وكما أن للملوك والرؤوساء نكاتهم، فإن للأطفال عالم خاص للنكتة، حرص العرب منذ وقت مبكر على تربية الأطفال وتعليمهم أكثر الفنون الحيوية.. وقيل إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كتب إلى ساكني الأمصار: «أما بعد فعلموا أولادكم السباحة والفروسية ورووهم ما سار من المثل وحَسُن من الشعر». ورداً على ذلك تنطلق بين الفينة والأخرى صيحات تربوية تدعو إلى إعادة النظر في أساليب ومضامين الاتصال بالأطفال، بحيث تصير متوافقة مع طبيعة حياة الطفولة، لا أن تكون مربوطة إلى الخلف بألف رباط ورباط، بل إن تلك الصيحات التربوية تذهب إلى أكثر من ذلك حينما تدعو إلى البدء بتثقيف الأطفال قبل ولادتهم بعشرين سنة من خلال تثقيف آبائهم وأمهاتهم بالثقافة المناسبة. وكانت صيحة سيدنا عمر بن الخطاب أيضاً مبكرة يوم قال: «لا تعلموا أطفالكم عاداتكم، فإنهم مخلوقون لزمان غير زمانكم». نحن نتطلع اليوم إلى أن نجلس لأطفالنا في المنازل أو في المدارس، ونتناول بعضاً من ثقافاتهم.. من بينها هذه الكبسولة الفكاهية الصغيرة المنتشرة، «النكتة» التي يحبها الأطفال، ونحللها لنرى ماذا يستهويهم وفيم يضحكون. وكما أن الملوك الرؤساء والساسة يتندرون بها في مجالسهم ويجسون من خلالها نبض جماهيرهم ورأيهم فيها.. فإن للإطفال عالم آخر.. هم أيضاً ينكتون.. ويضحكون ويسخرون بل ويؤلفون النكات والشعر، وقد يتناولون نكات الكبار بمفهوهم الخاص.. وقد تكن النكتة في أفواههم أحلى بالرغم مما فيها، وتحتاج لتقويم، نحكيها كما هي فإن لم تضحك لها عزيزي الأب فإنك ستموت من الضحك حينما يضحك لها إبنك ملئ شدقيه. ومن عدة مدارس في الصفوف الثالث والرابع والرياض، ترى بهجتهم وفرحتهم أكثر إذا كانت الحصة «نككككتتة» كما يحلو لهم أن ينطقوها، وكنت سعيداً وهم يضحكون لنكات ضحكتُ أنا لضحكاتهم وسعادتهم بها. { التلميذ النيل جاد الله محمد أحمد مدرسة عمر الفاروق الثورة الحارة 59 وجدته مشغولاً «بدومة» مقشورة يستعد «لكدها».. قلت له أديني نكتة حلوة زي الدومة دي.. أجابني سريعاً وهو يضحك لنكاته وهو يحكيها: واحد ميكانيكي.. جابو ليهو سرير.. نام تحتو. واحد اشترى ليهو جدادة.. قعد يسقيها موية حارة.. قالوا ليهو ليه؟ قال: عشان البيضة تطلع مسلوقة. ثم دخلت بعد ذلك مدرسة المنصور الخاصة أساس بالحارة 73 الثورة، ومهَّد لي السيد المدير محمد علي عثمان مشكوراً جلسة عائلية طريفة من النكات مع فصلي ثالث ورابع «مختلط».. أحسست من خلالها مدى تجاوب التلاميذ واستيعابهم لبعض النكات فنالت النكات التي نحكيها لبعضهم الضحكات والفرحة.. أطولها نكتة للتلميذ عبدالله محمد علي وهي نكتة في شكل حكاية يبدو أنه أحكم سردها تقول: كان في أستاذ قال لتلميذ: أمشي يا ولد أحفظ أربع كلمات.. الولد مرق الشارع لقى ليهو واحد بكورك لي ولد بقول ليهو تعال «يا متخلف»، قام حفظ كلمة «متخلف».. بعد شوية كمان لقى ليهو واحد بتكلم في الموبايل بقول yes.. حفظ كلمة «yes».. مشى تاني لقى ليهو واحد بتكلم مع أخوهو بقول ليهو: أنا «سوبر مان».. حفظ الكلمة، وأخيراً لقى ليهو كمساري بقول لي راكب عايز يحصل الحافلة: «هيا بنا» حفظها. الولد رجع للأستاذ قام الأستاذ سألو قال ليهو: خلاص حفظت الكلمات؟.. رد عليهو التلميذ: «متخلف». الأستاذ استغرب قال ليهو: أنت عارف نفسك بتقول في شنو يا ولد؟ رد التلميذ yes الأستاذ زعل وقال للتلميذ: أنت قايل نفسك شنو يا ولد؟ التلميذ رده: «سوبر مان».. أخيراً الأستاذ قال للتلميذ: أنا حأوديك للمدير. ردّ عليهو التلميذ: «هيا بنا». التلميذة مآب أسامة الطيب كانت لها نكتة خفيفة وتمتاز نكات الأطفال غالباً بصغرها قالت: في نملة مشت الحمام دايره تشيل الليفة تستحم، دخلت جواها. أما التلميذ علي حسن علي فكانت نكتته رياضية.. قال: هيثم مصطفى دخل الحمام.. زلقتو صابونة قال للحكم: دي ما فاول يا حكم؟ أما التلميذة تنزيل حسب الرسول فيبدو أنها سمعت نكاتاً عن الشايقية فحفظت هذه النكتة التي أضحكت الفصل.. طبعاً نكات الشايقية وبعض الجنسيات الأخرى تحوم في أشرطة الكاست.. وننبه إلى ضرورة الاهتمام بأن تكون نكات الكاست لها رقابة لأنها واحدة من أدوات الاتصال المؤثرة في الأطفال تقول تنزيل في نكتتها. قالوا في واحد مشى ينتحر: لقاهو الشيطان قال ليهو: مالك داير تنتحر؟.. رد عليهو: لأنو الشوايقة ديل عاوزين يجننوني، الشيطان قال ليهو: .. مالنا عملنالك شنو؟ نكتة محمد أحمد التجاني تقول: سأل الأب إبنه: اسئلة الامتحانات جاتكم كيف يا ولد؟ رد عليه ابنه: ساهلة يا أبوي لكين الإجابة كانت صعبة. وننتقل بعد ذلك لتلميذ من مدرسة أخرى.. التلميذ يسار بابكر عباس الصف السادس مدرسة البشاقرة شرق أساس.. نكتته تقول: واحد قال لي أبوهو: يا أبوي أحذر الأبيضين ماهما: أجابه الأب: السكر والملح .. قال الإبن: لكنهم ثلاثة يا أبوي.. الأب سأله: وما الثالث؟ أجابه : شرطي المرور. يبدو أن التحذير وقع في جرح للأب إذا كان ما مرخص العربية، أو ما عندو رخصة. والنكتة قبل الأخيرة نلتقطها من «الروضة» والطفل المرح يوسف محمد الحسن روضة أحباب الله يقول: في شحات جا لي واحد ملاكم قال ليهو اعطينا مما أعطاك الله.. أداهو بنية. ونكتة تانية: في واحد اسمو حسنين.. جاء جاري شديد، صدم العمود.. كل حسن مشى براهو ونختتم بنكتة التمليذة نجود الكامل مدرسة أم درمان الإنجليزية تقول: الأستاذ قال للتلميذ: حتقضوا إجازتكم السنة دي وين يا ولد؟.. التلميذ قال ليهو: في تشيكوسلوفاكيا يا أستاذ.. الأستاذ قال ليهو: قوم أكتب في السبورة.. التلميذ رد عليهو: عفواً يا أستاذ. حنقضيها في مصر. وبعد فإن ثقافة الطفل ترتبط بثقافة المجتمع، وإن في النكات والقصص الفكاهية ما ترسم على شفاه الأطفال الابتسامة وتضحكهم ومن بين هذه وتلك ما تحمل مثلاً ومبادئ أخلاقية، تلك التي ننبه إلى الاهتمام بها ونشر ثقافاتها. وللمعلم دور في ذلك وخلق جو في الحصة مرح يساعد على كسر جمود المادة أحياناً.