يوم الجمعة الماضية نشرت قصيدة في مدح المصطفى صلى الله عليه وسلم كما وجدتها في النت منسوبة للشاعر نزار قباني. وبعد النشر جاءتني رسالة من قارئ كريم هو السيد محمد أبوريدة أرفق معها ما ذكره شاعر سعودي عن تلك القصيدة.. تقول الرسالة: الأخ الدكتور / محمد عبدالله الريح تحياتي. القصيدة التي نشرتها اليوم بعمودك ب«الإنتباهة» منسوبة للشاعر نزار قباني والتي مطلعها: عز الورود.. وطال فيك أوام... وأرقت وحدي.. والأنام نيام كثيرون ينسبونها للشاعر نزار قباني بل إنها موجودة على موقعه و لكن الشاعر السعودي المعروف يحيى توفيق حسن ظهر ليقول للجميع إن هذه القصيدة قصيدته، وإنها موجودة في دواوينه منذ 13 سنة، كما أنها نُشرت مرات في أكثر من صحيفة سعودية دون أن يلتفت إليها أحد. انظر الخطاب أدناه: سعادة الأخ الأستاذ خالد المالك حفظه الله تحية محبة وتقدير.. لفت نظري بعض الإخوة إلى أن قصيدة في مدح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد نُشرت في «الجزيرة» منسوبة إلى نزار قباني، وقد حصل نفس الخطأ من جريدة «البلاد» ومجلة «المنهل» بالرغم من أن القصيدة موجودة على موقعي في الإنترنت http:www.yth.com وقد تطوع بعض المحبين لمعرفة سبب هذا اللبس فوجدوا أن القصيدة موجودة في موقع نزار.. على الإنترنت. ولما كانت القصيدة قد طُبعت ضمن قصائد أخرى منذ خمسة عشر عاماً وصدرت في كتاب يحمل مسمى القصيدة، أرفق لكم نسخة من الكتاب. قام هؤلاء الإخوة بالاتصال بمسؤول الموقع وأخبروه بالخطأ وبعنوان الكتاب والقصيدة.. وقد قام مدير الموقع بالاعتذار في نصف صفحة على موقع نزار ونوهوا بأن القصيدة ليحيى توفيق وليست لنزار قباني. المضحك أن أحد المشايخ - عفا الله عنه - علَّق، وهو يتصور أن القصيدة لنزار، إنها أوبة وتوبة ولعل الله أن يغفر له بها «بالقصيدة» وحتى بعدما نشرت «البلاد» ونشرت «المنهل» التصحيح وأن القصيدة ليحيى توفيق.. لم يعلق الشيخ بشيء. لا علينا.. عشمي أن تتلطفوا بعد إذ رأيتم الحقيقة وبعد أن اعتذر مدير موقع نزار وسحب القصيدة من موقعه أن تقوموا بنشرها والتنويه بأنها لي وليست لنزار. خالص محبتي وتقديري. يحيى توفيق حسين تعليق: يحدث في كثير من الأحيان أن يختلط على الناس نسب بعض النصوص الشعرية وخاصة إذا كان شاعر القصيدة ومن نسبت إليه قد توفيا. ويُجري النقاد مقارنات عديدة ليرجحوا لمن يكون النص الشعري.. وأوضح الأمثلة البيتان في قصيدة الشاعر الجاهلي عنترة بن شداد العبسي في معلقته التي مطلعها: هل غادر الشعراء من متردم أم هل عرفت الدار بعد توهم يا دار عبلة بالجواء تكلمي عمي صباحاً دار عبلة واسلمي فيها بيتان أشار بعض النقاد إنهما من وضع محدثين أدخلوهما في القصيدة لأنها لا تشابه تلك اللغة الوعرة التي امتاز بها شعر عنترة والبيتان هما: ولقد ذكرتك والرماح نواهل مني وبيض الهند تقطر من دمي فوددت تقبيل السيوف لأنها لمعت كبارق ثغرك المتبسم وقد رددها الفنان اللبناني وديع الصافي كشطرة منفصلة مع الموشح الأندلسي لأبي عبد الله الخطيب : جادك الغيث إذا الغيث همى يا زمان الوصل بالأندلس. وكذلك رددتها الفنانة فيروز. وفي السودان نجد أن من أشهر القصائد التي اختلف الناس في نسبها قصيدة: «وجه القمر سافر يضوي شعاعه نور وافر يا بدر سائلك جاوب ليه أخوك نافر». بعضهم نسبها للشاعر أبو صلاح وبعضهم نسبها للشاعر مسعد حنفي. وقد جاءتني مكتوبة بخط الشاعر أبوصلاح مع قصائده التي حملها لي ابنه عبدالمنعم فقمت بكتابة مقدمة للديوان. الخلط هذا أصبح من السهل حسمه هذه الأيام بتطبيقات المدرسة الأسلوبية في النقد STYLISTICS التي تستخدم أحياناً معادلات وبرامج حاسوبية أشهرها الروتين المعروف ب: DISCRIMINANT FUNCTION ANALYSIS تحليل دالة ديسكريمنانت. ففي حالة قصيدة «وجه القمر» تُدخل بعض قصائد الشاعر أبوصلاح ثم بعض قصائد الشاعر مسعد حنفي في البرنامج وتُدخل قصيدة «وجه القمر» كهوية مجهولة Unknown Entity ومن خصائص ذلك البرنامج الإحصائي أنه يقوم بتعميق الاختلافات بين خصائص الأسلوب عند كل شاعر ثم يحدد نسب تلك القصيدة إلى أيهما.. تماماً مثل اختبارات الحمض النووي. وفي القصيدة المنسوبة إلى نزار قباني فيمكن إدخال قصائد الشاعر نزار قباني وقصائد الشاعر يحيى توفيق ويمكن بسهولة حسم هوية القصيدة موضع الجدل.. ولكن بما أن الشاعر يحيى توفيق قد قدم ما يثبت أن القصيدة من نظمه فلا يسعنا إلا أن نأخذ بما قاله. ولكم شكري.