقرب من المقابر لان والدى توفى امس، وقال نزلت واتجهت «غرب جنوب» وهذا الطريق يؤدى الى المقابر، وصلت المقابر ووجهى تبلله الدموع فوجدت شخصين واقفين بالمقابر وهناك ناس دفنوا شخصاً ومن الاثنين تعرفت على عمنا الصبى وهو واقف وبدأت ابكى امام قبر جديد وقال لى يا بنى هذا قبر كرومة، والدك امس قمنا بدفن هناك ولم اقف فزحفت وانا جالس على الارض مسافة اربعة امتار ووجدت قبر والدى ومنذ ذلك الوقت عرفت ان هذا قبر كرومة،
وعندما قدمنا لكسر التربة صرت اقول لهم قبر والدى بالقرب من قبر كرومة. انتهى حديث عبدالرحمن الياس،
يقول الجقر عندما يأتى السيل لا يغير اتجاهه، وجاء بالقرب من قبر كرومة مسافة، وتعودت ان اذهب مع والدى لترميم القبور التى جرفتها المياه وقد وجدنا القبر وقد وضعنا عليه حجراً ولم يؤثر عليه السيل. وعن ترميمه للقبر يقول الجقر لم يساعدنى احد فى ترميمه او عمل شاهد له سوى بعضهم فى نادى الهلال ومنتدى امدرمان،
واعتقد من حق كرومة ان نرفع قبره وقبل خمس اشهر عملت له شاهد، وعبر صحيفتكم اناشد نادى الهلال الذى تغنى له كرومة وكان لاعباً فيه وتغنى كرومة لفريق الهلال من كلمات عمر البنا «هلا الهلال والايام صفن له وضع للسودان تاريخ بفنه ومنتخب الجيش مابغلبنه»، وهو لا يطلب بعد وفاته سوى شاهدين للقبر ورفعه قليلاً عن مستوى الارض وليس اقامة ضريح له، وكذلك اناشد وزارة الاعلام والثقافة والاستاذ السمؤال خلف الله المديرالعام للهيئة العامة للاذاعة والتلفزيون.
كلمات على قبره
وقد كتب احمد عبدالله البنا «الفرجونى» ابيات شعر على قبر كروان السودان وقال:
صداح انت بدات الشدو فانطلقت منك اللحون تثير الشجو فى الوتر
ان البلابل من الحانك اقتبست طيب الغناء فغنى مورق الشجر
هذا حداؤك يسرى فى جوانحنا عذب الغناء يليق السحر بالسحر
تهجع كما هجعت بين الغصون حمام الايك تكتفها افنان بالزهر


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.