شبكات التواصل الاجتماعي هي مصطلح يطلق على مجموعة من المواقع على شبكة الانترنت، حيث من خلالها تتيح التواصل بين الأفراد في بيئة مجتمع إفتراضي يجمعهم الاهتمام أو الانتماء الأسري أو التعليمي أو العرقي، وهي عديدة أشهرها الفيس بوك وتويتر وتطورت حتى ظهر موخراً الواتساب كوسيلة أكثر حداثة ورواجاً للتواصل، وبالأمس اجتمعنا أسرياً نتناقش ونتحاور فى سلبيات وإيجابيات تلك الثقافة، وللأسف وجدنا أن السلبى يفوق الإيجابي بدرجات كبيرة! ولذلك رأيت ان يكون الاسم المناسب انها وسائل تفاصل اجتماعي وليس تواصلاً!! فالذى نعيشه الآن يجعلك فى ذهول، فالابن والبنت تجدهما بين أهليهما بجسديهما فقط أما روحيهما وعقليهما مع من يحادث أو يتصفح فى الجهاز ولا يحرك ساكنا مهما نودي عليه وإن تمت دعوته للطعام لا يستجيب مع انه جائع ويحتاج لذلك، وسبب ذلك الانعزال والانفصال عن الرابط الأسرى خلل واضح وضعف فى التربية وانحطاط فى الأخلاق، فأصبح الجميع بمن فيهم اولياء الأمور والأمهات فى حالة انشغال مزعج ومستمر بالواتساب، وكل منهم منهمك ومنعزل تماما عن اي اندماج او تواصل اجتماعي تحفه الونسات والتعابير والدروس والفرفشة، ونفس الأمر تجده في المواصلات العامة والنوادي وحتى الجامعات والمجالس التي تجمع الناس، فالكل اصبح منعزلا مع ذلك الجهاز الشيطاني، وقد حدثني البعض أن ابنته تتصل بوالدتها وهي مغلقة على نفسها باب غرفتها لتطلب منها كوب حليب او سندوتش، وكذلك الحال فأحمد ابن الثامن عشر عاماً يدير كل تواصله الأسرى بالهاتف والواتساب حتى عندما يريد أن يقنع والديه بأنه في المسجد أو يذاكر مع صديق مقيل عندهم يرسل لهم صورة عبر الواتساب كمستند إثبات لكون حالته الآن! وكثير من الحبوبات لا يجدن أدنى اهتمام أو تجاوب من بنت الابن والابنة عندما تطلب خدمة تحتاج لها فالانشغال بالواتساب أدى لذلك التجاهل وعدم البر والتراحم، ولوقت قريب كان التواصل الاجتماعى ملزما للاسر والمعارف بحكم رابط الرحم ودعوة التواصل التى ذكرنا بها الرسول الكريم إلا أن الأمر اختلف تماما وأصبحت كل الاسر أو معظمها تدير علاقتها الأسرية وتواصلها «بالقروبات» حتى ناس «الدفيع» البسطاء سوا ليهم قروب يضم بله الترزى، وعطية الحلاق، وملين الخدرجي، وطه بتاع اللبن ومختار الأحوص، تجد فيه كلمات وقصص وحكاوى لا تفسير لها غير قلة الشغلة. والقروبات فيها البدع خاصة التى تضم تجمعات فيها خلل كما كان فى قروب «ندى راستا والرحيمة»، فالمتداول من حديث ومراسلات يصل الى حد القطيعة والشتيمة أحيانا وتمرر عبره أسرار يضار منها الكثيرون كما أن هناك بعض الجهات تستخدم بعض خصوصيات هؤلاء عمل مضار يؤدى نشره الى أضرار بليغة، وعلى مثال ذلك ما تم تداوله من صور لذلك العميد بالقوات المسلحة الذى تعرض للضرب من بعض المتفلتين فى إحدى مناطق العمليات بغرب السودان فما أن دخل الى ميز الضباط حتى تجمع حوله زملاء العمل متعاطفين لما حدث وبدون اى مقصد حاول اطلاعهم على الجروح والأذى وفى لحظة غباء التقطت صورة له بواسطة أحد الموجودين وتم إرسالها للآخر وتناقلتها واستخدمتها جهات معادية حاولت من خلالها التنبيه إلى صراع خفي وانهزام لهيبة القوات المسلحة برغم ان ذلك لم يحدث ولن يحدث على الإطلاق، كما أن ما حدث ليس فيه اي بعد سياسي أو ضعف، ولكن التواصل الاجتماعى عبر تلك الأجهزة أدى لذلك التشويش، أما أن تحدثت بتحفظ عما ينشر هذه الأيام لبعض الرموز فى العمل العام والرسمي فهو عمل إجرامي حقير فيه دبلجة واضحة ولكنها تعبر عن خلل حقيقي في نفوس أناس لا يخافون الله فى أعراض الغير، فكيف لك يا من روجت ان تلاقي ربك وأنت تقوم بعمل كهذا مهما كانت دوافعك تجرح فيه أطفالاً أبرياء وفتيات في سن المراهقة تظهر في ما نشرت صور لابنائهم بهذه المناظر الفاضحة كيف لك ان تمحو ذلك الأذى النفسى لكل من رأى من الأقرباء والاصدقاء والأهل والمعارف، أليست كل ما يتم هو تفاصل اجتماعى يفرق بين الاب وابنه والأم وبنتها والأهل والأصدقاء والعشيرة، فلا بد لنا من وقفة ومراجعة لهذا الغزو الخطير لا بد أن نحاول جمع ما أفسده الدهر نترابط ونتواصل بأجسامنا وأرواحنا لا عبر الوسائط، وحقاً لقد صدق قول الشيخ فرح ود تكتوك «آخر الزمن السفر بالبيوت والكلام بالخيوط». فالآن أصبح السفر بطائرات مصممة كما المساكن فيها كل سبل الراحة والنوم، وأصبح حديثنا كله بالخيوط ولو كنا تحت سقف واحد، فلماذا يكون هذا الانفصال، ولماذا لا يتم التواصل وحتى الأعذار أصبحت متكررة، ففى السابق كانت دعوة الناس للأعراس سيقوم العريس «بنهم» الناس بنفسه يركب الحصان او الدابة ويلف على الحلة يعزم وينشر دعوته، أما الآن فالتواصل والدعوات عبر رسالة نصية أو واتساب وحتى الاعتذار يتم عبرها يختفى بذلك التواصل وتجاذب الحديث والسؤال عن الحال والأحوال، فنحن أمة مسلمة يدعونا ديننا الحنيف لمواصلة الأرحام بالزيارات المتكررة وتفقد أحوال بعضنا البعض حتى تكون واقعية الإحساس بظروف وحال بعضنا، ولا بد من تنظيم وتوجية الأبناء في ترشيد استخدام تلك الوسائل حرصاً منا على عدم ربطهم بالنواحي الدينية وخوفاً عليهم من الانزلاق في هوى النفس ولعل الأخطر من ذلك ما يتم من تواصل بين أكثرهم بعيدا عن أعين الأسر والرقابة فتنجرف الفتاة منهن الى هلاك وهي ترسل فى لحظة تواصل لا تفاصل شرعى ترسل له صورة عارة فاضحة تسعده بها لحظة ولكنه يستخدمها ضدها الف مرة فيحاول بها ابتزازها وانتهاك شرفها وكرامة أهلها والشاهد في تلك القضايا كثير، فكم من جريمة حدثت بفعل تلك الوسائل وكم كارثة حلت دفعت الأسر والأبناء والبنات ثمنها غالياً، نعم للتواصل الاجتماعي المقنن ونعم لاستخدام الوسائل الحديثة في ما هو أنفع وأصلح ولا نريد أن نبعد من مواكبة التطور طالما ان تلك هى سمة العصر ولكن نؤمن على وضع الضوابط التى تجعلنا لا نبتعد كثيراً مما يدعون له الإسلام بتعاليمه السمحة والبيوت أصبح السكون يخيم على أركانها فلا تسمع الأصوات والضحكات والسبب فى ذلك ان جميع أفراده يعيشون في انعزال تام ووحدة نتفاصل بفعل ذلك التواصل السري مع كثير من أهواء النفس ويجب أن تنذكر أن الله مع الجماعة، والملائكة تكون حاضرة في جلسات الجماعات خاصة وأنها تراقب بعضها البعض، فأكثر الناس يهتم بمراقبة الناس ويخلص في العمل ويحسن التصرف يتفادى الأخطاء ويبعد عن الشبهات ويحرص على عدم النقد. لذلك دعونا نجعلها وسائل تواصل اجتماعي تحقق الهدف السامي للدين والدنيا.