سبق للقيادي بالحركة الشعبية مالك عقار أن هدد بأن الحرب هي البديل لاتفاق أديس الإطاري الذي تحفظ عليه الوطني، وقال إنها ستمتد من النيل الأزرق إلى دارفور فضلاً عن جنوب كردفان التي أشعلها نائبه عبد العزيز الحلو وها هي أخبار الأمس التي تناقلتها الصحف نقلاً عن ال «إس.إم. سي» تفيد بإنشاء تحالف عريض تم توقيعه بدولة الجنوب بين الحركة «قطاع الشمال» وكل من حركات تحرير السودان جناحي عبد الواحد نور التي مثلها أبو القاسم إمام، ومني أركو التي أناب عنها د. الريح محمود فضلاً عن العدل والمساواة التي وقّع عنها أحمد آدم بخيت، تحت مسمى «الجبهة الوطنية للمقاومة»، أما الخطوط العريضة للاتفاق فتمثلت في فصل الدين عن الدولة وتكوين دولة علمانية، أما الوسيط بحسب الخبر فهو الأمين العام للحركة ياسر عرمان، ويعزز من تلك الفرضية ما ورد في أخبار الإثنين عن الاتصال الذي أجراه رئيس العدل والمساواة خليل إبراهيم مع عرمان تناولا فيه مستقبل الجمهورية الثانية، واتهما الوطني بالتسبُّب فيها بما سمياه سياساته القهرية، كما أدانا الحرب في جنوب كردفان وطالبا بإجراء تحقيق دولي في الأحداث التي جرت فيها، وتأتي هذه الإدانة بالرغم من أن الحلو هو الذي بادر بإشعال فتيل الحرب في الولاية، رغمًا عن التفاهمات التي أجراها أحمد هارون بمدينة بورتسودان معه قبيل الانتخابات، واشترط الحلو في مطالبه إسقاط حكومة الخرطوم الأمر الذي قوبل باعتراض العديد من القيادات بالولاية فضلاً عن قيادات الحركة الشعبية نفسها، آخرها القيادي دانيال كودي الذي عقد مؤتمرًا صحفيًا أعلن فيه رفضه للحرب.. ولا يبدو تحالف خليل مع عرمان غريبًا لاسيما عقب دعوته لإدراج جنوب كردفان في مفاوضات الدوحة، الشيء الذي رفضته الوساطة، أما عقد التحالف في دولة الجنوب التي دعمت التحالف عبر رئيس أركان هيئة الجيش الشعبي جيمس هوث فربما يفسره أن قيادة الجيش الشعبي في ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان مازالت تحت قيادة رئيس حكومة الجنوب سلفا كير ميارديت، وتجيء أهداف هذا التحالف في سياق استمرار رؤية جون قرنق للسودان الجديد، بين قوى تصنف نفسها خفية الكتلة السوداء في مواجهة العرب، بينما التوجه المعلن هو تحالف الهامش وفقًا لأستاذ العلوم السياسية بجامعة الزعيم الأزهري د. إبراهيم ميرغني الذي ألقى باللائمة على الوطني الذي وضع شروطًا تعجيزية كي تمارس الحركة نشاطها السياسي كبقية الأحزاب الأخرى، ذلك أنه لاعقار ولا عرمان بمقدوره إثناء الحلو عن الحرب حتى تعود الأوضاع لصالح الوالي هارون، ومن جهته اعتبر الوطني الاتفاق محاولة للالتفاف على اتفاق الدوحة الأخير وإضعافه لدى المجتمع الدولي، ووصفه على لسان رئيس القطاع السياسي د. قطبي المهدي بأنه اتفاق حرب، وأنه أصدق دليل على الدعم المتواصل الذي ظلت تقدمه الحركة لحركات دارفور في المسار غير الصحيح، ومن ينظر لقوى التحالف يجد أن أطرافه من جهة حركات دارفور هي التي لم توقع على اتفاق الدوحة وأن بعضها طرحت شروطًا للانضمام إليه إلا أنها قوبلت بالرفض، من جانبها نفت العدل والمساواة على لسان القيادي أحمد تقد لسان إتمام التوقيع على التحالف، وأضاف للزميلة «الأحداث» أمس أن خليل أجرى مشاورات مع عرمان لترجمة التفاهم إلى مستويات عليا، تمهيدًا للخروج ببيان مشترك محل اتفاق، وأكد اعتراض حركته على إدراج علمانية الدولة في البيان لحساسية الأمر وصعوبة تمريره في المجتمع المحافظ في السودان, وأشار ميرغني لمغزى توقيت التحالف أنه يكمن في إعلان الحكومة أنهم موجودون ومتحدون.. على كلٍّ يجد المتابع لمتوالية الأحداث في البلاد منذ انفصال الجنوب واشتعال الحرب في جنوب كردفان والتداعي الدولي الكثيف بالإدانة للحكومة ومحاولات توسيع نطاق بعثة «اليونميد» يخلص إلى ذاك التحالف لا يخرج من إطار إحكام الخناق على الحكومة للانصياع لإملاءات المجتمع الدولي، وفي المقابل لا تزال الحكومة والمعارضة كل غارق في لجة الجدال والخصام دونما اكتراث للجائحة التي توشك أن تلم بالبلاد.