كشف برلمانيون أمس عن وجود فساد ببنك الثروة الحيوانية فيما بتكوين لجنة للتحقيق حول الفساد وقالوا «لابد من معرفة القروش مشت وين» واتهموا البنك المركزي بالتورط في الفشل الذريع للبنك كما وجهوا اتهامات لوزير المالية بحماية المدير العام للبنك، مشيرين بأن الوزير أعاق محاولات لمجلس الإدراة لإقالة المدير كما كشفوا عن بيع الأصول لمجلس الإدارة «يعني من دقنوا وافتلوا» بيد أن رئيس مجلس إدارة البنك جمال الوالي رجل الأعمال المعروف والرياضي الشهير، نفى بل تحدى الأعضاء الذين تحدثوا عن فساد وتجاوزات داخل البنك أن يثبتوا ذلك بالأدلة مبدياً استعداد البنك للمراجعة «لكن المراجعة كانت وين قبل كده». و عزا المشاكل المالية للتركة «المثقلة» التي قال إن إدارة البنك ورثتها عن الإدارة السابقة، حيث قُدِّرت التعثرات قبل خمس سنوات ب«200» مليار جنيه، وتمكنت إدارة الوالي من النزول بها إلى «85» ملياراً. والمعروف ان المراجع العام لا يعلن في تقريره العلني عن تجاوزات المصارف حتى لا تهتز الثقة فيها لكنه يملّك النواب التقارير للاطلاع عليها، لكن الحديث عن أوضاع المصارف بشفافية يعتبر أمراً مهماً حتى يدرك المودعون أين يودعون اموالهم، كما أنه حتى المساهمين الذين لم يقفوا عن بعض التجاوزات داخل المصارف التي يساهمون فيها من شأن تلك التقارير المبثوثة من المراجع العام على الهواء أن تجعلهم في موقف واضح تجاه أسهمهم في داخلها. وفي العام 2009 أشارت صحيفة «آخر لحظة» أن مصادرها كشفت عن اختلاس «200» مليار جنيه بفرعي أحد المصارف بالخرطوم، وتنبأت بأن تقود الاختلاسات لتصفية البنك وقالت إنها تتم بصورة دورية شهرية، وأشارت إلى أن البنك ترأس إدارته شخصية اقتصادية. وأوضحت المصادر أن فرع البنك بالرياض اختلست منه قبل يومين «50» مليون جنيه وأضافت أن أحد كبار موظفي البنك اختلس «700» مليون جنيه وأن موظفاً أقل منه اختلس «2» مليار جنيه، وأن وكيلاً بالبنك اختلس «300» مليون جنيه وأبانت المصادر أن البنك قدّم تمويلاً بأكثر من «200» مليار جنيه دون ضمانات عقارية أو غيرها. وفي مصرف آخر قال المتحري في قضية أحد البنوك المتخصصة إنه من خلال التحري اتضح أن المتهم الثاني استلم مبلغ مليوني جنيه، وأن المتهمين الرابع والخامس استلما مبلغ «300» ألف جنيه، والمتهمين السابع والثامن استلما مبلغ «150» ألف جنيه وأنه تم ضبط مبلغ «2.750» جنيهاً داخل عربة المتهم الثاني عشر. مؤكداً أن بقية المبلغ ضبط بحوزة المتهم الثالث في جوال، مشيراً إلى أن هناك متهمين استلموا مبالغ ولم يتم القبض عليهم. لافتاً إلى أن المتهمين أفادوا بأنهم قاموا بشراء سيارات بالمبالغ الموزعة عليهم، وأكد أن المتهم السادس هو من قدم الخطاب للبنك في وجود المتهم الثاني الموظف بالحسابات في إحدى الشركات ومعروف لدى موظفي البنك. وأوضح أن المتهم الثاني أقر عند التحري بأنه بعد توظيفه في الحسابات في الشركة اقترح عليه المتهم الأول أن يقوم بإحضار نماذج لتوقيعات إدارة الحسابات ليقوموا بتزوير خطاب تحويل من حساب الشركة إلى حسابات شركة «...» للإنشاءات مقابل مليون جنيه، ونفى المتحري اطلاعه على قرار المدعي العام بشأن تحويل البلاغ المتهم فيه البنك. وتواجه المصارف العديد من الإشكالات أهمها قضية التقييم العقاري للرهن في عمليات التمويل، إذ أنه كثيراً ما يقل عن القيمة الحقيقية وقد اشار إلى ذلك العديد من الخبراء الإقتصاديين من خلال ورش العمل والندوات والبحوث وقد يعود هذا الأمر إما بدواعي المجاملة أو ربما الفساد وكنا قد أشرنا في وقت سابق إلى أن موظفاً في أحد البنوك عندما اكتشف أن العقار المقدم كرهن من أحد المواطنين يقل كثيراً عن قيمته الحقيقية ذهب إلى مسؤول البنك فاطلعه على المفارقة لكن المسؤول قطع ورقة صغيرة امامه وكتب فيها عبارة «يكفيه رصيده من الإيمان»، وعلاوة على ذلك الخلل هناك قضية دراسات الجدوى للمشروعات المتعلقة بطلب التمويل وعدم وفائها للاشتراطات المنهجية. ولاشك أن مراجعة دقيقة وشاملة لأداء المصارف من قبل بنك السودان والوقوف على مشاكله وحلها وإبعاد المتسببين فيها ومحاكمة المتجاوزين، يعتبر ضرورة لإنطلاقة هذا القطاع الحيوي وإلا فإن صاحب عبارة «رصيد الإيمان» هو الذي سيكون السائد وبالتالي فإن شبح الإفلاس لا محالة سيكون وارداً عندئذ .