لعل بعض الشر أهون من بعض، كنت مهموماً بنتائج الانتخابات وتصعيد المرشحين للمجلسين القومي والولائي إلا أن خبراً وصلنا من ولاية جنوب دارفور يفيد بأن والي جنوب دارفور السيد اللواء ركن آدم محمود جار النبي قام بزيارة خاطفة وغير معلنة لمنطقة أبوجابرة التابعة لوحدة سعدون الإدارية بتاريخ 20 / 11 / 2014م وصرح خلال الزيارة بأنه سيقوم بإعادة توطين مجموعة من الأهالي النازحين أوقل المهجّرين الذين نزحوا أثناء تمشيط القوات الحكومية لجيوب التمرد الذي كان بمنطقة «أنقوجة» والمناطق المجاورة، والغريب في أمر الوالي أنه لم يعلن أهالي منطقة سعدون بالزيارة ودعا لها أهل قريضة وجوغانة ونتيقة وديتوا وغيرها من المناطق ووعد السيد الوالي بحماية العائدين من المتفلتين. الوالي بحكم موقعه الدستوري له حق التنقل والزيارات المعلنة وغير المعلنة داخل وخارج حدود ولايته، وله حق إصدار القرارات التي يراها تخدم مصلحة المواطن والوطن، ولكن زيارة الوالي لمنطقة أبو جابرة التابعة لوحدة سعدون الإدارية وعدم دعوة أهل منطقة سعدون أو إخطارهم بمن فيهم المدير التنفيذي تثير عدة أسئلة مشروعة وموجهة مباشرة للسيد الوالي وأعضاء حكومته الموقرين. 1 لماذا لم يخطر الوالي أهل سعدون بالزيارة ؟ أليسوا جزءاً أساسياً ومكوناً رئيساً بالمنطقة؟ ام هذه مقدمة لشيء يدبره هذا الوالي ويريد بهذه الخطوة استفزاز أهل المنطقة وحملهم على التعدي علي إخوانهم العائدين؟ وهذا لم يحدث ولن يحدث إن شاء الله تعالى لأن أبناء دارفور بدأوا يدركون، ولا عودة للجاهلية بل تعاون وتعاضد زرع، وضرع، وجوار آمن وعلاقات حميمة. 2 هل حساسية هذه المناطق خافية على الوالي وحكومة الولاية؟ المتابع للصراعات القبلية بدارفور يعلم تماماً أن الأرض هي السبب الأساسي لمعظم الصراعات القبلية، ليست لأنها لا تسع أهل دارفور ولكن عقلية أبناء دارفور هي التي تضيق الأرض برحابتها وضعف الدولة والقوانين وبعض الممارسات الاستفزازية كالتي يقوم بها بعض المسؤولين هي التي تؤدي إلى انفجار الأوضاع ومن ثم يصاب الجميع بالعجز عن حلها ونكتفي بالتلاوم والحسرة، فهناك قبائل لم تكن بينها عداوة عاشت وتداخلت وتصاهرت لسنين عددا فما إن جاءت التقسيمات الادارية والمسميات الجغرافية إلا وحاول بعض الطامعين التوسع وإزالة قبائل بكاملها من الوجود بسبب الهيمنة على الآخرين، وما يؤسف له أن هذه الممارسات تتم أحياناً باسم سلطة الدولة فأي منطق هذا وأي دولة هذه؟. منطقة سعدون وحدة إدارية وتتبع مباشرة للحكم المحلي وبها مناطق عدة بحكم حساسيتها كونت لجان طافت بتلك المناطق وتمت المعالجة بالصورة التي وجدها الوالي الحالي، أي تدخل سلبي من هذا الوالي ومحاولة اتخاذ قرارات غير مدروسة وإشراك كل المكونات بالمنطقة وأخذ رأيها تكون قرارات حمقاء وتعصف باستقرار المنطقة، أيها الوالي الوقت الآن وقت حصاد للمزارعين الذين بذلوا الجهد خلال فترة الخريف، إن كانت لديك القدرة والقوة فوفرها لحماية المزارعين لحصد زراعتهم بدلاً من هذه الفقاعات الجوفاء، وهناك سرقات للمواشي تتكرر وتوقع خسائرفي الأرواح نرجو من الوالي أن يعمل القوة والقانون لإيقافها. 3 ما هو الشعور الذي خلفته خطوة الوالي لدى مواطني المنطقة؟ أهل المنطقة استهجنوا هذا التصرف وبدأوا يفكرون ويحللون ماذا يريد الوالي بهذه الخطوة؟ وبدأت الخواطر تترى فمنهم من رأى أن الوالي يريد أن يوقع بين أهل قريضة وأهل سعدون، ومنهم من رأى أن الوالي يريد إبدال أهل المنطقة الذين لم ينزحوا رغم المصاعب التي تعرضوا لها وإحلال مجموعة أخرى لتغيير معالم المنطقة، وبعضهم ذهب إلى غير ذلك ولكن الله وحده يعلم ما يكنه صدر الوالي لأهل المنطقة. الناس في بلدي «السودان طبعاً» كرهوا الحرب لما لها من آثار رأوها وعايشوها وفي دارفور الكراهية أشد، لأن إنسان دارفور بسببها فقد التعليم، فقد التنمية، تعرضت سمعة الحرائر للطعن وغيرها من المآسي التي ربما لا يشعر بعض متخذي القرار بها، الذين يديرون الحروب عن بعد بالتأكيد لا يذوقون مرارتها وإلا لما تجرأ أحدهم على إشعالها إلا مكرهاً . نصيحة للسيد الوالي عليك أن تحسب ألف حساب وأن تعمل الحكمة قبل أن تقدم على أي خطوة أو قرار بشأن هذه المنطقة، ما أحوجنا للاستقرار لا سيما في ولايات دارفور ولا نريد أن نتهم الأخ الوالي في نياته، ولكن حرصنا على استقرار المنطقة وأهلنا هو الذي دفعنا لهذه النصيحة، عاملوا أهلنا على قدر عقولهم حتى لا تفتحوا للظن مجالاً، وللظن ما يبرره.