حشد لأكثر من أربعين من وكالات أنباء أجنبية وقناة فضائية ووسائل إعلام محلية وصحف في رحلة لا أقول إنها ممتعة ولكنها شاقة بمعنى الكلمة ومؤلمة للبحث عن الحقيقة، إن البينة على من ادعى واليمين على من أنكر. ولم تُحشد وسائل الاعلام وحدها وانما القوات المسلحة التي وقفت على تأمين الرحلة أيضاً حشدت قواتها وعتادها بأكثر من خمسين عربة لتأمين وسلامة الوفد الإعلامي. وتابت المفترى عليها تتبع لمحلية طويلة بولاية شمال دارفور تقع على بعد «50» كيلو متر من مدينة الفاشر، استغرقت الرحلة اليها اكثر من ساعة على ظهور العربات ذات الدفع الرباعي لقطع طرق وعرة وكثبان رملية تمر على مناطق تتواجد بها كما علمنا جيوب للمتمردين من الحركات المسلحة. حقيقة تابت حقيقة تابت الاسم كما روى لنا الشيخ عبدالرحيم إدريس بأنها سميت بذلك الاسم منذ العام 1916م وقال «إن مجموعة من قبيلة التاما عملوا ليهم زريبة سموها تابية» مثل كلمة حامية العسكرية، وكان عمدتهم يسمى عبدالشافع سنين وذلك في عهد السلطان علي دينار، وأكد أن موقع القرية الاصلي غرب القرية الحالية ويقرب لها جبل صغير يطلق عليه «قريويت» واضاف ان المنطقة بها أكثر من ست وعشرين قبيلة. لولا الجيش لما كانت تابت ولكن عمدة محلية طويلة الهادي عبدالله عبدالرحمن قال لنا، القرية كانت حتى العام 2007م خارج سيطرة الحكومة ولكن بفضل القوات المسلحة استعادت المنطقة عافيتها وعبر عن أسفه للشائعة التي أطلقتها اليوناميد وراديو دبنقا والدوائر الغربية للنيل من هيبة الجيش، وقال لولا الجيش لما عاد سكان المنطقة ومنذ ذلك الوقت لم تشهد المنطقة اي اعتداء على اي مواطن، وذكر ان افراد الجيش اصبحوا ضمن السكان وتزوجوا من اكثر من «40» من نساء المنطقة. صرخة نساء تابت كما قلت الرحلة مؤلمة لانها تبحث عن حقيقة شيء لا يمكن اخذه عنوة او البوح به بسهولة، والمشهد هنا عند تلك المرأة التي ذرفت دموعها ليس لان هناك اعراضاً انتهكت او اموالاً سلبت، وانما لذلك الاتهام الخطير الذي طال الشرف وانتهك العرض. وقالت كيف تتزوج بناتها وهي متهمة بذلك، واضافت ان اولاد عمها بالمدينة تقصد الفاشر سألوا عن ذلك، والمفاجأة كانت عند دخولنا المنطقة حيث خرج الجميع شيباً وشباباً ونساءً ورجالاً يهتفوف بشعارات كتبت على لافتات تقول «الخزي والعار لتجار الفتن والافتراء». «وان شباب تابت يدين المتاجرة بشرف الامهات والاخوات» اما اتحاد المرأة بتابت قال «لا تفريط في اعراض النساء» «وجيش واحد شعب واحد» بالاضافة الى شيوخ المنطقة الذين طالبوا بادانة الكذب والافتراء. الجميع كانت على وجوههم الدهشة بسبب ما أشيع من حديث عن بناتهم. الموت من أجل الشرف وللامانة منح وزير الثقافة بشمال دارفور ممثل الوالي ابو العباس الضوء الاخضر لوسائل الاعلام بنقل الحقيقة بحرية ومهنية دون تدخل من اي جهة، وقال سيكون هناك وقت كاف للعمل وسط المواطنين وانتم لديكم مطلق الحرية في طرح السؤال على اي شخص، اما معتمد محلية طويلة قال جئنا لنشهد سقوط راديو دبنقا في امتحان الاخلاق وقال «اذا تم اغتصاب «20» سيموت «100» رجل من اجلهن بالمنطقة» وقال لولا القوات المسلحة لما كانت المنطقة واضاف ناس تابت والقوات المسلحة في الميدان. حرائر تابت ودرس الأخلاق وخاطب وزير الثقافة بالسلطة الانتقالية عبد الكريم موسى مواطني القرية واكد انهم لقنوا «راديو دبنقا» درساً بليغاً في الوطنية والاخلاق والدفاع عن شرف السودان، وقال «حرائر» دارفور لسن للمتاجرة واعتبر الفرية ساذجة ولعب بالعقول وعدم موضوعية واضاف «لا يمكن أن تنتهك أعراض «200» ونحن احياء» وقال « نقول لراديو دبنقا أنتم أصبحتم دبنقا -اي كذاب-» واكد ان ابناء القوات المسلحة هم اولادنا واقسم «لو ماتت واحدة من نسائنا لمات قصادها المئات» وحذر بعثة اليونميد من المتاجرة باعراض نساء دارفور وقال «اذا أرادوا تسويق قضية الاغتصاب ليجددوا ليهم مرة ثانية اليشوفوا ليهم حتة تانية» واضاف بالقول «لن نرضى ولن نسمح لليونميد بالمتاجرة بقضة المنطقة». الكلام الحار قبل أن أطرح عليه السؤال فاجأني الشيخ عبد الرحيم ادريس بالحديث «بانهم ما رجال» واكد انهم لن يرضوا لبناتهم وزوجاتهم ان يقول فيهم ذلك الكذب وقال «الكلام الجا في دبنقا حرقنا وان الجيش ما عمل فينا شيء وهم عيالنا» وأولاد بلد وزوجناههم «40» من بناتنا اما الشيخ يوسف صالح قال «نحن ما نرضى ان يكون في البلد دي خمرة عشان يكون هنا منكر» واضاف «نحن قاعدين هنا ما في زول مسك ليه عسكري مع امرأة» وزاد بحرقة قلب «نحن ما حريم حتى نسوانا وبناتنا يقول فيهن كلام شين»واضاف « والله راديو دبنقا كذاب والذين يعملوا فيه منافقين وعملاء يريدون وقف التنمية بالمنطقة». شباب من المنطقة ومن شباب المنطقة جلسنا مع محمد عبدالرحمن اسماعيل حيث قال كل الشباب بالمنطقة موجودين كيف يسكتوا على ذلك والكلام سمعناه في راديو دبنقا، واكد ان الجيش معانا منذ العام 2007 ما شفنا عنهم شي بطال وتزوجوا منا اكثر من اربعين من نساء المنطقة والان هم جزء منا. اما سارة ادم يونس وهي خريجة جامعة الدلنج تحدثت بحرقة شديدة ودافعت عن اهلها وقالت، كل الذي حدث سمعنا بيه وهو كذب وافتراء من عملاء يريدون تعطيل التنمية، واكدت بأن بنات ونساء المنطقة يدن ذلك بشدة. نحن مسلمون نصوم ونصلي ونزكي أما الشيخ حسين ابكر ابراهيم قال نحن مسلمون نصلي ونصوم ونزكي وقال «دي اهانة كبيرة لنسائنا» ولفت بان «150» من رجال المنطقة حلفوا ان الوقوف خلف تنمية المنطقة وقال «الناس ديل يريدون تعطيل التنمية» وذكر «الذين يقولون هناك اغتصاب ما يقدموا لينا واحدة من بناتنا» وقال نحن نطالب برد شرفنا، وزاد اهل تاتب يموت رجالها اذا انتهكت حرمات امرأة واحدة ناهيك عن «20». إحدى النساء وتدعى حليمة قالت «الكلام ده شين ونحن ما نقبل في بناتنا والكلام سمعناه في راديو دبنقا وماف حاجة من القالوه صاح كل بناتنا شريفات والبيقول ذلك كذاب والله بحاسبه» بكاء حاجة مريم وأخيراً كانت جالسة مستغربة عما يحدث وهي تنظر الى وسائل الاعلام بالكاميرات، الحاجة مريم بكت كثيراً حينما سألناها عن الحصل عليهن قالت في دهشة«انهم سمعوا زي ما نحن سمعنا عبر راديو دبنقا وان هذه إشاعة ولا توجد أي حالة إغتصاب وديل بناتنا قدامكم أسألوهن لو في حاجه زي دي».. الملاحظة الأولى عندما دخلت القوات المسلحة تابت بصحبة الوفد الاعلامي الكبير استقبلوا من المواطنين بالهتاف «جيش واحد شعب واحد» وتدافع عدد كبير منهم نحو افراد القوات المسلحة وبدأوا في التحية والسلام والحديث مع بعض واذا كان هناك اي توتر بين الطرفين لما حدث ذلك. الملاحظة الثانية كل اللائي تحدثت معهن كن لا يعلمن عن الاتهام الا من خلال راديو دينقا، وكانهن تفاجأن بالحديث عن قريتهن ولايدرين عما يجري بالخارج، كما اتفق الحديث عن أن الاتهام تسبب لهن في حرج كبير، ولأقربائهن في المدن الاخرى الذين سارعوا بالاتصال بأهلهم بالمنطقة. الملاحظة الثالثة لم يستبعد عدد من مواطني المنطقة ان يكون من وراء الفرية مندسون في المنطقة التي لا تبعد عن مناطق الحركات المسلحة كثيراً، وأكدوا أن الهدف قد يكون وقف ما يجري من إعمار بالقرية، حيث يقوم صندوق إعمار دارفور بتشييد مجمع ضخم يحتوى عدداً من المنشآت الخدمية لأهالي المنطقة. الملاحظة الرابعة من خلال الأرقام التي أذاعها راديو دبنقا والامم المتحدة نجد التضارب الواضح في الارقام بشأن قضية الاغتصاب، ولكن المهم حديث رجال المنطقة الذين اجمعوا بان البينة لمن ادعى وقالوا لا احد يستطيع ان يمس امرأة واحدة ناهيك عن عدد منهن. الملاحظة الخامسة بدأ مدعي جرائم دارفور مولانا ياسر ومعه فريق من المكتب بدأوا عملهم في القرية تحت ظل الشجرة بجمع اقوال النساء والبنات، ولكن كل الذين وقفنا معهم بالقرية وأطرافها لم يتحدثوا عن اي جريمة ارتكبت بحق بناتهم، حتى الشيخ الكبير الذي وجدناه في طرف القرية تحت شجرة قلنا له «هل سمعت بان الجيش اغتصب البنات هنا » نظر الينا باستغراب وكأنه لم يفهم الحديث ولكنه قال «الجيش ديل اولادنا من هنا وسكت وهَم بالذهاب خلف بهائمه».