لا بد في البدء أن نرسل التهاني الصادقة للمؤتمر الشعبي بمناسبة نجاح مؤتمره العام الثاني لولاية الخرطوم والذي انعقد في الفترة من الجمعة 2/12 وحتى السبت 3/12/2012م بقاعة «الميري لاند» ببري، نجاحه من حيث: الحشد، والتنظيم، ومشاركة الأحزاب السياسية المعارضة منها والحاكمة، عدا المؤتمر الوطني... أي نجاح الشكل!! لكن هل احتشد أكثر من 2200م عضو... لتناول المرطبات والهتاف لحديث فاروق أبو عيسى وصديق يوسف وعلوية كبيدة وهالة عبد الحليم وساطع الحاج؟؟ وفاة الترابي.. حضور يقتله الفضول!! قبل انطلاق مؤتمر الحزب بساعات، برع مروجو الشائعات، في إطلاق شائعة وفاة الشيخ الترابي، وقد أثبتت التجربة إن مثل هذه الشائعات، تهدف لتحقيق أهداف آنية، وتشير الدلائل هنا إلى أن الهدف من هذه الشائعة قد تحقق من خلال العدد الكبير الذي حضر الجلسة الافتتاحية من غير المصعدين أو الذين قُدِّمت لهم رقاع الدعوة، وكان جله يقتله الفضول!! الجلسة الافتتاحية.. يسقط النظام!! وفي الجلسة الافتتاحية العامة تم اختيار د. محمد الأمين خليفة بالانتخاب - لرئاسة المؤتمر، وتأتي خطوة تعيين رئيس للمؤتمر من بين ثلاثة أعضاء ما يميزهم أنهم الأكبر سناً، ثم يتم اختيار أحدهم بالانتخاب.. وقد برع د. الأمين في توزيع الفرص على ممثلي الأحزاب، ولم يخرج حديثهم جميعهم عن القالب التقليدي، ألا وهو إسقاط النظام.. ثم إن أكثر ما لفت الانتباه، كان حديث علوية كبيدة القيادية بحزب المقبورة إلى حتفها الحركة الشعبية قطاع الشمال، والتي تحدثت عن ظلم الحكومة وقهرها للشعب باسم الدين، وقد استطاعت كبيدة أن تطرح قضية الحركة في منبر عام، وأجبرت كل الحضور بمن فيهم الترابي للتصفيق لها وهي تحيي عرمان والحلو وعقار.. ومن اللافت أيضاً مشاركة الصليب ممثلاً في كنيسة الشهيدين، حيث دعا ممثلها لتوحيد الحركة الإسلامية... دعوة لم يستطع أن يجاهر بها يوسف الكودة ممثل حزب الوسط الإسلامي والذي قال في حديثه إنه لم يأخذ من النظام عربة أو منزلاً، لذلك يطالب بإسقاطه.. الجلسة المغلقة.. الأجانب في الميدان: ثم ينخرط المؤتمرون في مناقشة المحاور الأساسية التي عُقد من أجلها المؤتمر، مثل شح الموارد المالية للحزب، وضعف العمل التربوي، وعدم تفاعل العضوية مع برامج الحزب بولاية الخرطوم، واعتراض البعض على تحالف الحزب مع اليسار ورفضهم لدور كمال عمر الضبابي الذي يلعبه باسم الحزب مع التحالف المعارض... وقد تمت مناقشة كل هذه القضايا في حضور موسى المك كور القيادي بالحزب والذي ينتمي لدولة أجنبية، حيث طُرحت أمامه إستراتيجية الحزب في المرحلة القادمة، سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، وتنظيمياً، وبنهاية الجلسة كان السيد كور يحمل من التفاصيل ما تنوء عن حمله الجبال، وبالرغم من ذلك سوف لن يؤثر كثيراً ما اطلع عليه كور من توصيات، فهي لم تخرج في حقيقة الأمر من كونها تكراراً لما ظل ينادي به الحزب بالتنسيق مع تحالف قوى الإجماع الوطني، والمتمثل في إسقاط النظام حتى وإن أدى ذلك للتحالف مع الشيطان!! الجلسة الختامية.. لدارفور كلمة: في اليوم الثاني والختامي للمؤتمر بدأت الجلسة الإجرائية لاختيار أمين جديد للولاية، وفي العادة تقوم هيئة الشورى بترشيح عدد ثلاثة أعضاء ليتم اختيار أحدهم بالاقتراع، حيث قدمت هيئة الشورى كل من: « آدم الطاهر حمدون، الناجي عبد الله، ونجوى عبد العزيز»، ثم تم ترشيح عدد آخر من داخل المؤتمر للمنافسة على الأمانة بعد انسحاب نجوى عبد الله، وقد انسحب كل الذين تم ترشيحهم من داخل المؤتمر عدا إبراهيم السنوسي الذي رفض سحب ترشيحه مؤكداً أنه الأحق بالأمانة، من ما يدلل على حبه الشديد للسلطة... وقد انحصرت المنافسة في ثلاثتهم لينال آدم الطاهر أعلى الأصوات، ثم يأتي من بعده الناجي عبد الله، لتكون المؤخرة من نصيب إبراهيم السنوسي محققاً «71» صوتاً، وقد رصد البعض تكتل الشباب والطلاب وانحيازهم الواضح للناجي عبد الله، وكانوا يؤملون كثيراً في توجيهه لأمانة الولاية نحو العمل الحيوي والمصادم، لكن تكتل أبناء دارفور والذين يمثلون الغالبية العظمى من عضوية الشعبي بولاية الخرطوم أدى لتقدم حمدون على منافسيه ليتوج أميناً عاماً للولاية.. ثم ماذا بعد هذا: وبختام فعاليات المؤتمر العام الثاني لولاية الخرطوم، وانتخاب آدم الطاهر حمدون أميناً عاماً للولاية... يكون الحزب قد انطلق نحو تكملة هياكله، تمهيداً لممارسة نشاطه السياسي دون حجر أو تكبيل أو تقييد من أحد، خلافاً لما كان يعتقد الحزب، وبما أن الممارسة السياسية الرشيدة تحتم خلاف ما كان سائداً خلال جلسات المؤتمر، فمن الصعب أن تتمكن القاعدة العريضة من عضوية الحزب من تحقيق الهدف الوحيد الذي خرج به المؤتمر وهو إسقاط النظام، بهياكل تكرس للقبلية والعنصرية، على حساب الكفاءة والخبرة.. تماماً كما حدث في التكتل القبلي الذي صاحب اختيار الأمين العام للولاية!!