وفقاً لإفادة من مصدر يحظى بالثقة، حول ما جرى في الأجواء الملتهبة والصاخبة السابقة والممهدة لما أفضت له على النحو الذي جرى فيما يسمى المفاصلة الشهيرة التي حدثت عندما تصدعت الحركة الإسلامية للنخبة السودانية المدنية والعسكرية المؤسسة للسلطة الحاكمة الراهنة، وقد كنت حينها في أواخر القرن الميلادي الماضي مقيماً بالمنفى الطوعي الذي اخترته لنفسي خارج البلاد، فقد تصدى القيادي المؤسس والمخضرم ومربي الأجيال في الحركة الإسلامية الشيخ الجليل الراحل المرحوم يسن عمر الإمام للسيد رئيس الجمهورية ورئيس المكتب القيادي لحزب المؤتمر الوطني في ذلك الوقت المشير عمر البشير أثناء اجتماع ساخن تمت الدعوة له آنذاك، بعد أن أصدر الرئيس البشير قراره المثير بحل المجلس الوطني البرلماني الذي كان يرأسه الزعيم التاريخي للحركة الإسلامية وملهمها ومرشدها د. حسن الترابي في ذلك الحين. وكان المنطق والمنطلق الذي إستند عليه المرحوم ياسين في تلك المواجهة المتأججة والمتصدية للرئيس البشير حينها هو أنه يرى أن القرار المثير الذي أصدره الأخير بحل المجلس الوطني البرلماني ليس قراراً شرعياً من الناحية الدستورية والقانونية. بيد أن الرئيس البشير رفض الاستجابة لمثل ذلك المنطلق كما رفض الموافقة على مثل ذلك المنطق أو القبول به، وذكر في دحضه ورده على المرحوم ياسين أن الشرعية التي ينطلق منها ويستند ويرتكز عليها ابتداء من ذلك اليوم بل وقبله وبعده هي البندقية وقوة منطقها المعتمدة لدى القوات الوطنية المسلحة في حسمها الصارم والحازم لما ترى أنه واجبها الشرعي والوطني والحضاري، وأن هذه هي المهمة المقدسة التي صار مكلفاً بها ومتولياً ومتصدياً لها منذ أن جاء إلى سدة القيادة لمقاليد الحكم والسلطة الحاكمة القائمة بعد أن قاد الاستيلاء عليها بهيمنة وسيطرة منفردة بانقلاب ثوري أقدمت على القيام به النخبة السودانية المدنية والعسكرية المعبرة عن الحركة الإسلامية في العام 1989م. وتجدر الإشارة في سياق مثل هذا الإطار للرؤية المتعمقة والمتأملة والمتمعنة في الذي جرى وظل وما زال يجري في الحراك الداخلي لما يدور في الأوساط العليا المهيمنة والمسيطرة على سدة مقاليد الحكم والسلطة الحاكمة الراهنة والقائمة منذ مجيئها في العام 1989م، والتفاعلات الدائرة والفاعلة فيها منذ ذلك الحين وحتى الأن، وذلك على نحو منطقي وطبيعي وبدهي حدث مثلها لأسباب ذاتية وموضوعية دافعة لها ومفضية ومؤدية إليها في كل التجارب والنماذج الإنسانية الماثلة والمماثلة بصورة أو أخرى على مدى التاريخ الإنساني والبشري.. تجدر الإشارة، بناء على هذا المنحى للرؤية، إلى ما جرى وما حدث في الحقبة الأولى بهذا الصدد وفي هذا الخصوص بالنسبة للتجربة الحاكمة القائمة، وذلك على النحو الذي أفضى وأدى حينها إلى الاستقالات الشهيرة والداوية والمدوية لثلاثة من كبار الأعضاء بالمجلس العسكري لثورة الإنقاذ الوطني، وعلى الصدارة منهم وفي مقدمتهم وأهمهم من حيث المغزى والدلالة البعيدة المدى لما جرى، رئيس اللجنة السياسية في ذلك المجلس العميد عثمان أحمد حسن، ومعه كل من العقيد فيصل مدني والعقيد فيصل أبو صالح. كما تجدر الإشارة، في سياق ذات الإطار وذات المنحى للرؤية، لإفادة مهمة أخرى متعلقة بما جرى في الأجواء المتأججة والصاخبة والملتهبة على النحو الذي أفضى وأدى لما انتهى إليه لدى ما حدث من مفاصلة انقسمت وتصدعت نتيجة لها القوى المدنية في الحركة الإسلامية للنخبة السودانية المؤسسة للسلطة الحاكمة الراهنة، وهي إفادة أدلى بها لي على المستوى الشخصي مصدر يحظى بالثقة، حيث أكد فيها أن هناك شخصية فاعلة ومؤثرة كانت قد أقدمت على المسارعة بالحضور إلى الخرطوم قادمة من مقر عملها في الولاياتالأمريكيةالمتحدة آنذاك، ونقلت إلى الرئيس البشير نصيحة ورسالة مفادها أنه إذا لم يقدم على المسارعة بالتخلص من د. الترابي فإن الأخير سوف يتمكن من التخلص منه وينتصر عليه في المواجهة الساخنة والسافرة التي كانت دائرة إذا لم تتم المسارعة بحسمها ووضع نهاية صارمة تحد منها حتى لا تظل مستمرة ومتفاعلة ومتصاعدة ومتفاقمة ومتسعة ومتزايدة في المزايدة المتصارعة والمتنازعة والمتنافسة دون حسم رادع لها بأقصى سرعة ممكنة كما جرى حينها وفتح حقبة مغايرة للحقبة السابقة من ثورة الإنقاذ الوطني القائمة والراهنة، ونواصل غداً إن شاء الله.