نشكر صحيفة «الإنتباهة» الغراء لإسهامها المشهود في نشر التوعية التي يحتاجها المجتمع في شتى المجالات، وإتاحتها الفرصة لمن أراد الجدال بالحسنى، والمناقشة الموضوعية، ويبقى من يريد بيان صحة ما لديه وخطأ ما عليه الآخر أن يعتني بإيراد الأدلة والبراهين التي تؤيده بعيداً عن «شخصنة» القضايا.. والواقع خير شاهد لما قلتُ دون أن أحتاج إلى تفصيل. ويشكر للصحيفة عنايتها بالتنبيه على المحافظة على الثوابت الإسلامية، وقد تهيّأ لي بفضل الله في مثل هذه الأيام من العام الماضي من خلال صفحات هذه الصحيفة نشر ما يقارب من الخمسة عشر مقالاً في التوعية بخطورة الاحتفال بليلة رأس السنة الميلادية والتحذير مما يحصل فيها من بعض من تصطادهم الشياطين الإنسية والجنيّة. وقد شهد كثيرون أن ليلة رأس السنة في العام الماضي لم تكن كالحال الذي كانت عليه في الأعوام الماضية، فقد قاطع كثيرون الاحتفال بعيد النصارى، وابتعد كثيرون وكثيرات عن أماكن الفساد والحفلات الماجنة، وانقطع كثيرون عن الرحلات المدمّرة في تلك الليلة التي يفجر فيها كثيرون. فلمّا وقف كثير من الرجال والنساء والشباب والفتيات في مجتمعنا على الحكم الشرعي لمشاركة النصارى أعيادهم والاحتفال برأس السنة، ولما أدركوا ما يتم في تلك الليلة من الخزي والباطل والغناء والرقص وشرب الخمر وانتهاك الأعراض، استسلموا لحكم ربهم وخالقهم، فأعلنوا هجرانهم لتلك الشعائر وبعدهم عن الاحتفال بتلك الليلة ذات الموبقات المهلكات. هنيئاً لمن أعلن أنه عبدٌ لله وليس عبداً للشهوات والملذات والأهواء.. هنيئاً لكل مسلم ومسلمة ولكل من أعلن هجر ليلة رأس السنة وضلالها الكبير وباطلها الخطير.. فهذا هو شأن المؤمنين.. (إنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ «51» وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ «52»). هنيئاً لمن اجتنب الحرام وحفظ دينه وعقيدته من مشاركة النصارى عبدة الصلبان الذين جعلوا الله ثالث ثلاثة، وجعلوا المسيح عيسى عليه السلام ابن الله والعياذ بالله، هنيئاً لمن اجتنب مشاركتهم في عيدهم، قال ابن تيمية: «لا يحل للمسلمين أن يتشبهوا بهم في شيء ممّا يختص بأعيادهم لا من طعام ولا لباس ولا اغتسال ولا إيقاد نيران ولا تبطيل عادة من معيشة أو عبادة أو غير ذلك، ولا يحل فعل وليمة ولا الإهداء ولا البيع بما يستعان به على ذلك لأجل ذلك، ولا تمكين الصبيان ونحوهم من اللعب الذي في الأعياد ولا إظهار زينة. وبالجملة: ليس لهم أن يخصوا أعيادهم بشيء من شعائرهم، بل يكون يوم عيدهم عند المسلمين كسائر الأيام». هنيئاً لمن علم الحكم الشرعي في تهنئة النصارى بعيدهم ونأى عن ذلك، قال ابن القيم: «وأمّا التهنئة بشعائر الكفر المختصة بهم فحرام بالاتفاق، مثل أن يهنئهم بأعيادهم وصومهم فيقول: عيد مبارك عليك أو تهنأ بهذا العيد ونحوه، فهذا إن سلم قائله من الكفر فهو من المحرمات وهو بمنزلة أن يهنئه بسجوده للصليب، بل ذلك أعظم إثماً عند الله وأشد مقتاً من التهنئة بشرب الخمر وقتل النفس وارتكاب الفرج الحرام ونحوه، وكثير ممّن لا قدر للدين عنده يقع في ذلك وهو لا يدري قبح ما فعل. فمن هنأ عبداً بمعصية أو بدعة أو كفر فقد تعرض لمقت الله وسخطه، وقد كان أهل الورع من أهل العلم يتجنبون تهنئة الظلمة بالولايات وتهنئة الجهال بمنصب القضاء والتدريس والافتاء تجنباً لمقت الله وسقوطهم من عينه». هنيئاً لمن لم يشهدوا الزور «والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراماً»، ولقد بين بعض المفسرين أن من معاني «الزور» المذكور في الآية في قوله تعالى: «لا يشهدون الزور» أي لا يشهدون أعياد الكفار ولا يحضرونها. هنيئاً لمن لم يتشبه بالكفار، فإن الاحتفال بأعيادهم ومشاركتهم فيها وفي ما هو من خصائصهم من التشبه بهم، ومن تشبه بقوم فهو منهم كما أخبر نبينا عليه الصلاة والسلام. هنيئاً لمن لزم بيته في ليلة رأس السنة وجلس مع أهله ولم يخرج حيث الحياء يُذبح في الطرقات وفي الصالات والأندية وفي الحدائق وفي الشوارع العامة وعلى الشواطئ.. هنيئاً لمن اجتنب ساحات المجاهرين والمجاهرات بالفساد والإفساد والمجاهرة بعصيان الخالق الرحمن، وقد ورد الوعيد الشديد للمجاهرين والمجاهرات بالسوء والفساد والعصيان، فقد قال النبي الكريم عليه الصلاة والسلام: «كل أمتي معافى إلا المجاهرين...» رواه البخاري ومسلم. هنيئاً لمن أعلن لأسرته وأبنائه وأخبرهم بقوله وفعله محافظته عليهم وشفقته وخوفه وحرصه عليهم، فبين لهم خطر هذه الاحتفالات وما يحصل في ليلة رأس السنة على العقيدة والأخلاق.. ويا له من راعٍ لم يغش رعيته. هنيئاً له من أمين أدى أمانته ولم يخنها.. فإن لهذه الليلة مخازي معلومة سارت بأخبارها الركبان إذ تعدُّ في ما سبق مرتعاً للخلاعة وساعات للدعارة، ولحظات لتوزيع الخمور، وأصبحت في تلك الساعات مراكز الشرطة تكتظ بالمقبوض عليهم والمراجعين بما جعلها تشبه عيادات الطوارئ «الحوادث» بالمستشفيات.. هنيئاً لمن حافظ على ماله وصرفه في واجباته وسخره في ما يرضي الله تعالى، ونأى به عن أن يشتري تذكرة حضور تلك الحفلات التي أعلن عنها في الشوارع.. فإنهم بمحافظتهم على مالهم من صرفه في حضور هذه الحفلات المشؤومة يوفقون بإذن الله وتوفيقه للإجابة عن سؤال: ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه!! هنيئاً لمن علم أين يضع ماله ونحن في بلاد ينتشر فيها الفقر بل غالبية أهلها من الفقراء والمعدمين، ويكثر فيها المرضى ولا يجدون علاجاً.. ويكثر فيها المشردون.. فكيف ينفق بعض أهلها ما أعطاهم الله من مال في حضور هذه الحفلات المحرمة التي بها أنواع من المنكرات، وبحضورها يجني الحاضرون الآثام والأوزار؟!! وهنيئاً لمن ينصحون إخوانهم ويخلصون لمجتمعهم وينشرون الفتاوى الشرعية ويحذرون من الموبقات والطرق الرديّة، بالحكمة والموعظة الحسنة والسبل السويّة، مقتدين بخير البرية وأزكى البشرية الحريص على أمته محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام. هنيئاً لكل خطيب جمعة ومعلم وداعية يهدي ويبيّن ويوضّح وجوب الحذر من مشابهة النصارى الذين كفروا بنبوة محمد عليه الصلاة والسلام وبكتابنا القرآن الكريم .. هنيئاً لكل من ترك الأهواء التي تخالف ما جاء عن الله وعن رسوله وليبشروا بسيرهم على طريق النجاة في العاجل والآجل.. (فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى «34» يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ مَا سَعَى «35» وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرَى «36» فَأَمَّا مَنْ طَغَى «37» وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا «38» فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى «39» وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى «40» فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى «41»). هنيئاً لوسائل الإعلام والمواقع التي تنشر السنة وتبين البدعة للبعد عنها.. هنيئاً لها وهي تنشر الفضيلة وتحذر من الرذيلة.. هنيئاً لها وهي تبين سبيل المؤمنين وتحذر من طرق الكافرين.. هنيئاً للموفقين.. وأفتتح مقالات التحذير من الاحتفال بليلة رأس السنة بهذا المقال.. وأملنا أن تكتمل المقاطعة من كل أفراد المجتمع .. والموفق من وفقه الله.