البطالة وعدم تحقيق الرضا الوظيفي آفتان ظلتا تضربان دولاب العمل بمؤسسات القطاعين العام والخاص بجانب تأثيرهما السالب على المجتمعات، ولكن الفساد الإداري والمحسوبية التي تدار بها بعض المؤسسات قد ألقت بظلالها السالبة على مستقبل سوق العمل الأمر الذي هزم المعنى والهدف مما أخل بموازين العمل في السوق الحكومي منه والأهلي على حدٍ سواء، وفي سابقة خطيرة بولاية القضارف بات الفساد مشرعاً في أحد القطاعات الخاصة، وتعود تفاصيل القضية إلى إعلان لجنة الاختيار للخدمة المدنية العامة للتقديم لوظائف مصرف الادخار والتنمية الإجتماعية في الصباغ بمحلية البطانة لعدد من التخصصات لحملة درجة الإجازة العلمية البكالريوس إضافة لحملة الشهادة السودانية والدبلوم الوسيط في ذات التخصصات بتاريخ السابع عشر من يونيو من العام الجاري 2011م ليأتي رد لجنة الاختيار بالموافقة بتاريخ الرابع عشر من يوليو من نفس العام وفقًا لخطاب لجنة الاختيار القومية الصادر بتاريخ الثامن والعشرين من أغسطس 2011م رداً على خطاب مدير مصرف الادخار والتنمية الاجتماعية الخاص بملء الوظائف المذكورة في مدخل الخدمة لتأتي الموافقة من الخدمة العامة بالمركز لتكملة الإجراءات وإعلان المعاينات وفق الأسس والضوابط وإرسال النتيجة النهائية للجنة الاختيار القومية، حيث بلغ عدد المتقدمين «319» أخضعوا لامتحان قدرات تحريري بجامعة القضارف وتم اختيار الخمسة الأوائل من كل تخصص لتجري المعاينات في 20 رمضان الموافق 20/8/2011 عبر لجنة الاختيار بالولاية بحضور مدير مصرف الادخار فرع الصباغ ضمن أعضاء اللجنة ونائب مدير فرع القضارف كمراقب، ليخاطب رئيس لجنة الاختيار للخدمة العامة بولاية القضارف عبدالصمد أحمد حميدان في الخامس والعشرين من أغسطس من العام الجاري بالنمرة وق/ل إخ /ت / للجنة الاختيار القومية، بنتيجة المعاينات التي تمت وفق الأسس والضوابط الواردة بقانون الخدمة المدنية لولاية القضارف لسنة2006م لتكملة الإجراءات مع مصرف الادخار والتنمية الاجتماعية لعدد من المتقدمين الذين اجتازوا المعاينات، ولكن واقع الأمر أن مصرف الادخار رفض تكملة إجراءات التعيين دون إبداء أي سبب ليتدخل معتمد محلية الصباغ ومدير فرع البنك بالصباغ بحسب إفادات الذين اجتازوا المعاينة ولم يتم تعيينهم بأن المعتمد وإدارة البنك اختاروا «4» أفراد كموظفين للمصرف المذكور دون الرجوع للجنة الاختيار بالقضارف و دون وضع أي اعتبار لنتيجة المعاينة المذكورة، لتكتمل إجراءات تعيينهم بالخرطوم ويخضعوا لدورة تدريبية في المصرف بالقضارف علماً بأنهم لم يجتازوا حتى امتحانات القدرات التي أُجريت بجامعة القضارف ناهيك عن المعاينات ليتصدى مجلس الولاية التشريعي للمشكلة بمسألة مستعجلة لوزير المالية والاقتصاد والقوى العاملة بالولاية في إطار مسؤوليات المجلس الرقابية والعمل على وضع الأمور في نصابها حتى لا تكون سابقة خطيرة وثقافة تجتاح الخدمة العامة ليؤكد المجلس أنه عين ساهرة على حقوق المواطن، ليأتي رد وزير المالية والاقتصاد والقوى العاملة معتصم هارون موسى أكثر صرامة وصراحة برفضه الواضح لمخرجات العملية برمتها، وقال في لهجة قاطعة إن حكومة الولاية لا تتحمل مطلقاً أي فواتير سياسية أو أخلاقية ناتجة عن الظلم الذي وقع على هذه الفئة بالنكوص عن المعايير التي تؤمن بها حكومة الولاية في التعيين والاستيعاب بالقطاعين العام والخاص والتي على ضوئها تم تشكيل لجنة الاختيار للخدمة العامة بالولاية وإعادة هيكلتها وإبعادها عن المحاصصة الحزبية التي كانت تعمل بها في السابق مما أخل بموازين العدالة في التعيين، ونحسب الآن أن لجنة الاختيار للخدمة العامة في أعقاب الإصلاحات التي أجريت عليها وفي هذه القضية مثار الجدل قد أدت دورها كاملاً بما يتفق مع القانون وكفالته لأبنائنا المتقدمين لوظائف بنك الادخار فرع الصباغ بمحلية البطانة وقال إن المسرحية التي طُبخت مرفوضة جملة وتفصيلاً وإذا كانت الدولة حريصة على تحقيق العدالة وإرساء القيم التي تواثقنا عليها فينبغي احترام نتيجة لجنة الاختيار الولائية واعتمادها من اللجنة المركزية واستيعاب الذين اجتازوا المعاينات وفق المعايير المتبعة.. وتابع هارون أن حكومة الولاية تعلن عزمها على متابعة مسار هذه القضية إحقاقاً للحق، وقال إن وزارته وفقاً لمسؤولياتها الأخلاقية والمهنية وقسم الولاء والتكليف لن تألو جهداً في محاسبة كل من اخترق هذه المعايير لأن الخدمة المدنية ليست حكراً على أحد إنما هي عملية تخضع للوائح والقوانين المنظمة لها ولا تخضع لأمزجة الأشخاص، متهماً بعض الجهات لم يسمها وتدخلها لفرض سياسة الأمر الواقع بهضم حقوق الغير وإعطائها لمن لا يستحقها كاشفاً في الوقت نفسه عن وضع آلية للمتابعة المشتركة بين الوزارة ومجلس الولاية التشريعي وإرجاء حقوق من وقع عليهم الاختيار من لجنة الاختيار للخدمة العامة بالولاية لينالوا حقوقهم كاملة غير منقوصة، وستكون هذه سابقة إذا سكتنا عنها وعلى المجلس التشريعي تكوين لجنة لإجراء التحقيقات اللازمة ومعرفة ملابسات الأمر.. إن مثل هذه النوعية من القضايا يتطلب الشجاعة والوضوح مثل الذي تحلى به مجلس الولاية التشريعي و وزير المالية مما يبشر بإصلاح دولاب الخدمة المدنية لتصبح العملية وفقاً للكفاءة العملية والمهنية وإبعاد أرباب الوساطات والمجاملات التي قصمت ظهر الوطن.