ليس أحد من اهل السودان.. إلاّ ان يكون عميلاً أو طابوراً خامساً - لا يقدر الدور البطولي النادر الذي تقوم به قوات شعبنا المسلحة الرائد الذي لا يكذب شعبه والمجاهدون من قوات دفاعنا الشعبي والأجهزة المساعدة الأخرى.. لقد ظلت هذه القوات المجيدة تحارب وتقاتل الأعداء في جبهات شتى دون كلل أو ملل أو امتعاض.. وفي سبيل هذه المبادئ الجهادية المقدسة والمشروعة شرعاً وعرفاً واجماعاً عند أهل البصر والبصيرة قدمت هذه القوات الأغلى والنادر والنفيس وضربت المثل الأعلى - ولله المثل الأعلى - في التضحية والثبات والصبر والجلد والعزيمة الماضية فقهرت العدو وذبّت عن حياض الأمة، وسدت الثغور، وأقرت العين وسندت الظهر وصانت العرض واغاظت قوماً أسافل.. فكم جلبت عزاً، وكم شفت غليلاً، وكم رفعت ضيماً وظلماً، وكم حققت عزة وجلالاً بعد ذُل وصَغار. إن واجب أهل السودان اليوم جميعًا على اختلاف مشاربهم وأفكارهم أن يدينوا لهذه القوات بالتقدير والاحترام والمساندة المطلقة أيا كان نوعها ومحلها وحق لنا أن نقابل تحيتها بأحسن منها وحق لنا أن نفرح لفرحها وننثر على ميادينها وسوحها أكاليل الزهر وشقائق النعمان وان نحفظ لها هذا الجميل الذي قادها الى الكرامة والشموخ. ان يجود المرء بوقته وماله وفكره في سبيل مبدأ آمن به فذاك شيء عظيم.. ولكن الأعظم منه أن يجود المرء بروحه ودمه ومهجته، وهذا ما فعلته قواتنا المسلحة وروافدها الأفذاذ فكم شهيد منها مضى في طريق جهادها الطويل.. نحسبهم كذلك وكم جريح منها ومعاق قعدت به الجراح والإعاقة بعد تضحية وتجرد وثبات. لقد ظن كثير من المنهزمين والعملاء والذين أخلدوا الى الأرض ان بشريات النصر غدت ضربًَا من الوهم والأماني خاصة بعد هجوم مشروع السودان الجديد وتوالد وتكاثر الحركات والجماعات المتمردة هنا وهناك وتدفق المنظمات الأجنبية الإنسانية والطوعية ظاهراً وجواسيس وعيون استخبارات ومجرمين في سرقة موارد الشعوب وطلائع احتلال جديد باطناً حتى الوصول إلى الهدف.. ولكن لا يحيق المكر السيئ إلاّ بأهله .. إزاء ذلك صبرت قواتنا وجالدت مع ضيق ذات اليد وقلة الزاد.. سهرت وغدت وأمست وبطونها بطان.. فما تراجعت.. وما وهنت.. وما استكانت.. بل احتسبت ورابطت وصابرت حتى كتب النصر وانقشعت سحب الهوان.. إن نيفاشا التي ظلمت قوات شعبنا وقصمت ظهرها.. وقيدت سيرها.. ورهنت قرارها.. وطمست مشاعل تاريخها المرصع بالعز والفخار ما عادت اليوم تفعل ذلك ولن تفعل بعد اليوم.. وإن القرار السياسي الخاطئ الذي كبّل انطلاقة قواتنا نحو مشروعها الوطني المبارك ما عاد اليوم كذلك ولذا انطلقت هذه الطاقات وتلك التضحيات فها هي النيل الأزرق في قبضتها وحراستها حرّرتها حمرة عين.. وها هم أهالي جنوب كردفان يهتفون باسمهم ليلاً ونهاراً بعد أن خلّصتهم.. بعون الله من شر الحركة الشعبية، أسوأ حركة عنصرية في التاريخ.. وها هي بالأمس القريب تضع حداً لتمرد حركة العدل والمساواة التي أهانت أهلنا في دارفور ويتّمت أطفالهم ورمّلت نساءهم ثم نهبت أموالهم وممتلكاتهم ثم رمت بهم في معسكرات يعز على الحيوان أن يعيش فيها دع عنك الإنسان الذي كرمه الله وأحسن إليه فأي عدل وأي مساواة تلك التي ظل يتحدث عنها د. خليل ابراهيم الذي غير وبدل ومات على غير ما آمن به يوم أن كان مجاهداً فذاً وأسداً زائراً في أحراش الجنوب في حربنا المقدسة مع مشروع السودان الجديد حفيد المغول والتتار القدامى ولذا رعته أمريكا ودعمه الغرب. إن خروج الناس في مسيرات تعظيم لدور قواتنا المسلحة شيء لا بأس به ولكن هو أمر دون الطموح ولا يروي غلة الصادي.. إن مقابلة هذا الإحسان بإحسان آخر هو السند المادي والمعنوي المباشر لهذه القوات بالدعاء والمساندة.. وتحسين أوضاع هذه القوات مادياً وبقرارات رئاسية واضحة وعاجلة والاتجاه نحو تدريبها وتأهيلها ورفع قدراتها ليس بصورة انتقائية وصفوية ولكن بصورة جمعية وعمومية والرعاية الأكيدة لقدامى محاربيها دعماً وسنداً وتوقيرًا بعيداً عن التناسى والهتاف اللحظي الذي لا يلبث أن يتوارى في أرض الواقع. ومن شكر جند الوطن تعظيم ثقافته جهادهم وعطائهم في المناهج الدراسية والتعليمية ليقف الناشئة على رموز هذه المدرسة المعطاء.. وهذا النهر المتدفق بالحيوية والبطولة والعظمة. اذًا ليس المسيرة وحدها تكفي ولا جمل الإشادة في الكتابة والتعبير تكفي.. ولكن الذي يكفي هذه الأُسد الضارية أن يقارب ذلك تحريرها من قيود الساسة الجالسين في مكاتبهم الباردة وتطهير صفوفها من الطابور الخامس والمتخاذلين المندسين فيها.. وإسناد أمرها إلى بنيها الحقيقيين الذين يعرفون عنها كل شاردة وواردة وتطوير اسلحتها وأدواتها ورعاية نوابها وأفذاذها.. إن فعلنا ذلك عسانا نكون قدمنا إليها شيئاً يسيراً.. دمت يا قواتنا المسلحة مسلحة بالعلم واليقظة والتماسك والإيمان الراسخ بنصر الله المؤيد قبل السلاح والعدد وتحية لكل جندي فيها بار جاهد لأجل السودان.