وفي مدينة جوبا عاصمة دولة الحركة الشعبية لتحرير السودان التي تشنُّ الحرب على الشمال لتحريره منا نحن أبناء الشمال بواسطة جيشها الشعبي والحركات المسلحة المنضوية تحت لواء ما يسمَّى بالجبهة الثورية السودانية التي تتّخذ من جوبا مُنطلَقاً لتحرُّكها وهجومها على السودان... أقول في جوبا هذه أعلنت حكومتُها حظر التجوُّل من الساعة الثامنة مساءً حتى الساعة السادسة صباحاً خوفاً من اندلاع الصراع والاشتباكات بين جنود الجيش الشعبي المنتمين إلى قبيلتي اللاونوير والمورلي!! الاشتباكات بين القبيلتين اجتاحت ولاية جونقلي وأسقطت مقاطعة البيبور وأدّت إلى جرفها بالكامل وتدمير رئاسة المحافظة ومات جراءها أكثر من ألف وجُرح أكثر من ذلك العدد. كل محاولات حكومة الجنوب لوقف القتال باءت بالفشل واضطرّ رياك مشار نائب رئيس الحكومة إلى مغادرة المنطقة بعد أن فشل في احتواء الصراع وطلبت حكومة الجنوب تدخُّل قوات الأممالمتحدة لوقف القتال الذي تطوّر إلى حرب أهلية بكل ما تحمل الكلمة من معنى!! ما حدث ويحدث بين المورلي واللاونوير تكرر بين مختلف قبائل الجنوب الذي اختلط فيه الحابل بالنابل فقد أعربت الأممالمتحدة عن خشيتها من وقوع مأساة كبيرة في جنوب السودان وقامت حسب منسِّقة الأممالمتحدة للشؤون الإنسانية في جنوب السودان ليز غراندي بنشر كتيبة في البيبور حيث تتركز قبيلة المورلي التي تتعرض للإبادة الجماعية من اللاونوير!! من المعلوم أن الرئيس سلفا كير كان قد اتّهم قبيلة المورلي خلال محاضرة في واشنطن قبل سنوات.. اتهمها بخطف أطفال قبيلة الدينكا التي ينتمي إليها سلفا كير لأن المورلي حسب قول كير يعانون من ضعف الخصوبة مما يضطرهم إلى تلك الممارسة فتخيلوا بربِّكم رئيساً يقول في شعبه هذا الكلام انحيازًا لقبيلته!! هذه قرائي الكرام هي الأحوال في جنوب السودان الذي تشنُّ حكومتُه الحرب علينا!! أزيدُكم كيلَ بعير.. فقد كان المانشيت الأحمر الكبير لصحيفة الرأي العام الصادرة بتاريخ 31 ديسمبر الماضي أي قبل ثلاثة أيام كالتالي: «مواجهات مسلحة بين أنصار أطور والحركة بالخرطوم»!! أرجو أن تقرأوا المانشيت مجدَّداً «مواجهات في الخرطوم» بين أنصار أطور والحركة الشعبية لتحرير السودان.. ويقول الخبر إن منطقة السلمة جنوبيالخرطوم شهدت مساء اليوم السابق مواجهات مسلحة بين أنصار جورج أطور زعيم الثوار الذي قُتل خلال الأيام الماضية وبين بعض الخلايا النائمة المنتمية للحركة الشعبية حيث قام الثوار التابعون لأطور بمهاجمة خلايا تابعة للحركة الشعبية في نادٍ للمشاهدة بالسواطير ووَقَع إطلاق نار مما أدى إلى هلع وسط المواطنين وحوادث مرورية بين السيارات في الطريق العام!! وأكَّد الخبر الناطق الرسمي باسم الشرطة اللواء السر أحمد عمر!! لقد بُحّ صوتُنا من تكرار أن الحركة الشعبية لتحرير السودان تظلُّ هي المهدِّد الأكبر لأمن الشمال واستقراره من خلال العمل المسلح الذي نراه رأي العين في تمرد الجبهة الثورية السودانية التي تضم كل المتمردين من دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق وهي ذات الجهات التي تحدَّث عنها سلفا كير في خطاب تدشين دولته الجديدة في حضور الرئيس البشير والتي يسمِّيها عرمان بالجنوب الجديد المكوَّن من دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان وكذلك من خلال الخلايا النائمة في الخرطوم وفي الشمال بأجمعه مما رأينا نُذُرَه في المواجهات التي جرت في قلب الخرطوم واعترف بها الناطق الرسمي للشرطة. الحركة الشعبية تُصرُّ على أن تحتفظ بذات الاسم الحركة الشعبية «لتحرير السودان» أيُّ سودان تُصرُّ الحركة على تحريره حتى بعد أن ذهبت بدولتها؟! أليس هناك سودان واحد في هذا الكون؟! ثم لماذا سمَّت الحركة دولتها الجديدةبجنوب السودان وتخلَّت عن شعارات الانفصاليين الجنوبيين منذ أقري جادين وجوزيف أدوهو اللذين ظلا يردِّدان اسم «دولة الأماتونج» منذ خمسينات القرن الماضي؟! إنها تسعى لتحرير السودان الشمالي من خلال مشروع السودان الجديد العنصري الاستئصالي بحيث تكون دولة جنوب السودان هي الجنوب الجغرافي للدولة المحرَّرة!! بالله عليكم من يُقنع قبيلة النعام أنه ما من خيار غير اقتلاع الحركة الشعبية من الحكم في جنوب السودان خاصة وأن الأرض تمور تحت أقدامها وأن بيتها أوهى من بيت العنكبوت... من تراه يُقنع الحكومة أن تحرير جوبا ينبغي أن يسبق تحرير الجيوب التي لا تزال تحت قبضة عملائها في جنوب كردفان والنيل الأزرق الحلو وعقار وعرمان؟! من تراه يُقنع المنبطحين في المؤتمر الوطني أن الوجود الجنوبي في الشمال يشكِّل خطراً داهماً على الشمال من خلال الخلايا النائمة والمستيقظة التي كشفت عنها أحداث السلمة التي اعترفت بها الشرطة؟! من تراه يوقف عطاء من لا يملك لمن لا يستحق وأعني به تمديد الوجود الجنوبي في الشمال المرة تلو الأخرى رغم الأخطار التي يشكِّلها ورغم مُخطَّطات دولة الجنوب التي تدَّخر ذلك الوجود لاستخدامه عند اللزوم في إطار مخطَّط الجبهة الثورية التي لم تنسَ ما فعلته الحركة الشعبية يوم الإثنين الأسود وكذلك ما فعله خليل عند غزو أم درمان؟!