عندما وطأت قدماي أرض دار المسنات بالسجانة تنازعتني مشاعر شتى ما بين الشفقة والألم والعاطفة.. إنهن نساء بلادي قادهن حظهن العاثر مع اختلاف ظروفهن إلى هذه الدار حيث وجدن بها كل الرعاية والاهتمام التي فقدنها.. في سانحة من الزمان وفي إطار الاحتفال باليوم العالمي لكبار السن كانت لنا جلسة مع مديرة دار المسنات ومشرفة داري الحماية والمستقبل الأستاذة عائشة محمد الحسن لتحدِّثنا عن نشأة الدار وتطوّرها والنزيلات وكيف يقضين يومهن فإلى مضابط حديثها: حاورتها: سحر محمد بشير ** بداية أستاذة حدِّثينا عن نشأة الدار وتطوّرها؟ أُنشئت هذه الدار في العام 1935م وكانت تسمى بالملجأ؛ ولأن هذا الاسم مستفز جدًا وتجسيدًا لقيم المجتمع السوداني تمّ تحويل الاسم إلى دار رعاية وتأهيل المسنين وكانت تضم الرجال والنساء معًا وفي العام 2003م تمّ فصل الرجال عن النساء، وتحوي الدار مكتبًا اجتماعيًا خاصًا بدراسة الحالة ولمّ الشمل والبرامج الترفيهية والروحية ودمج فئات المسنات بالمجتمع ككل. ** ما الشروط المنصوص عليها لتسجيل المسن بالدار؟ أن يكون سوداني الجنسية العمر أكثر من 60 عامًا غير مختل العقل لا يشكو من مرض مزمن معدٍ وأهم شرط ألا يكون لديه أقرباء من الدرجة القريبة. ** على ذكر صلة القربى هل ثمت أسر سودانية تأتي بمسنيها للدار؟ نحن لا نتعامل مع الأفراد مباشرة ولكن عبر شرطة أمن المجتمع وبعدها يتم تصنيف الحالة. ** بالتأكيد تواجِهكم الكثير من الصعوبات في التعامل مع المسنات الوافدات للدار؟ المعاناة الحقيقية التي تواجِهنا هي عدم المصداقية من المسنات في سرد ظروفهن التي قادتهن إلى هذا المصير. ** في مرحلة من مراحل العمر تكثُر الشكوى والتذمُّر من كبار السن حتى إن كانوا يعيشون في وسط أسرهم فكيف تتعاملون مع مثل هذه الحالات؟ لله عباد اختصهم بقضاء حوائج الناس.. بالفعل يكون هنالك الكثير من النقاشات والجدل والتذمُّر وسط النزيلات لكننا لا نتضجَّر ونعاملهم بالحسنى حتى إذا سألت إحداهن ووضعت لها خيارات بين البقاء في الدار وبين ذهابها إلى أقربائها لاختارت الأولى. ** حدِّثينا عن ملامح اليوم في الدار؟ مثل الأسر الممتدة يمر اليوم بسلام منذ الصباح الباكر يأتي عمال النظافة ليباشروا مهمتهم بعنابر النزيلات وبالنسبة للوجبات هنالك شركة متخصصة برعاية وزارة التنمية الاجتماعية.. وهنالك عاملات يقمن (بغيار الفراش وتجهيز الحمام للائي يعجزن عن ذلك).. وفي المناسبات مثل رمضان والعيد يتم الاستعداد كما في الأسر العادية من تجهيز الحلو مر وشراء الملايات وحتى «الحناء» نحرص على وضعها لهن. ** وماذا عن البرامج الترفيهية التي لا بد من توفرها لمن هم في هذا العمر المتقدِّم؟ نحرص أولاً على البرنامج الروحي وبالنسبة للترفيه يوجد تلفزيون بكل غرفة وبالغرفة نزيلتان يتفقن في بينهن على ما يرغبن في متابعته من برامج وبدورنا نقيم لهن عددًا من الحفلات الترفيهية بصورة دورية وهنالك (قعدة) قهوة أسبوعية بمثابة الاجتماع الأسري. ** للشيخوخة متاعبها وأسقامها هل من طبيب مختص بالدار أم كيف يتم التعامل مع الحالات المرضية؟ بالدار طبيب يأتي «مرتين» في الأسبوع كما يوجد معمل للتحاليل الطبية والحالات المستعصية يتم تحويلها إلى الجهات المختصة. ** أخيرًا هل من مشكلات مادية تواجِه الدار؟ بحمد الله كل الكماليات متوفرة ولكننا نحتاج لمنظفات وبكميات كبيرة بالإضافة إلى الأدوية وصرف الكهرباء.