كثير من القضايا التي تتعلق بحياة الناس تبدو فيها الهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس قد تناست مهمتها التي أُنشئت لها في وضع المواصفات التي تحفظ للناس حياتهم ومراقبتها لما يحدث فيها من تجاوزات سلبت الكثيرين حياتهم، ويتبادر للذهن أن الهيئة تضع المواصفة دون أن تهتم بالمراقبة، وهذا ماحدث بالضبط في بديل لبن الأم الذي تداولت الصحف أنباء مخالفته للمواصفات والمقاييس المعمول بها مما جعل الحابل يختلط بالنابل ودعا ذلك لدخول شركات للعمل في هذا المجال دون علم الهيئة وهي واقفة تتفرج ولا تحرك ساكنًا وكأن الأمر لايعنيها. تحقيق: أم بلة النور ضوابط استيراد الألبان هناك قانون يبيح استيراد الألبان البديلة على أن تلتزم الشركة المصنعة بإبرازالمستندات التي تتضمن إمكانية التصنيع بطريقة سليمة وآمنة كما يجب أن تحتوي المعلومات المرفقة على البيانات الخاصة بالمكوِّنات وكميتها بالإضافة لطريقة التصنيع التي يجب أن تطابق المواصفات المطلوبة عالميًا ومحليًا مع إبراز شهادة موثقة تفيد بالتصنيع الحديث كذلك يجب إبراز شهادة تفيد بأن ذلك الحليب مستخدم في الدولة التي يتم فيها التصنيع. المواصفة المطلوبة ورد في المواصفة القياسية السودانية لبديل لبن الأم رقم م. س. د. ق. 3800 للعام 2007 يجب أن يكون أبيض اللون أو مائلاً إلى الاصفرار «كريمي» ومتجانسًا وخاليًا من الأجزاء البنية أو المحروقة وإذا كان مجففًا يجب أن يكون في شكل مسحوق ناعم سريع الذوبان خالٍ من الكتل والأجزاء الخشنة غير المتجانسة كما يجب أن يكون ذا نكهة طازجة ومذاق حلو وخال من الروائح الغريبة، فإذا كان غير ذلك فعلى الأمهات عدم استخدامه، وصحيًا يُشترط تكون جميع مكوِّنات المنتج نظيفة وذات نوعية جيدة وسليمة وملائمة لغذاء الرضع ولها صفات حسية مميزة كما يجب أن يكون المنتج خاليًا من أي مواد أخرى سامة ويكون خاليًا من الأحياء الدقيقة الممرضة والسامة وعلى الأمهات الاطلاع على بطاقة البيان التي تحتوي على «اسم المنتج ومصدر البروتين واسم وعنوان المنتج والعلامة التجارية» التي تدوَّن بالعربية والإنجليزية كما يجوز ذكر اسم المستورد والموزع إضافة إلى المكوِّنات الداخلية في التركيب والوزن الصافي وبلد المنشأ وتاريخ الصلاحية وعلى الأمهات عدم التعامل مع أي منتج لا يحمل هذه المعلومات أو غير مسجل باسم شركة محددة. مخالفة للمواصفات يقول البرفيسور جعفر بن عوف الخبير في صحة الطفل إن هناك قصورًا واضحًا في مكونات تلك الألبان مما يسبِّب إشكالاً فى تغذية الطفل بالطريقة المطلوبة ويسبب مضاعفات ضارة للطفل وكان من بين الأسباب عدم توضيح المكوِّنات بشكل دقيق وأيضاً عناصر التغذية وكميات هذه المواد كانت غير مطابقة للبن الأم... وقد أدى ذلك إلى مشكلات تغذية بين الأطفال الرضع، وأضاف البروف في ورقته التي قدمها في ورشة العمل الدورية لجمعية حماية المستهلك أن الألبان غير المطابقة للمواصفات تسبب العديد من الأمراض منها الحساسيات المختلفة التي تصيب الامعاء الدقيقة لدى الطفل الوليد وتمتص البروتينات غير المهضومة نتيجة لنقص بعض الإنزيمات في الإمعاء الدقيقه في الشهور الأولى من عمر الطفل لذلك يصبح الطفل عرضة لآلام البطن ولأنواع عديدة من أمراض وحساسيات الجلد والجسم وأيضًا نقص في بعض الفيتمينات، وقال إن الطفل الذي يتغذى من بدائل لبن الأم أكثر عرضة للإصابات المرضية كالإسهلات ولآلام البطن والتهابات الصدر وغيرها من الأمراض التي ترتفع معها معدلات الوفيات بين الأطفال وهناك أمراض خطيرة تصيب الأمعاء الدقيقة وتدعو في معظم الأحيان إلى التدخل الجراحي للطفل الرضيع جراء تناول هذه الألبان. توقيف تعسفي كانت هناك لجنة متخصصة تضم الاستشاريين في علاج وصحة الطفل واختصاصيي تغذية واختصاصيي معامل وأعضاء من علماء المجلس القومي للبحوث وآخرين من أقسام التغذية تقوم بعدة مهام ومن أهمها مراجعة مكوِّنات اللبن والمتابعة بفحص عينات عشوائية للتاكد من الالتزام بجودة الألبان بواسطة لجنة مستقلة وحسب عضو رفيع باللجنة تحدث ل «زووم» فقد تم توقيفها تعسفيًا ودون سابق إنذار عام 2004علمًا بأنها كانت طوعية. ألبان مهربة بينما قال البروفيسور حسين أبو عيسى رئيس اللجنة الفنية للألبان ومنتجاتها بالهيئة القومية للمواصفات والمقاييس في حديث ل «زووم» إن هناك شركات غير مسجلة لدى المسجل التجاري لذلك لم يتم التوصل إليها وألبانها تأتي بالتهريب وليس عن طريق المواصفات والجمارك ولا عن طريق أي جهة حكومية ولا تطابق هذه الألبان المواصفات، أما عن اللجنة التي تم توقيفها فيقول بروف حسين إنها كانت لجنة إدارية من وزارة الصحة وأضاف: «لا أعلم حيثيات توقيفها لأن هناك لجنة فنية للألبان ومنتجاتها بالهيئة القومية للمواصفات والمقاييس تقوم بالتفتيش في كل منتج تشك في صلاحياته وتُخضعه للفحص عن طريق معاملها الخاصة بها ومن ثم إصدار القرار، ونحن نطالب بتضافر الجهود مع أجهزة الأمن ولجنة شؤون المستهلكين بوزارة الصحة والصحة العمومية للمحليات لأن المهام أصبحت موزعة لذلك حدث الخلل الموجود الآن فيما يخص بديل لبن الأم. من المحررة يبدو أن هيئة المواصفات والمقاييس تهتم فقط بمواصفات مبانيها وموظفيها لاسيما أنه في الآونة الأخيرة ظهرت العديد من المشكلات التي تتعلق بالمواصفات منها على سيبل المثال لا الحصر الأجهزة الطبية المغشوشة بنهر النيل مرورًا بأجهزة الأشعة بمستشفى الذرة التي تأتي وهي متعطلة وصولاً إلى بديل لبن الأم وربما ما خفي أعظم والمدهش أنني اكتشفت أثناء البحث عن معلومات هذا التحقيق أن مدير العلاقات العامة للمواصفات والمقاييس هو نفسه مدير العلاقات العامة لديوان الضرائب، والسؤال الذي يطرح نفسه هل يتقاضى المدير بالهيئتين راتبين أم راتبًا واحدًا؟ وهل عدلت الماده التي تنص على عدم مزوالة وظيفتين حكومتين؟! وأخيرًا نناشد كل الجهات الرقابية المختصة وضع حد لهذه المهزلة التي يروح ضحيتها في النهاية المواطن المغلوب على أمره.