شهدت صبيحة الأربعاء الماضي في قناة فضائية سودانية حفلاً ضخماً وبرعاية ضخمة من إحدى الشركات.. وبحضور مميز وكثيف ومتجاوب للشاعر السوداني «حميد» تكريماً له وتدشيناً لديوانه الذي شهدت غلافه وعليه بندقية.. استمعت إلى الشاعر يلقي ديوانه المشحون بالمعاني والرمزية المليء بالعبارات حمّالة الأوجه ذات الأبعاد السياسية.. وحقيقة أنا لم أشاهد حميد وإنما سمعت احتفاليات عديدة في الإذاعات والمنتديات بالعديد من أشعاره الموغلة في المحلية وذات الدلالات الشعبية العميقة... ولكن هذه الاحتفالية تختلف تماماً عن الاحتفاليات التي درجنا على أن نشهدها من خلال مشاركات أروقة، وزارة الثقافة وبعض مراكز الدراسات والمنتديات.. ولكن هذه الاحتفالية بهذا الديوان في رأيي تختلف كثيراً عن كل الاحتفاليات والمناسبات والقصيدة تحمل في طياتها بيانات سياسية وإشارات ورموز وإيحاءات سياسية.. لا أقول أن ذلك حرام أو لا ينبغي أن يكون إذا كنا في ظروف عادية.. نحن نواجه مخاطر حربية خطيرة تهدد أمننا وسيادتنا ونواجه تحالفاً شيطانياً بين ألد أعدائنا وبعض فئات الشعب السوداني لا يصب لصالح الشعب السوداني الذي يعرف جيداً صليحه من عدوه كما جاء في قصيدة المرحوم المبدع إسماعيل حسن « ضيعوك.. ودروك.. إنت ما بتعرف صليحك من عدوك».. القصيدة تطالب بإلقاء السلاح لمن... ما المطلوب من إلقاء السلاح.. ولماذا في هذا الوقت الذي تستهدف فيه قوى الشر قواتنا المسلحة التي ظلت تمسك على الزناد كتفاً سلاح طيلة نصف قرن من الزمان لماذا ارضاً سلاح في وقت كان الواجب أن يتغنى شعراؤنا بسلام سلاح.. لماذا أرضاً سلاح في ذكرى احتفالات الدفاع الشعبي ربيع الأمة وصمام الأمان ومركز القوة لجماهير شعبنا.. في تقديري أن القصيدة أو الديوان أو الملحمة صدرت في الوقت غير المناسب بالنسبة لنا.. وربما يكون الوقت مناسباً لآخرين على سبيل تحقيق أجندتهم.. ولكن التوقيت غير ملائم إن كان الهدف من الاحتفالية تشجيع الشعب على الصمود في وجه العدوان الصريح في جبال النوبة والنيل الأزرق.. وتدخلات إسرائيلية وامريكا ودعم لوجستي يقدَّم لحكومة الجنوب والحركات المسلحة وبعض فصائل المعارضة السياسية السودانية المتحالفة مع الحركة الشعبية.. نحن لسنا دعاة حروب دائماً صناع سلام وطلابه.. ولكننا لا نقول أرضاً سلاح وأرمي قدام ورا مؤمن.. ونقول ما ينوم.. ولا مجال ل«ارضاً سلاح» في ظل كل هذا الاستهداف وكل ذلك التربص وكل تلك المطامع والطامعين الذين يتحلقون حولنا.. نعم نحن دعاة سلام وصدق وجدية.. حققنا السلام ونفذنا بنوده بكل الصدق وحسن النوايا والجدية..أما إذا كان هناك خونة ومندسون وعملاء يريدون سرقة دماء شهداء السلام الذين افتدوا أمننا واستقرارنا بدمائهم ومهجهم وأرواحهم فإن الواجب يفرض علينا ألا نخون العهد.. ولا نسفه تلك التضحيات لأجلنا ولأجل الوطن ولذا فالواجب يفرض علينا أن نقول كتفاً سلاح بملء الفم ونضع أصابعنا على الزناد حراسة لأرضنا وعرضنا وعقيدتنا.. ولا مجال في ذلك لأي دعوات تخذيلية أو تراجعية.