فجرت جريمة اغتيال الشرطي الأمريكي الأبيض العنصري لفتى أسود، وخنق شرطي أمريكي أبيض آخر في نيويورك أمريكياً أسود يعاني من نوبة ربو ولم يتركه إلا بعد أن انقطعت أنفاسه وفارق الحياة، رغم ان الضحية كان يردد للشرطي عبارة واحدة هى «أنا لا أتنفس، أنا لا أتنفس، وفي المرة الثالثة انقطعت أنفاسه وفارق الحياة»، ورغم هذه الجريمة المتكاملة أركان «القتل العمد» إلا أن هيئة المحلفين المؤلفة من العنصريين البيض قررت عدم ملاحقة الشرطي القاتلّ! ولم يجد وزير العدل مخرجاً من الحرج غير أن يأمر بتشكيل لجنة تحقيق في «الحادث»! مقتل أميركي أسود كل «28» ساعة! وكرد فعل لكل هذه الجرائم العنصرية، تظاهر الآلاف في مدينتي فيرغسون، ونيويورك وقام بعضهم بأعمال شغب تخللها حرق لسيارات، وكان حاكم ولاية ميزوري قد أعلن حالة الطوارئ تحسباً لتصاعد أعمال العنف، بينما شملت التظاهرات الاحتجاجية ضد عنصرية الشرطة البيضاء، وانحياز المحلفين البيض إلى جانبهم، ويعيد هذا الحدث والتظاهرات الاحتجاجية الغاضبة التي أشعلها، والأساليب المستخدمة لتحجيمها والسيطرة عليها من قبل الشرطة، الأسئلة التي سبق أن طرحها ناشطون ومنظمات حقوقية ووسائل إعلام أميركية بديلة، حول مشكلة العنصرية المؤسساتية في الولاياتالمتحدة والوضع الاقتصادي والاجتماعي البائس، الذي يعاني منه الذين يتعرضون للعنصرية. وحول عنف الشرطة الأميركية، وخصوصاً ضد السود واللاتين، فضلاً عن أسئلة حول عسكرة الشرطة في العقد الأخير، تذكّر أحداث فيرغسون بأعمال الشغب والعنف التي شهدتها لوس أنجيلوس، إذاً ليس عنف الشرطة ضد الأقليات، والسود بالذات، جديداً، ولا يزال القضاء الأميركي يثبت أنه لم يتخلص بعد من العنصرية والظلم الذي تأسس عليه البلد ودستوره، لكن ما يميّز الأحداث الأخيرة أنها تأتي في زمن تغوّلت فيه الشرطة الأميركية، وتمت عسكرتها، وخصوصاً بعد القوانين التي سنّت بعد الحادي عشر من سبتمبر 2001م، كما أن الوضع الاقتصادي عموماً، وللأقلية السوداء بالذات، هو الأسوأ منذ عقود. ولعل حقيقة واحدة تلخّص الوضع وهي أن واحداً من كل ثلاثة أميركيين سود يدخل السجن! «1217» أمريكياً أسود قتلتهم الشرطة بين عامي «2010 و2012م» يشير تقرير الصحافي الاستقصائي، أرلين أيزون، إلى مقتل 313 أميركياً أسود على الأقل، من الرجال والنساء وحتى الأطفال، على يد قوات الشرطة في عام 2012 وحده. وتفيد دراسة نشرتها مؤسسة »برو بابليكا« أن قوات الشرطة الأميركية قتلت بين الأعوام 2010 و2012، «1217» شخصاً، بحسب تسجيلات المكتب الفدرالي وبحسب هذه التسجيلات، فقد قتل من بين كل مليون مواطن أميركي حوالي 31 شاباً أسود بين الأعمار 15- 19، في حين قتل مقابل كل مليون مواطن أميركي 1.47 أميركيا أبيض على يد قوات الشرطة. الجدير بالذكر، أن هذه الاحصائيات غالباً ما تصدر عن صحافيين استقصائيين ومنظمات غير حكومية، ولا توجد ملفات رسمية للشرطة الأميركية وافية حول عدد وهوية المقتولين والجناة. فهي ترفض الإعلان عن إحصائيات من هذا النوع بحجة أنها لا توثّقها. يُضاف إلى ذلك، تجاهل وسائل الإعلام لتغطية هذه القصص إلا في حالات نادرة، مما يجعل الضغط على مؤسسات الدولة لإحداث تغييرات في القانون أو الممارسات عملية معقدة وصعبة. عسكرة الشرطة وخبرات إسرائيلية وتبدو قوات الشرطة الأميركية، وهي تقمع المواطنين بزي عسكري في فيرغسون وغيرها من المدن الأميركية، وتصوّب سلاح ال«إم 16« وفوهات المدرعات على مواطنيها وتطلق الغاز المسيل للدموع في كل صوب، وكأنها تقمع جمعاً من المتظاهرين في بلد أجنبي يقبع تحت الاحتلال، وليس في الولاياتالمتحدة نفسها، وسلّط تقرير لصحيفة »نيويورك تايمز« الأميركية الضوء على عقدين على الأقل، من عسكرة مؤسساتية تشهدها الشرطة الأميركية. وبحسب التقرير، زود الجيش الأميركي منذ عام 1997 الشرطة بعتاد من الأسلحة القتالية تصل قيمتها إلى أكثر من 4 مليارات دولار. آلاف الشرط الأمريكيين تدربوا في إسرائيل وكان الكونغرس الأميركي قد أقرّ برنامجاً خاصاً في هذا الصدد تحت اسم «1033»، إضافة إلى برامج أخرى كبرامج »مكافحة الإرهاب« الخاص بالأمن الدولي والتي تُصرف عليها المليارات كذلك، وتشير تقارير رسمية لمنظمات صهيونية أميركية عديدة إلى أن الآلاف من عناصر الشرطة الأميركية تدربوا في مراكز إسرائيلية تحت مسمى برامج »مكافحة الإرهاب«، ومن بين هؤلاء عدد من عناصر في شرطة »سانت لويس« الولاية التي تقع فيها مدينة فيرغسون ميزوري. وكانت شرطة نيويورك قد أعلنت عام 2012 عن فتحها فرعاً في مدينة كفار سابا الواقعة في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948م، وبحسب شرطة نيويورك فإن قرارها بفتح هذا الفرع جاء بناءً على إيمانها بضرورة التعاون المكثف واليومي بين البلدين، والذي يتطلب وجود ممثل من شرطة نيويورك في الفرع المركزي لتلك المنطقة. لكن هذا الإعلان ما هو إلا نقطة في بحر من التعاون والتدريب الذي يقوم به الجيش الإسرائيلي تحت مسمى »صناعة الأمن القومي« ومكافحة »الإرهاب«، حيث »تُصدّر« قوات الاحتلال خبراتها العسكرية في قمع الفلسطينيين إلى دول أخرى، ومن بينها الولاياتالمتحدة! مصادر التغطيات: 1 تقرير الصحافي الاستقصائي، أرلين أيزون، 2 الولاياتالمتحدة الأميركية نيويورك لوس أنجيلوس، فيرغسون ولاية ميزوري: تقارير: مايكل براوندارين ويلسونو.